عمان- بات تكوين أسرة هدفا ساميا يسعى الشباب في سن الزواج لتحقيقه، وفي ظل التحديات الحياتية اليومية المتمثلة في الأمور المادية والاجتماعية والنفسية، والشكليات المصاحبة لموضوعي الخطبة والزواج، أصبح المقبل على الزواج حائرا، فهو يفكر كيف سيؤمن الاحتياجات المادية والاستقرار النفسي والعاطفي ويوازن بين خلفيته ومعتقداته التي تربى عليها وبين شريكة حياته وما نشأت عليه في بيت أهلها، فهو يريد صنع علاقه زوجية تشبهه، وهي أيضا تسعى الى الهدف نفسه، ومن هنا ربما يبدأ الاختلاف، وعلى الرغم من أننا نرى ذلك الاختلاف صحيا، إلا أنه من الممكن أن تنشأ عنه خلافات وصدامات في حال لم يحسن الطرفان التصرف.
من هنا، نقف ونأخذ نفسا عميقا لنأخذ بيد المقبلين على الزواج حتى نساعدهم على إعادة هيكلة أسلوب تفكيرهم الذي سيؤثر مستقبلا في سير سلوكياتهم داخل نطاق الحياة الزوجية والأسرية، لذلك ندعو جميع المقبلين على الزواج من الشباب والشابات الى الاطلاع على هذا المقال.
خطوات ونصائح ذهبية قبل بدء الحياة الزوجية
– الخطوة الأولى: لابد أن يتقبل الطرفان بعضهما بعضا بعيوبهما ومميزاتهما، طالما كانت تلك العيوب من الممكن إصلاحها، ثم تأتي المصارحة بعد التقبل مباشرة، بل هي جزء لا يتجزأ من ذلك التقبل وكأنهما طرفان لدفة واحدة توجه السفينة الى بر الأمان يتصارحان بكل أمر من الممكن أن يهدد علاقتهما ويتعاهدا على إصلاحه.
– الخطوة الثانية: إظهار الحب والعاطفة لبعضهما بعضا، ولا عيب في ذلك، بل إن الأمر يقوي ويعزز علاقتهما ويشجعهما على التحدث عن العواطف والمشاعر التي يتجاهلها معظم المقبلين على الزواج سواء كانت مشاعر حب أو غضب أو مهما كانت.
– الخطوة الثالثة: الاتزان المطلق وفهم الحدود بالعلاقة، بحيث يعي كل طرف أن عدم الميل في العاطفة وقت الغضب يضمن نجاحها ووضع حدود حتى في النزاعات والخلافات يعزز ذلك التوازن، ويخلق جوا من الاحترام المتبادل حتى في أصعب الظروف، ليس من الممكن تخطي الحدود التي تشكل حماية لهما من تطفل الآخرين ويذهبان إلى التفكير باللجوء الى الأهل أو الأصدقاء لحل مشاكلهما دون أن يحاولا معا السعي والاتزان في حل مشكلة وتحجيمها للاتزان، ويشمل أيضا ضبط مشاعر الغيرة بحيث لا تتحول الى “شك” وفهم أن هناك حدودا وخصوصيات لكليهما لا يجوز لأحدهما اقتحامها.
– الخطوة الرابعة اتباع خطوات منطقية في حل الخلافات وعدم التسرع والاستماع والإنصات لبعضهما بعضا، والتركيز على حل المشكلة، وليس إثبات من على حق أو من المخطئ وعدم الرجوع الى الخلافات القديمة وإثارتها.
– الخطوة الخامسة: عدم الميل الى سيطرة طرف على الآخر، والأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الثقافية بينهما واختلاف الميول وطريقة التفكير والتربية والتنشئة.
– الخطوة السادسة: استغلال فترة الخطبة بالتحاور معا في المشاريع الأسرية، وتنظيم الحياة الزوجية وكيفية تعامل كل طرف مع الآخر عن طريق الإفصاح عن مكوناتهما الداخلية التي تندرج تحت عنوان ما “أحب” وما “لا أحب”.
– الخطوة السابعة: الاهتمام بالنظافة الشخصية باستمرار حتى لا يحصل نفور لا سمح الله، وكذلك الاهتمام بالمظهر الحسن لكليهما.
– الخطوة الثامنة: محاولة تأخير الإنجاب بضعة أشهر، خصوصا في حال كانت الخطبة قصيرة جدا لم تتجاوز “ستة أشهر”، وذلك ليتسنى لهما التعرف الى بعضهما بعضا أكثر.
– الخطوة التاسعة: وضع مقولة “العشرة بالمعروف” نصب عينيهما، بحيث لا يسعى أي طرف الى إيذاء الآخر بل يكون له ناصحاً وموجهاً بكل حب، والتغاضي عن الأخطاء قدر المستطاع واللجوء دائما وأبدا في حال حدوث مشكلة ما الى الحلول السلمية.
كلمة خاصة للفتاة المقبلة على الزواج: أنت الآن على وشك أن تؤدي رسالة عظيمة وكلك الله عز وجل بها “الأم مدرسة”، لتكوني الزوجة المحبة والأم الحنون، ولا تدعي الخلافات أو حتى تجارب الآخرين تؤثر في نظرتك الى مؤسسة الزواج، واجعلي بيتك مملكتك التي تبنينها بالرحمة والحكمة، واجعلي باب الحوار مفتوحاً دائما مع زوجك مستقبلا، وابدئي بصنع هذا الحوار أثناء فترة الخطوبة حتى يصبح سلوكا ثابتا بينكما، وفي ذلك حماية لتلك العلاقة من دخول الآفات النفسية، مثل: “الخرس الزوجي” و”التفكك الأسري”.
وكلمة خاصة للشاب المقبل على الزواج: لقد منحك الله عز وجل حق القوامة الذي به تكريم تام للمرأة وتشريف لك فلا تضيعه، وكن لها الأخ والأب والزوج والسند، فهي لم تترك بيت أبيها إلا لتكون أنت الحبيب والمؤنس والمتمم لذلك الاهتمام الذي لطالما تلقته من أهلها، ولا تنس أن تكون منصتاً جيدا لها، محتويا لمشاعرها وتقلباتها بفعل الهرمونات الأنثوية وطبيعتها الرقيقة، وأعنها دائما على بر أهلها وصلتهم، ولا تهددها بالطلاق أو الزواج من أخرى حتى لو عن طريق المزاح، لأن في ذلك كسرا لقلبها وجعلها تكن لك مشاعر الكراهية وعدم الاحترام.
وعليه يجب الانتباه والتأني في اختيار كل منكما للآخر، وهو من أهم الأمور في الزواج، لأن الأبناء لاحقاً هم قرة العين ومهجة القلب من حقهم أن يتمتعوا بأب وأم واعيين ومتفهمين لحقيقة الزواج بكل أركانه، ولا بد من الانتباه لأي سلوكات تصدر عن أحدكما في مرحلة الخطوبة ورصدها جيدا وعلاجها إن أمكن، وذلك لتفادي اكتشاف بعض الأمور لاحقا بعد الزواج، والتي من الصعب جدا تخطيها مثل: “البخل أو التعنت والتزمت في الرأي أو إفشاء الأسرار، أو سوء الخلق والدين”، وبالتالي تأزم الأمور وتضاعف الخسائر لو حدث انفصال أو خلافات متكررة، خصوصاً مع وجود الأطفال.
كل ما بني على الحب والتقبل والرحمة دام واستمر، لذلك فلتجعلوا بيوتكم مليئة بالحب والرحمة، واطردوا عنها شبح النزاعات، وزينوا قلوبكم بالتسامح.
أمل الكردي
اختصاصية العلاج السلوكي والاحتياجات الخاصة