البريق العابر
الأمومة تعني تحمل مسؤوليات وواجبات لا تنتهي، وسواء كنت أم جديدة أو كان لديك العديد من الأبناء فإنك بكل تأكيد تستشعرين في كثير من الأحيان أن هذا الجبل الشاهق من الضغوط اليومية الملقاة على عاتقك، لن يمكنك أن تتخلصي منه مهما حاولت.
وبدلاً من أن يكون همّك الشاغل وهاجسك الملح على تفكيرك طوال الوقت هو كيفية التخلص من ضغوط الأمومة ومشكلاتها يجدر بك البدء في تعلم كيفية التعايش مع الإرهاق الناجم عن الوفاء بمسؤوليات وواجبات كونك أمّا.
وحتى تدركي مدى أهمية تحقيق هذا الهدف عليك أن تتذكري أن إهمال التعامل مع حالة الإرهاق الناشئة عن الأمومة خطأ كبير، وقد يؤدي إلى إجهاد نفسي وجسدي ملحوظ.
اعلمي أيتها الأم أن من أهم العوامل التي تعينك على التغلب على الإرهاق الذي تسببه مسؤوليات وضغوط الأمومة، طلب الاستشارات والمعاونة من المتخصصين في مختلف المجالات المتعلقة بهذا الدور الاجتماعي، إضافة إلى ضرورة الحصول على هامش من الوقت الذي تستطيعين فيه الاختلاء بنفسك وممارسة هواياتك واهتماماتك المفضلة فضلاً عن الاحتفاظ بالثقة الكاملة في قدراتك وإمكانياتك ومواهبك التي تمارسين من خلالها واجباتك كأم.
الأم في هذا الزمن تكون قد نشأت منذ طفولتها على معانٍ راسخة تنمو داخلها بشكل تدريجي من أهمها أنها لا يحق لها أن تشعر بالضغط أو الإرهاق مهما زادت الأعباء الملقاة على عاتقها وإلا اتهمت بأنها غير جديرة بنعمة الأمومة أو تتهم بأنها إنسانة غير مسؤولة وغير قادرة على العبور بسفينة العائلة إلى بر الأمان.
حالة الشعور بالضغط والإرهاق ليست إلا رسالة إنذار يرسلها جسمك وعقلك ليؤكد لك أنك من الضروري أن تقفي مع نفسك وقفة سريعة لتعيدي حساباتك إزاء نمط الحياة الذي تعيشينه وحتى لا تستغرقك المسؤوليات والواجبات والمهام يجدر بك أن تعرفي جيداً أن هذا الإرهاق وهذا الضغط لا يعني أنك في حالة فشل أو عجز عن أداء دورك كأم ولكن ذلك أمر طبيعي يستلزم منك القيام ببعض الخطوات العاجلة للتكيف مع هذه الحالة والتصدي لها.
لا تكتمي شكواك داخل نفسك، لأنك في كثير من الأحيان تحتاجين إلى صدر حنون يستمع إلى معاناتك ويتفهم حجم الإرهاق الذي يهاجمك بسبب مسؤولياتك كأم، لكن من الضروري أن تختاري من بين المحيطين منك من تعلمين أنه سيتفهم مشاعرك الدفينة ولن يملّ من سماعك وسيكون قادرًا على إعطائك النصائح المبتكرة التي تعينك على التغلب على حالة الضغط.
لابد أن تسارعي بالبحث عن شخصيتك الحقيقية وتستعيدي اهتمامك بنفسك من خلال تذكر هواياتك المفضلة التي كنت تشعرين بالسعادة أثناء ممارستها قبل الزواج أو في المراحل الأولى من حياتك الزوجية قبل أن تحاصرك مهام الأمومة، وابدأي على الفور في إيجاد الترتيبات المناسبة التي تمكنك من ممارسة هذه الهوايات واعلمي أن أي وقت تستطيعين فيه الاختلاء بنفسك وممارسة اهتماماتك سينعكس بصورة إيجابية على قدرتك على أداء مسؤولياتك.
امنعي المنتقدين من هدم ثقتك بنفسك كأم، والعجيب أن هؤلاء المنتقدين لدورك كأم قد يكونون من أقرب المقربين منك مثل زوجك أو والدك أو جارتك، واعلمي أن هذه الانتقادات الهدامة التي تحاول التقليل من قدراتك ومواهبك والمجهودات التي تبذلينها لأداء مسؤولياتك كأم لن تؤدي إلى تحميلك بالمزيد من الهم والغم والحزن في الوقت الذي تحتاجين فيه إلى البحث عما يمكن أن يخفف عنك حالة الضغط والإرهاق التي تعانين منها.
وآخر نصيحة وربما الأهم هي أن تستمتعي بالأمومة نفسها، فهي نعمة كبيرة من الله، ولا تنظري إلى المسؤوليات المترتبة عليها باعتبارها عبئا، غيري نظرتك للمهام نفسها باعتبارها متعة تتمناها الكثيرات.. اسمتعي بمشاركة حياتك مع أبنائك، وشاركيهم طفولتهم وتحدثي إلى عقولهم بالقصة واللعب والتعليم.. وستجدين أن أقوى راحة لعناء مطالبهم هي مشاركتهم المرح والعيش في عالمهم.
التعامل مع إرهاق الأمومة
- التفاصيل