محمد الدعجة
من شأن السكن والمودة بين الزوجين أن يتصف بالديمومة والثبات والاستقرار ، لكن مع فقدان الوعي وارتفاع الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية يبقى ذلك السكن أملاً وحلم يسعى لان يكون قيد المنال ، إذ من شأن تلك الضغوط أن تزعزع استقرار الأسرة ،وتقتحم عليها ذلك الهدوء.
ومن اجل حل المشكلة التي تواجه الزوجين لا بد من الشعور بها أولاً ، فإدراك المشكلة ، والبحث عن أسبابها يعتبر نصف الحل ، كما أنه لا بد من المصارحة بين الزوجين ، فهي أساس الثقة .
فإذا تمت معرفة الأسباب ، ومراجعة الحقوق والواجبات في حوار هادئ أمكن حَلّ المشكلة وتجاوزها ، وليحذر الزوجان "الإدانة" بحيث يسعى كل واحد منهما إلى إدانة الآخر ، لأن ذلك ربما يولّد النقمة والحرص على تَلَمُّس العثرات .
كثيراً ما تشكو الزوجات من انهماك أزواجهن في العمل ، وربما يعود ذلك إلى أن بعض الأزواج يحبون فكرة "الزواج" أكثر مما يحبون "معناه" وما يشتمل عليه من حقوق وواجبات ، أو يكون الزواج طموحاً يسعى إليه الرجل ، فإذا تحقق ذلك الطموح ملَّه وسعى للابتعاد عنه، وعاد كما لو أنه ما زال يعيش فرداً وحيداً ، أو ربما لأن العمل يشعره بالرضا عن نفسه ، ويولّد عنده الثقة بالنفس أكثر مما يولّدهُ عنده السَّكن العاطفي بوجود العلاقة الزوجية ، وربما لأن عمله يسبب شعوره بالاقتدار والسيطرة أكثر مما يشعر بذلك عندما يرتبط بزوجة ، فإن كثيراً من الرجال لا يدركون أن التعلق العاطفي لا يبدأ إلا بمعزل عن السيطرة ، فالسيطرة تكون في عالم الأشياء ، والتعلق العاطفي والمودة تكون في عالم الأشخاص ، والخلط بين العالمين يسبب مشاكل كبيرة.
وثمة مسألة ذات أهمية كبير ، وهي أن كثيراً من النساء ، وبعض الرجال يفرطون في تعلقهم العاطفي بأزواجهم مما يشكل عبئاً كبيراً على المتعلَّق به أشبه ما يكون بالحصار العاطفي ، فيشعر الزوج بالضيق ، ويتململ من تلك الحالة فيسعى إلى الانشغال عنها والهروب منها ، لأن الرجال لا يتحملون المرأة المفرطة في التعلق العاطفي بزوجها ، وكذالك النساء مما يؤدي الى النفور.
وهذا التعلق المفرط له أسباب كثيرة منها أن لا يكون للمرأة صديقات يتقاسمن مع الزوج تلك العاطفة الفيَّاضة التي يفيض بها قلب المرأة ، وقد يكون سبب ذلك الفراغ الذي تعاني منه المرأة إذا لم يكن لها ما يشغلها ، وخاصةً إذا لم يكن لديها أطفال ، مما يجعل الزوج شغلها الشاغل ، ومن ثمَّ وجب على المرأة أن يكون لها اهتمامات متنوعة تحرص من خلالها على تحقيق وجودها المنفصل عن زوجها بصفتها فرداً له كينونته ، مكمِّلاً للزوج وليس متناحراً معه....
لا بد من الألفة بين الزوجين حتى نستطيع التغلب على المشاكل الزوجية.
صحيفة السوسنة الأردنية