عبير النحاس
بدأت  تلك القصَّة عندما قُمت  بقراءة السيرة النبوية الشريفة  , و لم تكن طريقَتي في القراءة عاديَّة بالطَبع , فقد كنت أقوم بجمع تلك القِصص التي حدثت بين النَّبي( صلى الله عليه و سلم )و زوجاتِه (رضي الله عنهن جميعا)  , و التي تُشير بوضوحٍ إلى جميل ما كان يحدُث , و إلى تلك العلاقات الرائعة التي تربط  بين أفراد تلك العائلة السعيدة  , و كنت أُضيف إليها بالطبع قصص زوجاتِ الصحابةِ الكرام , و طريقتُهنَّ في إدارة حياتِهن , و قد وجدت الكثير  من  حقوقي  التي كان المجتمع و العُرف قد غيَّبها عني , و لكن بالتأكيد  كان هناك من يستغرب و يتعجَّب من تلك القصص حينما أرويها .
فمنذ مدَّة خطر لزوجي أن يقومَ بفتحِ باب السيارة قبل صعودي  كنوعٍ من أنواع ِ المعاملةِ الحسنة ومن الودِّ و التقدير , و كان وقتها سعيداً جدا لسببٍ ما و هو الأمرُ الذي دفعهُ لأن يتصرَّف بهذا الشكل الغريب و الجديد بآن معاً , و لا أُخفيكم فقد  سررت كثيراً وقتها و ابتهجتُ للفكرة , ولكن  لم تكد تمضي بضع دقائق من مشوارنا حتى بدأ بمحاولة استرداد ثمن فعله اللطيف بأوامر لا تنتهي  ,  و بدأ يذكِّرني  بأنه فتح الباب خاصَّتي , فقلت معلِّقة  :
-   ما فعلت بعد شيئا يا عزيزي , فقد وضع النبي الكريم ( صلى الله عليه و سلم) ركبته الشريفة على الأرض لتدوس إحدى زوجاته على رجله و تصعد نحو الناقة , و وقف طويلا عندما كانت السيدة عائشة تستند على كتفه لتتفرج على الحبشة و هم يلعبون , و قد سابقها و هو عائد متعب من معركةٍ و سفرٍ طويلٍ  ليسعدها فقط , و أرسل جيشا بكامله للبحث عن عقدها ,  و لكنه لم يمنَّ بجميل أعماله كما يمنُّ بعض الأزواج .

صمتَ زوجي مُخفيا ابتسامتَهُ ,  ووجدته في المساءِ يبحث في الشبكةِ العنكبوتية ِعن سيرةِ النبي الكريم (صلى الله عليه و سلم) مع نساءهِ .

و حدثَ أن خاصمتهُ يوما لإهماله طلباتي , و كنت قد ألحَحْت عليه بها مدَّة , فما كان منه إلا أن راحَ يذكِّرني بعقوبةِ من تؤذي زوجها و تخاصِمُه و تهجره  فقلت بثقة :

ما زِدت على ما فعلتْهُ نساء النبي (صلى الله عليه و سلم) في بعض الأحيان , و ما فعلَته السيدة عائشة و قد خاصمته يوما ثم  قبِلت بوالدِها حكماً بينهُما , و  كان بأبي هوَ و أمّي أحنَّ عليها من أَبيها ( رضي الله عنه ) حتى عِند الخِصام . و قد فعلَتها زوجة الخطَّاب بل و رفعَت عليه صوتَها فاحتَملها (  رضي الله عنه )  بحبٍّ و قناعَة .

و صبَر تلميذُ مدرسةِ النبوَّة يومَها حتى طابَ خاطري و قبِلت العُذر .

و دخَل مرَّة غاضِبا عندما وجد قميصاً يحتاجُه  غيرَ مَكوي , و هذا يعني في عُرفِ عائلتِه  و عائلَتي إهمالاً عظيماً في حقِّ الزوجِ لا يُغتفر و قد كان ردي وقتها:

-   و ما المانِع من أن تكويه بنفسِك يا عزيزي  , فقد كان النبي (صلى الله عليه و سلم) يرفُو ثوبَه , و يخصِف نَعْله , و يحلِب شاتَه , و يكنس بيتَهُ , و كان في مِهنة أهله .

و لم يقم زوجي بكيِّ القميص بالطبع,  و لكنه كان ممتنا جدا لأنني خلَّصته من تلك المهمة ,  و قدَّمت له تلك المَعلومة .

اقتنع زوجي بكل ما أخبرته به ,  و مع هذا فما زال يرى أنَّ تطبيق قصص السيرة النبوية الشريفة يجعلنا مدللات أكثر من اللازم ,  أما عن أزواجكن فأرى أنَّ عليكنَّ أن تحكينَ  قصص السيرة  لهم بطريقة أو بأُخرى ..  ليكونوا تلاميذَ نُجباء في هذه المدرسَة الراقية,  فتسعدن و أنال كريم دعواتكن.

رسالة المرأة

JoomShaper