لانا الظاهر

تشكو أمهات من تدخل الحموات في كل صغيرة وكبيرة , والشكوى الأبرز «حماتي تتدخل في تربية أبنائي بما لا يتفق مع طريقتي» أو «هي تدللهم كثيرا, فتفسد قواعد ضبطهم التي نحاول تعويدهم اياها» .
والخلافات بين جيل الأجداد وجيل الآباء حول كيفية تربية الطفل ،   تعيشها كل الاجيال ,فالأجداد يعتتقدون ان كل زمان هو زمانهم ,والطرائق  لم تتغير ,وهذا ما وجدوا عليه اباءهم ويحبون ان تستمر المعادلة ,فيما  الأبناء يرون الحياة من منظار مختلف.
والاتهامات في الاتجاهين فاجداد يتهمون الآباء بالعصبية والقسوة وآباء يتهمون الأجداد بالتدليل الزائد وبعدهم عن التربية الحديثة والأطفال  حائرون هل يطيعون آباءهم أم يختفون باكين وطالبين العون في أحضان  جداتهم.
البعض يشتكي من أن الجدة تتدخل بسبب حبها للأحفاد فتتسبب في  دلالها الزائد لهم أو في كسر بعض القوانين التي يسنها الأبوان وفي  المقابل فإن الجدة أيضاً تنتقد أسلوب الوالدين في تربية أحفادها.
وتقول الجدة أم سعيد أن أحفادها  «قطعة من كبدها ولها الحق في  تربيتهم كما ان على الاباء ان يعطوا هذا الحق لها «.
وحسب تعبيرها  «هم حصاد العمر وليس من حق الاباء ان يحرموا الاجداد  من المشاركة في تربيتهم»   
و تحصل مشاحنات بين الاباء والاجداد على طرق  التربية التي ينتهجها الاباء مثل ضرب الابناء بقسوة امام الاجداد ويقول  الجد إحسان إبراهيم  لا اقبل ابدا ان يضرب احفادي امامي فهذه تثير في  نفسي الالم وعلى ابنائي ان يعرفوا ان للاجداد خبرة في طريقة التربية  ويجب ان نتفق او نتفاهم على طريقة معينة بحيث ننشئهم بصورة صحيحة  وبعيدة عن التشنج الذي ينتج عنه تضارب الاراء حول تربيتهم.
وكما يقول الجد أبو وليد   « الاحفاد اغلى من الاولاد « وان  ابن ابني هو اغلى من ابني على قلبي وانه جزء لا يتجزأ من روحي وكياني  واصبح قطعة مني فعليه لا استطيع ان امنع نفسي من التدخل في تربيته  فامتع الاوقات هي التي اقضيها معه في تعليمه ان يلبس ملابسه او يلعب  بلعبه او ان احكي له قصة وآخذه معي في جميع زياراتي».
وتقول ام عبد الرحمن -الحاجة خديجة -أحين تجتمع العائلة في بيت جدهم  للاحفاد الحرية الكاملة ولا يستطيع احد ان يمنعهم من اللعب  ولا اقبل توبيخهم امامي فانا انتظر الساعة التي يأتون ويملؤون البيت  بالفرح والمرح «وما أعز من الولد إلا ولد الولد».
وتوضح الام اسماء عبد الفتاح ولديها أربعة أطفال  ان اجداد اولادها يتدخلون في التربية  وهذا في بعض الاحيان يشكل مضايقات قد يسفر  عنها تنشئة فيها دلال زائد ويبدأ حينها الطفل بالتمرد على الابوين  ويطلب حاجات او اشياء فيها مبالغة بسبب هذا التدليل ولا اعترض على هذا  التدخل لكن اريد ان يفهم الاجداد انهم يجب ان يتدخلوا بما فيه صالح  الاولاد ولان الطفل  ذكي , فيبدأ بالتذمر واستغلال هذا العطف والحنان  من قبل الاجداد.
ويقول أخصائي علم النفس الدكتور عاطف شواشرة ان الأطفال يحتاجون منذ  ولادتهم إلى الحب والحنان من قبل الآخرين وخاصة الوالدين ومن يحيطون  بالطفل من أقاربهم كالأجداد، وهذه العلاقة العاطفية لها انعكاساتها  المستقبلية على شخصية الأطفال.
ويشير إلى أن  العلاقة القوية المميزة لها ثلاثة مستويات فإما أن تكون  قوية جدا  بحيث تولد شخصية اعتمادية واتكالية لدى الطفل فيصبح غير  قادر على التكيف في حالة الانفصال عن الوالدين ويصاب بالانهيار العاطفي  ويفشل في اقامة علاقات اجتماعية سوية مع الآخرين، وإما أن تكون العلاقة  ضعيفة جدا بحيث لا يكون لوجود الأب او الأم أي قيمة بالنسبة للطفل وهذا  يقود إلى البرود العاطفي وإلى بحث الأطفال عن مصدر آخر للحنان كما يحدث  لدى بعض الآباء والأمهات المنشغلين عن آبنائهم باستمرار.
ويشير إلى أن الأسر الممتدة يعيش الجد والجدة فيها ضمن محيط العائلة  ويكون لهم تأثير واضح على شخصية الاحفاد فمن ناحية يكون لهم تأثير إيجابي بتعويض نقص الحنان في حالة غياب الأب أو الام نتيجة السفر أو   أوالانشغال، وبهذا يصبح  الاجداد بديلا مناسبا لتعليم الأطفال القيم  ومعايير المجتمع والحياة.
ويوضح  التأثير السلبي على شخصية الأحفاد فالاجداد كثيرا ما يكسرون نظام التربية المحكم الذي يحاول الآباء فرضه على  الاطفال والمراهقين كنظام المصروف اليومي فتجدهم كثيرا ما يزودون  الأحفاد بالمال الذي قد يصرف بطريقة خاطئة دون علم الآباء والأمهات،  كما أنهم كثيرا ما يتدخلون بالشفاعة للأطفال في حال تكرار أخطائهم  ومحاولة الآباء ايقاع العقاب عليهم، وهذا التناقض بين الشدة المشفوعة  باللين يولد مشكلات كثيرة في شخصيات الأطفال وفي حالات معينة يصبح  الأطفال لا أباليين بتعليمات والديهم استنادا لثقتهم بدفاع الأجداد  عنهم.
ويؤكد على  أن الفجوة الثقافية بين الأجيال قد تحدث مشكلات كثيرة في  بناء الذات لدى الأحفاد وخاصة عندما يغرق الأحفاد في بيئة الجد  والجدة ويعيشون معهم لفترات كثيرة فتجدهم يتقمصون شخصية أحدهم بما  تنطوي عليه من مفاهيم وأنماط سلوكية قديمة قد لا تكون مناسبة من وجهة  نظر المجتمع لشخصية طفل أو مراهق يعيش ضمن متطلبات حضارية واجتماعية  واتيكت محدد.  وينصح شواشرة الاجداد بأن لا يفرطوا في الحنان ومراقبة سلوك   الاطفال عندما يلجأون اليهما هربا من الاباء، فقد يكون الدافع هو مجرد  عناد أو السير نحو ارتكاب اخطاء في حياتهم. ويقول على الأباء أن يشرحوا  للجدأو الجدة، بطريقة هادئة، أن التدليل الزائد سيعلم الأحفاد المراوغة  في التعامل، والبحث دائما عن طرق سهلة وملتوية.

 

جريدة الرأي

JoomShaper