د. عادل رشاد غنيم
((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ- وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)) كلمات نبوية تقول بكل وضوح : البيت مسئولية جميع ساكنيه, نعم فليس طرف بعينه هو الذي يتحمل كل الأعباء, وعندما نتقاسم المسئولية سيتمكن كل منا من أداء دوره فيها على أحسن وجه.
أين بيوتنا من تحمل المسئولية ؟
نستطيع من خلال كم الشكاوى التي يتداولها الناس في مجالسهم أو عبر المنتديات أو يرفعونها في الاستشارات الأسرية أن نسجل قائمة طويلة من تذمر زوج أو زوجة أو أب أو أم أو ابن أو ابنة من غياب الإحساس بالمسؤولية, ومحاولات البحث عن الأعذار ولوم الناس ولوم الأشياء وننسى أننا في كثير من الأحيان نكون جزءا من المشكلة .
ويمكن أن نقرأ بوضوح من خلال أسطر الجرائد ووقائع الأحداث في العالم من الانحرافات، الجرائم، حوادث الطلاق المستمر، الولع الجنوني بالتفاهات لنجد فيها أمارات عدم الإحساس بالمسئولية .
و البيت هو أفضل بيئة لغرس روح المسئولية, وإذا كانت المسئولية لها ارتباط بالعقود والمواثيق فلنتذكر أن الأسرة بدأت بعقد سماه القرآن (ميثاقا غليظا) وهو تعبير استخدمه القرآن في حديثه عن الأنبياء لاحظ الآيتين التاليين:{وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (21) سورة النساء وقوله تعالى : {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (7) سورة الأحزاب
وبنود هذا الميثاق الأسري ليست مكتوبة في العقد لكنها متعارف عليها، ونص عليها الكتاب والسنة ..ولابد من الوفاء بهذه البنود من كلا الطرفين, لا سيما الرجل بحكم قوامته الزوجية والتربوية( إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ) كما جاء في الحديث الصحيح .
وما دام الأمر كذلك، فلنسأل أنفسنا قبل أن نسأل ..
لا بد لكل شخص من أن يطرح السؤال على نفسه فيما إذا كان موافقاً على أن يتعامل ويفكر ويتصرف أفراد أسرته بالطريقة نفسها التي يفكر ويتصرف هو نفسه بها!! وما هي عواقب مثل هذا النوع من التفكير والتصرف على سعادة الأسرة واستقرارها ؟
ويجب عليه ان يدرك تماما ان الحياة الانسانية هي حالة ممتزجة من العطف و الاهتمام والمشاركة الوجدانية والعاطفية ...
إن تحمل المسئولية هدف تربوي عظيم على البيوت أن تضعه نصب أعينها لتخرج الإنسان المسؤول الذي يؤدي عمله بانتظام، ويضطلع بالتزاماته دون حاجة إلى رقابة من الآخرين .
وعندما ننظر في وصية لقمان لولده نجد انها تضمنت أهم ثلاث طرق لتحمل المسئولية في قوله تعالى : «يَابُنَيّ أَقِمِ الصّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىَ مَآ أَصَابَكَ إِنّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمور» سورة لقمان الآية : 17
1) الصلاة : اجعل من تعويد ولدك على أداء الصلاة فرصة لتنمية روح المسؤولية, فالصلاة أسلوب عملي مباشر يعلم الفرد الالتزام بالنظافة والمواعيد، واحترام النظام بلا رقيب قانوني إلى جانب وظائفها الكبرى في تنمية الوازع الديني .
2) النصيحة : شجع ولدك على أن يقوم بدوره في تقديم النصح للآخرين بتلطف، و مساعدتهم في حل مشكلاتهم في محيط الأسرة أو المدرسة أو الأصدقاء .
3) الصبر : عزز قدرة ولدك على الاحتمال, والصبر على تبعات مهامه فذلك علامة النضج وشأن أصحاب العزائم .
من المهم أن نشجع قدرة ولدنا على اتخاذ القرار, في اختيار ما يخصه، وأن يكون له بعض المهام الأسرية في خدمة الأسرة، إلى جانب واجباته الدراسية .
و لا تنس القاعدة الذهبية في تعليم المسئولية وهي (لا تفعل لولدك ما يستطيع هو القيام به).
بيوتنا إلى أين؟ (المسئولية)
- التفاصيل