عبدالله العييدي
"تظن بعض الزوجات أن زوجها قد تغيرت مشاعره تجاهها أو العكس، والحقيقة هو أن السبب الأساسى هو أن الرجل يحتاج أن يتصرف وفق طبيعته كرجل كما تحتاج المرأة أن تتصرف وفق طبيعتها كامرأة، ومن الخطأ أن ينكر أحدهما على الآخر هذا الحق - كما ننكر على أبنائنا أن يتصرفوا كأطفال، أو ننكر على كبار السن أن يتصرفوا ككبار سن، أو ننكر على الزعماء أن يتصرفوا كزعماء - يحدث كثيراً أن يعجز الواحد منا أن يستمر في تمثيل النفاق لفترة طويلة، فيعود للتصرف على طبيعته، فلا يفهم الطرف الآخر فيظن أنه تغير فتحدث المشكلة، هذا مايـُسمى - قصـّة عقلين - "
وهذا هو العنوان الذى اختاره - مارك جونجور - كاتب ومحاضر وموسيقي أمريكي – قدّم من خلال هذا العنوان محاضرة جماهيرية مفتوحة، قام بصياغتها بقالب كوميدي بالغ الروعة والإدهاش، وحضر هذه المحاضرة المفتوحة، عدد كبير من المتزوجين تحديداً، فضلاً عن عامة الناس الذين تستهويهم مثل هذه المحاضرات الجماهيرية، وأكد في محاضرته تلك، أن الخلاف بين الرجل والمرأة هو خلاف فطري، ولايمكن علاجه بالطـُرق التقليدية، بل وأكثر من ذلك، في أن يـُسلـّم كل طرف بخصائص الطرف الآخر، وليس للدين أو التربية أو الثقافة أي دور في تفعيل أو إلغاء هذا التفكير.

إن المـُشكلة التي تواجهنا هي كيف يـُفكـّر الآخر..!؟ وكيف يتعامل مع الإشارات والعبارات الصادرة منه/منها وقد قال " وليم جيمس (1842 - 1910) فيلسوف أمريكي ومن رواد علم النفس الحديث – إذا التقى اثنان، فإن الموجودين في الواقع هم ستة أشخاص، فهناك كل شخص كما يرى نفسه، وكما يراه الآخر، وكما هو بالواقع " فـ..بالتالي تكون قراءة الأفكار محل إعادة نظر ومحل اهتمام الأطراف المتحاورة، خاصة إذا تأكدنا بأن المرأة تتعامل مع محيطها كاملاً بطريقة " شبكية " – كما يفيد جونجور – ولو دققنا في ذلك لوجدنا أن جزءاً كبيراً من ذلك ينطبق على المرأة بكافة مراحل عمرها، فهي من الممكن أن تتحدّث معك وبيدها الهاتف وتشاهد التليفزيون وتلاحظ طفلها الدارج على الأرض، كما أن المرأة أيضاً لديها قدرة تحليلية فائقة تفوق الرجل بمراحل كثيرة.

إن العلاقات الإنسانية خاصة تلك التي تـُبنى على طرفين متناقضين، تحتاج منـّا الكثير من الوقوف عندها، فكيف بإلغائها تماماً ..! وهذا مايحدث للأسف لدى غالبية شعوبنا، هذه الشعوب التي انكفأت على ماهو أهم وهو توفير القدر الكافي من متطلبات "المرأة " وفي ذلك محاولة لإرضائها ولن يستطيع الرجل في ذلك، والسبب أن المرأة لايهمها مايـُقدّمه الرجل بقدر مايهمـّها طريقة التقديم، تسعد بزهرة تـُقدم لها بطريقة شاعرية، وتنزعج من هدية يـذكّرها بها الرجل كل حين..!! بساطة المرأة هي في تفاصيلها التي لو أمسكنا بخيوطها لوجدنا أنها أقل تكلفة على الرجل "مادياً ومعنوياً" وبنهاية المطاف سيسعدها بطريقتها هي ليس بطريقته هو.

يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام واصفاً العلاقة بين الرجل والمرأة "رفقاً بالقوارير" – وهنا الحديث موجـّه للرجال في معاملة النساء، وما أجمله من وصف، يحمل معانيَ كثيرة من المودة والرحمة والجمال والبسمة، ويصف هذه العلاقة " بأخطر مادة " ألا وهي " القوارير" فكما هو معروف أن صفة "الزجاج" - إذا افترضنا أن القوارير من زجاج – يخدشها أقل الأشياء، وبشفافيتها تستطيع أن ترى مابداخلها وتتعامل معه، ولايمكن تناولها وحملها وتحريكها إلاّ برفق ولين، لأن كسرها لاينجبر ويؤلمنا وربما يجرحنا.

جريدة الشبيبة


JoomShaper