وليد السليم
(ساعة صفاء.. مكان هادئ.. كوب من مشروب ساخن.. قطعة من الحلا.. أشياء تكلف القليل ولكنها حتماً ستشعرك بشيء من الرفاهية وستعينك على إيجاد نفسك الضائعة وسط معترك الحياة. دلل نفسك فهي أولى بالدلال).
هذه الرسالة القصيرة المعبرة التي كتبها أحدهم في مجموعة زملاء العمل على الواتس اب وجدت احتفاءً غير مسبوق من الجميع.. أما لماذا كانت الرسالة مهمة في هذا التوقيت؟ ولم وجدت هذا الاحتفاء؟ فهو ما سأحاول أن ألقي الضوء عليه في السطور المقبلة.
إن الرسالة رغم حروفها المحدودة وكلماتها القليلة تحمل مضامين عميقة تدور في إطار جميل ونسق أجمل وهو ما أسميه (صناعة السعادة).
ولو تأملنا واقعنا بنوع من الشفافية فإننا -ولوقت طويل- نلحظ أن مساحة الحزن لدينا تطغى على مساحة الفرح ولا أدري ما السبب؟!، لكننا بالتأكيد نخفق دائماً في صناعة السعادة لأنفسنا ولمن حولنا وهذه حقيقة مهما حاولنا تجاهلها.
ولا أعلم واقعاً ما هو وجه الارتباط والشبه حين نتحدث عن السعادة فنربط ذلك بالتكلفة المادية العالية التي تتطلبها صناعة السعادة بينما في حقيقة الأمر بإمكاننا أن نصنع سعادة لا تقدر بثمن بأشياء بسيطة ومتاحة وفي متناول اليد، وفي المقابل ربما ننفق أموالاً طائلة لنصنع السرور لأنفسنا ولمن حولنا فتأتي النتيجة عكسية تماماً.
من المؤسف أن عدداً غير قليل من الآباء يذهبون مع أسرهم في رحلة قصيرة أو ترفيه بسيط فيبدو عليهم الضيق والضجر فتتحول هذه النزهة الاستثنائية إلى شجارومن أوجه السعادة اللافتة التي يصنعها بعض الآباء أنك ترى في فصل الشتاء وتحديداً في مساحات الصحراء القريبة من الطرق الرئيسة خارج المدينة من يدخل بسيارته إلى موقع آمن وفوق (طعس) من الرمال أو بجواره يفرش سجادته وينزل أغراض الشواء والمشروبات الساخنة فيقضي نهاره وجزءا من الليل في ذلك المكان فيعيش مع أسرته لحظات لا تنسى من الأنس المسكون بالمتعة والروعة، وهذه صورة جميلة وبسيطة من صور صناعة السعادة يعود بعدها هو وأهله وهم في غاية الفرح بعد تغيير أجواء البيت الرتيبة المملة.
وأزعم أن ثمة أنانية مقيتة لدى كثير من الآباء سببت وكونت للأسف الشديد هذه المشكلة الدائمة التي تمنع مثل هذه المبادرات الأسرية الجميلة فكثير من الآباء يحرص على أن يرفه عن نفسه مع أصدقائه وخاصة في الاستراحات وفي السفر بيد أن الدنيا تقوم ولا تقعد حين تطلب أسرته منه يوماً واحداً في الأسبوع أو حتى في الشهر يرافقهم فيها إلى مكان يروحون فيه عن أنفسهم يبدلون ويغيرون فيه من حياتهم الكربونية القاتمة.
ولم يعد غريباً أن نرى أسراً تتحرك في المنتجعات والأسواق والمطاعم في الإجازات الأسبوعية والسنوية دون وجود رب الأسرة في صورة بائسة من صور العقوق الأبوي تجاه الأسرة التي هو مسئول عنها وعن جميع أحوالها وشؤونها.
ومن المؤسف أن عدداً غير قليل من الآباء يذهبون مع أسرهم في رحلة قصيرة أو ترفيه بسيط فيبدو عليهم الضيق والضجر فتتحول هذه النزهة الاستثنائية إلى شجار ومشكلة شائكة فتعود الأسرة وهي تنوء بحمل مشكلة جديدة تضاف إلى الرصيد بدل أن يتم فتح صفحة جديدة مفعمة بالمحبة والمودة بين أفرادها.
كتبت إحداهن في تويتر (كوب من القهوة.. وقطعة من الحلوى.. وكتاب.. في إشراقة يوم جديد تصنع لي من السعادة ما لا يمكن وصفه).
إنني أشارك الزميل وهذه المغردة دعوتهما الإنسانية المسكونة بالفرح وليس شرطا أن نستنسخ تجربتهما فلكل منا أرقام سرية نفتح بواسطتها خزانة أرواحنا المنهكة لكي تقبل بانشراح على الحياة بكل فرح وبهجة.
اصنعوا السعادة لأنفسكم ولأسركم فالحياة أقل من أن نغطيها بطلاء أسود يضفي عليها المزيد من الكآبة والحزن.
آباء أنانيون ومخفقون في صناعة السعادة
- التفاصيل