دانا ربيع التابعي

بادئ ذي بدء ألا تستشعر أن هذه الآية موجهة لك؟
إنها ترشدك إلى أهم مشاريعك في أهلك ومسؤوليتك وواجبك اتجاههم ومنه مشروعك في أولادك.
الحياة فانية لا محال وكل إلى زوال، فكم أنجزت من مشاريع دنيوية وأهملت اسرتك وأبناءك وتناسيت أن الحياة الباقية ليست هنا.
بل هناك في جنة عرضها السماوات والأرض.
وما أجملها من بشرى عظيمة بأن الله يلحق الأبناء في الجنة.
ويرفع منزلتهم إليهم بالرغم أن أعمالهم الصالحة لا ترقى إلى هذه المرتبة الأعلى!!

فهذا من كمال تنعمك في الجنة أن يجتمع شمل الأسرة مجدداً من فضل الله وكرمه علينا.
ولو عدنا للآية الكريمة سنجد أن الإيمان شرط لتحقق هذا الأمر.
وهنا يكمن السؤال كيف أربي أبنائي على الإيمان الصحيح؟
الاجابة هنا في قوله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي).
نبي الله يعقوب عليه السلام لم يتخل عن واجبه التربوي حتى وهو في لحظاته الأخيرة في الدنيا، بل أراد أن يطمئن على مرافقة أبنائه له في الجنة ورد الأبناء يكفي لطمأنة أبيهم عليهم وأن موعدهم الجنة، فما أجملها من فرحة وما أجمله من عهد وهذا كله هو نتاج لتربية وجهد لسنوات طويلة.
ولكي تنشئ أبناءك على الإيمان فلابد أن تكون أنت قدوة لهم في الأقوال والأفعال فالأبناء يتأثرون بوالديهم فهم قدوتهم الفعلية والنموذج الأمثل بالنسبة لهم.
فعليك أولا إصلاح ذلك بامتلاك قلب سليم خال من الشحناء والبغضاء، نقي من الغل والحسد صاف من الغدر والخيانة، ملئ بالمحبة والإشفاق على الآخرين.
إذا رأى نعمة تنساق إلى أحد رضي بها، وأحس فضل الله فيها، وإذا رأى أذى يلحق أحداً من خلق الله دعا الله أن يفرج همه وكذلك لابد من تربية النشء على المواظبة على الصلاة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها لعشر" فمن تعود الحرص على مقابلة ربه بأداء الصلوات في وقتها فإن الدنيا تصغر في عينيه ولا يكبر في عينيه سوى الجنة.
ومن أمثلة تربية الأولاد على الآداب ما رواه عمر بن أبي سلمة قال: (كنت في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك(
إذًا بجملة صغيرة بليغة المعنى استطاع رسول الله تربية الغلام على آداب الطعام بل وأن تبقى النصيحة في ذاكرته حتى يكبر، فعلى الوالدين اختيار النصائح البليغة المؤثرة في نفسية أبنائهم مما يسهل فهمها وتطبيقها.
وإذا كان أبناؤك في سن الطفولة فإن من أجمل ما يتأثر به الطفل القصص فهي تحرك قلبه ومشاعره وأحاسسيه والقصص القرآني ركيزته الإيمان بالله ووحدانيته وتتضمن أيضا مكارم الأخلاق وحسن التعامل مع الآخرين وكذلك السيرة النبوية وسيرة الصحابة رضي الله عنهم، فلا تهمل هذا الجانب الهام في حياة طفلك .
اليقين : وهو ما قال عنه ابن القيم رحمه الله: (هو من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد) وقد كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا( فالقلب الممتلئ باليقين يحمل كل خير ويصبر على كل ابتلاء ويعلم أن ما أراده الله خير مما أراده لنفسه).
لكل أم و أب اعلموا أنكم تعملون في أيام قصار لا أيام طوال ، وفي دار حزن ونصب لا دار نعيم وخلد واجعلوا أمنيتكم أن لا يتفرق شمل الأسرة في الآخرة، فاجتهدوا فيما تبقى وأصلحوا ما فات فمازال أمامكم الوقت فلا تلهيكم الدنيا بزخرفها عن رسالتكم السامية في الحياة ولا تؤجلوا عمل اليوم إلى الغد.
آثار التربية تظهر أكثر بعد مماتنا فراجع نفسك قبل فوات الأوان واسأل نفسك هل تركت ولدا صالحا يدعو لي ويتصدق عني ويكون امتدادا لعملي الصالح؟؟!!
هل أبنائي مؤهلين لتربية جيل جديد على التقوى والعمل الصالح؟؟!!
وختامًا : صحح مسار حياتك من الآن فما تزرعه اليوم تحصده غدا
وتذكر أن أبناءك كالنبتة الصغيرة تنمو وتترعرع، فتصير شجرة مثمرة فأحسن زراعتها تفز بأفضل الثمار.
وحقا، ما أجملها من أمنية أن تجمتع أنت ووالديك وأسرتك في نفس الدرجة من الجّنة.

JoomShaper