جمال خليفة
الزواج مؤسسة اجتماعية مشتركة تم تأسيسها بين الرجل والمرأة على كثير من القواعد والأسس ، اناطت بالزوج والزوجة واجبات محددة للإلتزام بها للمساهمة في سير الحياة الزوجية دون مشاكل او منغصات.
ورغم بيان واجبات الزوج في الكتاب والسنة ، نجد ان من الازواج من يتهرب من المسؤوليات الملقاة على عاتقه ، مما يؤدي الى ان تتحمل الزوجات أعباء جديدة تضاف الى مسؤولياتهن ، وتؤدي في النهاية الى وقوع الكثير من الضغوطات النفسية والجسدية والاجتماعية عليهن ، خاصة عندما يقمن بمسؤوليات المنزل جميعها والذهاب للعمل ، مما يتطلب مزيدا من الجهد والوقت للقيام بهذه المسؤوليات لإرضاء الأزواج .
كما ان هناك نوعية من النساء يقمن بواجبات الأمومة والأبوة على حد سواء.. ويقوم الزوج بدور المتفرج والآمر الناهي دون ان يحن قلبه او يرأف بحال زوجته ، ويتركها دون ان يمد لها يد العون ولو بالجزء المطلوب منه.
عدد كبير من الزوجات اللاتي يعشن ظروفا منزلية صعبة ولايجدن من الزوج سوى التهميش والجفاء ، قد يشعرن في أحيان كثيرة ان ظروفهن هي نفس الظروف التي تعيشها الأرامل والمطلقات ، طبعا إن لم تكن أسوأ من ذلك. حتى ان كثيرا منهن إعترفن بصراحة أنهن يعشن في بيوتهن مثل الخادمات ، ويقمن بكل أعمال المنزل في ظل هجر الازواج.
"الدستور" تابعت عددا من الحالات لبيان الظلم الذي تعيش فيه بعض الزوجات ...
تقول "نوال 39 عاما" وفي حلقها غصة من أسلوب معاملة زوجها : الكثير من المشاكل التي نعاني منها نحن الزوجات سببها العقلية السائدة والمتحجرة لدى بعض الرجال.. الذين يريدون ان تعيش زوجاتهم حسب مزاجهم وعقلياتهم.. فإذا لم تستطع ذلك رأت منهم "الويل" ، متناسين ان الزمن تغير ، والحياة تغيرت.
وتضيف: اقول للزوج.. أليست المرأة من تحمل بين اضلعها قلبا هو من لحم ودم ، وهذا القلب بحاجة لأن يعيش الحب والأمان معك ، وأليست هذه المرأة هي أم اطفالك ومربية أولادك ، وأليست هي من كانت يوما الحبيبة التي ربما حفيَّت قدماك حتى ترتبط بها.. فرفقا بالقوارير.
أما "ليلى 34 عاما" فتقول: بعض الرجال يستخدمون بالإضافة إلى مطالبة الزوجة أداء حقوقهم على أكمل وجه أسلوب التجاهل لهذه الإنسانة.. وهذه النوعية من الرجال منتشرة بيننا.
وتضيف: قد يتطاول بعض الازواج ويتهمون الزوجات بأنهن السبب الذي يجبرهم على تصرفاتهم السلبية ، وهذا الكلام لا أساس له من الصحة ، لأن لكل من الزوج والزوجة أدوارهما المحددة لهما في هذه الحياة. وتقول "سناء 33 عاما" ان الإنسان الطبيعي يعرف واجباته من تلقاء نفسه ، ويقوم بها على أكمل وجه ، لكن هناك بعض الازواج لا يراعون الله في تصرفاتهم مع زوجاتهم ، بل يعاملوهن بأقسى الاساليب مع إستخدام العنف معهن أحيانا ، وهذا طبعا مرده عدم الخوف من الله وضعف الوازع الديني لديهم.
وتضيف: لقد عاصرت صديقة لي تزوجت من شاب لديه المال والجاه أثناء دراستها في الجامعة. وبعد الزواج بثلاث سنوات رزقا بولدين فاصبح يعاملها بقسوة و"جلافة" ، ويتحكم بها وبامورها الشخصية ، حتى أنه رفض ان تعمل بالشهادة التي عانت سنوات من أجل الحصول عليها ، واصبح يهددها "برميًّها" الى أهلها إن لم تنصاع لكل أوامره ، فرضيت بالأمر الواقع خوفا من الكلام.
تقول "هداية 41 عاما": ماذا تقولون في زوج لا يصرف على زوجته وأم اولاده وبيته إلا الشئ القليل ، وفي المقابل يصرف على سهراته واصدقائه ورحلاته ودخانه الكثير من النقود؟
وإذا طالبت بأبسط حقوقها ، او رفعت صوتها قليلا في وجه ظلمه فإنه يقيم الدنيا ولا يقعدها ويصفها بأنها سبب فقره ومعاناته.
وتضيف: هذا ما أعانيه منذ سبع سنوات مع زوج ظالم لي ولأولاده. ولا أخفيكم بأني فكرت بالطلاق أكثر من مرة ، ولكني خفت على أبنائي من الضياع. وقد حاولت إصلاحه ، ولكنه رفض جميع توسلاتي بل أصبحتُ بعد هذه العشرة الطويلة التي لم أذق فيها طعم السعادة حبيسة الجدران.
وتحدثت لنا "إيمان 38 عاما" عن مأساتها مع زوجها ، فتقول: تبددت أحلامي.. وضاعت أمانيَّ.. وصاحبني الإكتئاب بعد الزواج بستة اعوام بسبب زوج ظالم كان يشتغل في مصنع الى ان قرر الجلوس في البيت طالبا مني العمل في أحد مشاغل الخياطة حتى أصرف عليه وعلى البيت كونه لم يعد باستطاعته العمل.
وتضيف: لم أستطع الرفض ، فقد كسر ظهري بنات على مقاعد الدراسة ، وها أنا أتجرع هذا الظلم من أجل فلذات كبدي صابرة محتسبة أمري الى الله ، ومهملة من جميع الجوانب التي تشعرني بأنوثتي.
أما بالنسبة لرأي علم النفس في هذا الشأن فيقول الاخصائي النفسي الأستاذ هاني الرفاعي: أقصى ما يمكن ان تعانيه الزوجة من زوجها هو "التهميش العاطفي". حيث تعاني الزوجة في بعض الاحيان من أسلوب زوجها الجاف معها ، وإهمالها عاطفيا ، واستخدام بعض الالفاظ القاسية والجارحة معها ، وبأنه هو صاحب الكلمة الاولى والاخيرة ، هذا الزوج الذي جهل حقوق زوجته حتى وصل به الأمر إلى ظلمها غير مبالْ بعواقب ذلك الظلم على نفسه وأولاده . فكم من زوجة كانت تحلم قبل الزواج كغيرها من الفتيات بزوج حنون يغرقها في العاطفة وكان نصيبها إنسانا في ظاهره الحب وفي باطنه يخفي القسوة والظلم. وهناك نقطة مهمة ، وهي ان كثيرا من الازواج يفتقدون للحوار حول حياتهما المشتركة.
ويضيف: السبب الأول للخلافات الزوجية هو برود العلاقة العاطفية بين الزوجين وإنعدام الحوار العاطفي بينهما. ويجب ان يناقش الزوجان حياتهما العاطفية بكل صراحة ووضوح وعدم اللجوء الى اساليب ملتوية لخلق مشاكل ليست هي السبب الحقيقي ، فعند بدء الحوار الصريح بين الزوجين ، فإن هذا يقود الى تحسن كبير في العلاقة الزوجية بوجه عام.
جريدة الدستور