سائده السيد - كلاهما رأى في الاخر نصفه الذي يكمله , فتحققت امنيتهما بالزواج, وبما يرافقه من أمنيات . .
وبدا طبيعيا لهما ان يسمعا السؤال الاكثر شيوعا ..متى يأتي «البيبي»؟, ولكن الانتظار طال ولا بادرة تدل على ان حلم الانجاب في طريقه الى التحقق قريبا , فينتابهما القلق والحزن والخوف من العواقب ,ويصبح السؤال عن «متى؟ « اكثر احراجا لكليهما ,لانه يستتبع اسئلة اخرى تؤشر اما ضمنا او صراحة لمسئولية الزوج او الزوجة,فتدب الخلافات ويتدخل الاهل وتتعكر صفو حياة نصفين .
شادي الخالدي (45 عاما) يقول « لا توجد تجربة في حياة الانسان تضاهي ولادة طفل في اهميتها , وعادة ما يبدأ أي زواج بأحلام كثيرة وعلى رأسها حلم الانجاب , إلا ان بعض الازواج يتعرضون لاختبار تأخر الانجاب , ومع الاسف لا يوفق نسبة كبيرة في هذا الاختبار , مما يسبب التوتر الشديد في العلاقة الزوجية».
يؤكد الاطباء بأنه يتفاوت الوقت الذي يبدأ فيه الزوجان بالبحث عن اسباب تأخر الانجاب من شخص لاخر , ولكن الهيئات الطبية تنصح أي زوجين ببداية البحث عن اسباب هذه الحالة بعد مرور سنة من الزواج , ويشيرون الى ان عدم حدوث الحمل لدى النساء في العام الاول من الزواج ليس دليلا على عدم القدرة على الانجاب.
سرى عدنان (28 عاما) تقول «لقد مر على زواجي سنتين , ولكنني عانيت الكثير من الاهل والمجتمع على اعتبار انني تأخرت في الحمل , وما ان التقي بأحدهم حتى يبادروني بالعديد من الاسئلة المحرجة , والتي ارفض الاجابة عنها كونها غاية في الخصوصية , وبرأيي لا يحق لاحد التدخل في مثل هذا الموضوع ابدا , حيث انني وزوجي فقط المعنيان بالامر».
الاخصائيون النفسيون يرون ان اسباب تأخر الانجاب له ثلاثة جوانب , احدها يتعلق بالمرأة , واخر بالرجل, وثالث بالاثنين معا , كما انها تتراوح بين اسباب عضوية ونفسية, اما عن الاسباب النفسية المتعلقة بتأخر الانجاب لدى الازواج فلا تعدو كونها بعض التوترات في عضلات الجسم الداخلية والخارجية, بسبب ارتفاع نسبة الادرينالين في الدم, ناهيك عن حالة الاحباط والضغط النفسي, حيث تزداد الاسئلة والاستفهامات , مما يشكل عبئا نفسيا على الزوجين , وخصوصا المرأة والذي يسهم في تأخر الانجاب بصورة اكبر.
تروي رنا الشلبي قصتها فتقول « انني متزوجة منذ 8 اشهر فقط , ولكنني تحت ضغط زوجي والاهل , اضطررت لعمل بعض التحاليل, مما اوقعني في دوامة المراجعات والادوية والتصوير , الا ان وجدت نفسي مضطربة نفسيا , وعندما راجعت احد الاطباء نصحني بعدم اخذ أي دواء لان الوقت مبكر على ذلك , وان القلق الشديد قد يؤدي الى تأخر الانجاب».
الاختصاصي النفسي والتربوي روحي عبيدات يلفت الى ان كوننا مجتمعات شرقية تحكمنا عادات وتقاليد متوارثة , فإن تأثير مشكلات الانجاب في الازواج وفي علاقتهم بمجتمعهم تكون عميقة وسلبية , حيث ان التفكير في الانفصال سيتضاعف , كما ان العلاقة العاطفية ستتأثر بالسلب , خاصة ان كان الزوج هو المسؤول عن عدم الانجاب , لان ثقافة مجتمعاتنا لا تزال تربط بين الابوة والقدرة على الانجاب وبين الرجولة , واذا كانت الزوجة هي المسؤولة ستشعر بعقدة النقص , وستقدم الكثير من التضحيات , ويضيف عبدات بأنه للاسف تتيح مجتمعاتنا فرصا اكبر للرجل لتجاوز المشكلة , بالانفصال عن زوجته او الزواج من اخرى , وبالمقابل تحرم المرأة من هذا الحق , وتكون في اغلب الحالات ملزمة بقبول الواقع كما هو.
معتصم باكير (39عاما) يرى بأن « الزوجين قد يتألمان لتأخر الانجاب , فالمال والبنون زينة الحياة الدنيا , والزوجة اذا شعرت بعدم قدرتها على الانجاب تتألم بشدة , لا سيما في مجتمعنا الشرقي الذي لا يقبل الزوج بمثل هذا الوضع , والزوج اذا شعر بعدم قدرته على الانجاب يشعر بنقص شديد في رجولته , وجرح لكرامته».
من جهته يؤكد الشرع على ان الذكاء الايماني يجب ان يحمينا من زيادة حجم معاناتنا , فلا شك انه لا يوجد زوج او زوجة يتحمل المسؤولية عن تأخر الانجاب , حيث ان البعض يظلم انفسهم , ويظلمون شركاءهم بالخضوع لضغوط الاهل والاصدقاء , وتحريضهم باساءة معاملة الطرف الاخر , او عدم الصبر عليه , ومنحه وقتا كافيا حتى يحدث الانجاب , ويدعو الشرع لمن تأخروا بالانجاب بالسعي بكل قواهم الى طلب التداوي .
رامي الشرفا (36 عاما) عانى من هذه المشكلة فيقول « لقد من الله علينا انا وزوجتي بطفل جميل, بعد تأخر للانجاب دام 6 سنوات , لقد ايقنا ان الله وضعنا في اختبار ويجب ان نتقبل ذلك , وان نسعى لعلاج المشكلة , وبالفعل كانت لدينا بعض المشاكل الصحية وعملنا على الاخذ بالاسباب ومراجعة الاطباء , الى ان تجاوزنا المرحلة ورزقنا بطفلنا , وادعو المجتمع والاهل الى الالتفاف حول ابناءهم الذين تأخروا بالانجاب , والايمان بقضاء الله , وعدم لومهم بل مساندتهم , وتوفير سبل الراحة والطمأنينة لهما , لان ذلك سينعكس على نفسيتهما».
جريدة الرأي