أحمد عباس
اعتادت الزوجات على أن تكون شكاواهم فيما يتعلق بالحياة الزوجية مرتبطة بمدى ما تعانيه كل منهم من تجاهل الزوج لمشاعرها وبرودة إحساسه وكونه منشغلاً طوال الوقت إما بعمله وسعيه لكسب الرزق أو بعلاقاته مع عائلته وأصدقائه ومعارفه، إضافة إلى عدم رغبته في ممارسة المشاعر الرومانسية والعاطفة المتقدة طوال الوقت.
لكن الحقيقة التي تغفلها كثير من الزوجات أن الواحدة منهن لا يتطرق إلى قلبها أو عقلها الشك في أنها إنسانة ممتلئة بالعاطفة الجياشة حالمة إلى درجة الخيال ورومانسية إلى حد لا يمكن تصوره، بينما الواقع من خلال دلائله ومعطياته يشهد على غير ذلك.
الأمر المفاجىء اليوم هو أن تكتشفي أيتها الزوجة في لحظة صدق وصراحة بينك وبين الله تعالى أن زوجك هو الإنسان صاحب المشاعر الرومانسية المتقدة وأنه هو الإنسان المرهف الإحساس والذي يتدفق قلبه بالحنان والعاطفة ليل نهار وأن طبيعته الحالمة تفوق كل قدرتك على العطاء المشاعري والعاطفي بمراحل.لا نستطيع أن ننكر أنك تحتاجين إلى قدر هائل وربما خيالي من المصداقية والصراحة والشفافية لتقري بهذه الحقيقة أن زوجك هو إنسان أكثر رومانسية منك وأنك مهما بذلتي من مجهود لتتعاملي مع الحياة من خلال المنطق العاطفي وأن تستطيعي أن تتركي لوجدانك العنان لينطلق في عالم الأحلام ليل نهار حتى تتوافقي مع شخصيتك زوجك، فلن تستطيعي أن تكوني إنسانة رومانسية بالنسبة له.. لأنه يدرك جيداً أن الطبيعة الرومانسية الحالمة ليست وليدة المحاولات والمجهودات والتصنع والتكلف وإنما هي طبيعة ذاتية تنمو منذ مرحلة الطفولة وتتشكل في القلب.
هل يعني ذلك أنك لن تستطيعي أن تتعايش مع زوجك ذي الطبيعة الرومانسية الحالمة وتكوني بالفعل الزوجة التي تلبي طموحاته وتشبع حنينه للحب وتحقق له أحلامه؟ بالطبع لا .. لكن قدرتك على تحقيق هذا الهدف مرهون بشكل أساسي بتوقفك عن محاولة إقناع زوجك بأنك لا تقلين عنه عاطفة وأنك إنسانة رومانسية مثله وربما بشكل يفوق طبيعته الرومانسية.. لأنك متى كان لديك الإصرار على إثبات أنك إنسانة ذات طبيعة رومانسية حالمة مثل زوجك فإنه لن يستطيع أن يرى فيك سوى كائن غير سوي يحاول أن يتصنع ويتكلف ويكون غير نفسه.
في البداية من الضروري أن تعتزي بشخصيتك وتدركي مكامن مواهبك كأنثى فقد يكون الله تعالى قد حباك بميزة الجمال في الشكل، وقد يكون الله تعالى قد امتن عليك بميزة الذكاء والقدرة على الفهم والثقافة العالية وقد يكون الله تعالى قد جعلك إنسانة متحملة للمسؤولية قادرة على تحمل الضغوط، وقد تكون ميزتك الأساسية تكمن في كونك إنسانة مقبلة على طاعة ربك تراقبينه عز وجل وجل في كل تصرفاتك، أو غير ذلك من المواهب والمميزات.
كلما كان إدراكك لطبيعة شخصيتك أكثر قوة كلما استطعت أن تكوني جذابة في عيون زوجك، لأن الرجل بطبيعته يمكن أن يلمح دلالات الجاذبية في المرأة بشرط أن تكون المرأة إنسانة تلقائية متجددة مؤمنة بدورها في الحياة وقدرتها على التأثير، وإذا كان الحديث عن الرجل ذي الطبيعة الرومانسية فهو بطبيعة الحال يتمنى أن تكون زوجته رومانسية بشكل تلقائي ترى الحياة بمنظور عاطفي بدون تكلف تتعامل بحنان قلبها مع أبسط الأمور وأعظمها، لكنه في الوقت نفسه يستطيع أن يجد ملامح الجاذبية في شخصية زوجته حتى لو كانت إنسانة لا تتمتع بالسمات الرومانسية الصادقة.