عبدالكريم الملا
عندما يصر أحد الطرفين على الطلاق وتتفاقم الأمور وتنسد الأبواب والنتيجة أصبحت محسومة، فمن الصعب تدارك الأمور خصوصا إذا وصل الموضوع إلى باب مسدود، فيأتيه شعور بالإحباط والضيق فقد عاش عمراَ طويلا مع هذه الأسرة هذه زوجته كيف يفارقها "وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ" وكيف يفارقها "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ" فقال بعض أهل التفسير: هن فراش لكم وأنتم لحاف لهن، كل هذه المعاني الجميلة قد انتهت. وفوق ذلك فرحة اللقاء مع الأبناء والجلوس معهم تحت سقف واحد صار من المستحيل.
فما هو العمل؟
هل هناك أمور نقوم بها في هذه اللحظة الأخيرة؟ نعم هناك أمور لا أقول من بطون الكتب لا بل من واقع الحياة وإليك هذه النقاط:
1 ـ مدى قناعة الشخص بحل المشكلة، فالقناعة تزداد بمدى تعلق المحبوب بالمحب، فكلما زادت المحبة زادت القناعة بعدم الطلاق، فإذا تمكنت محبة الزوجة من قلب الرجل لا شك أنه يضحِّي بكل ما يملك، وكذلك محبته لأفراد أسرته، فحبك بأن تعيش مع ابنائك وتوفر لهم البيئة المناسبة والحياة الآمنة هدف لا يتحقق إلا بالاستقرار الأسري والزواج السعيد. وقد يصر البعض بعدم الطلاق ليس حبا لزوجته أو أبنائه بل رغبة في الحفاظ على حياته الاجتماعية وصورته أمام الناس.
2 ـ خذ بزمام الأمور: أن تكون أنت صاحب المبادرة وأن تحمل قيادة الموضوع لا تشير للطرف الآخر، لماذا لا يبادر؟ لماذا لا يتنازل قليلا؟ فتذكر أنت قائد الموقف وأنت صاحب المشكلة فإدارة الحب تختلف عن الإدارات الأخرى، إدارة تتميز بالعاطفة القوية وبالتفاعل بين الطرفين والشعور بمشاعر الآخرين. إدارة تشاركية تشاركهم في جميع الأمور، في قاموس الحب ليس هناك رجل وامرأة، بل هناك الرأي الذي نتفق عليه والأقرب إلى قلوبنا ويناسب أوضاعنا.
3 ـ الإخلاص لله تعالى: إن المقبل على هذه الأمور لابد أن يكون مخلصا لله تعالى فالمعين هو الله، وقد يقوم أحد الطرفين بمجهود مضاعف لإرجاع زوجته، ويتنازل عن بعض الأمور. فإذا قام بهذه الأعمال ونيته لله فلا يمن عليها، ويجعل عمله لله فلا يشعر بأي خسارة من وقت أو مال أو جهد لأنه لله تعالى فلا يضيع من عمله شيء.
4 ـ إعطاء الحقوق لأهلها: في كثير من الأحيان يصل الإنسان إلى مرحلة الطلاق ومن أسبابها تجاهل حقوق الطرف الآخر، فيأخذ الرجل أموال زوجته أو بعض من عقاراتها ثم يطالبها بالحب وعدم الطلاق... فالبداية هي إعطاء الحقوق بدون أي تردد... فلابد من إرجاع الحقوق أولا بأول، والتردد في ذلك دليل على عدم الجدية في عدم مصداقية الرجل في إرجاع زوجته.
5 ـ الرغبة في التنازل: إذ بينت الدراسات أن 81 % من أسباب الطلاق عدم تنازل الزوجين لبعضهما البعض. فتأمل حال الرجل الذي يشترط أموراً معينة مثل ترك العمل، وهي متمسكة بالعمل بسبب عدم الشعور بالأمان من قبل الزوج أو تقصير من قبله على مصاريف المنزل، أو المطالبة بأمور بحجة أنه رجل البيت ولديه القوامة. لذلك لابد من التنازل، فإذا لم يحقق التنازل في هذه المرحلة متى يتنازل، فإرجاع الأمور إلى نصابها حتى تستقيم الأمور وترجع الأسرة إلى ما كانت عليه.
6 ـ مراجعة الأحداث: لا بد لنا في هذه الحالة أن نراجع أمورنا والأحداث التي تجري حولنا، واسلوب حديثنا مع بعضنا البعض وأسلوب تعاملنا، وعطائنا وأخذنا، وتربيتنا للأولاد، وكم من الوقت نقضي مع أزواجنا وأبنائنا.
7 ـ التوجه إلى الله بالدعاء والصلاة والصدقة، لأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فندعوا الله أن يصلح لنا الأمور ويغير من حال إلى حال وأن يصلح القلوب ويخرج ما فيها من كراهية وبغضاء، ويعمرها بالحب والاحترام والتسامح.
عندما يتعذّر الصلح
- التفاصيل