تتميز كل مرحلة من مراحل الأبوة، حسب عمر أبنائهم (الطفولة – المراهقة – الشباب)، بلحظات سعيدة ترافقها مخاوف جديدة ومختلفة؛ تُثقل كاهل الأبوين، كلما كبر أطفالهما.
فقد أشارت دراسة أجريت عام 2017، أن مقدار التواصل والمشاركة بين الآباء والأبناء البالغين، قد تغير بشكل ملحوظ منذ القرن الماضي. كما أظهرت أبحاث لمركز "بيو"، أن هناك شعورا بين غالبية الأميركيين بأن الآباء يبذلون جهدا كبيرا من أجل أبنائهم البالغين؛ فيحاولون حل مشاكلهم، ويخشون تركهم يفشلون.


فما أهم المخاوف التي يبوح بها آباء الأطفال البالغين بين يدي المعالجين المختصين؟
    نشاط الأبناء على وسائل التواصل الاجتماعي
معظم الآباء يشعرون بالقلق من مشاركة أبنائهم البالغين تفاصيل حياتهم على وسائل التواصل الاجتماعي؛ "وتنتابهم المخاوف بشأن ما يمكن أن يفعلوه أو يواجهوه وهم يقبعون بمفردهم في غرفهم، وفقا لأخصائية علم النفس الإكلينيكي، زينب ديلاوالا.
وتنصح بإجراء محادثة في جو من الثقة مع الأبناء، لجمع المزيد من المعلومات حول نشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي، و"عدم التشبث بمعرفة ما يتجاهلون ذكره، ربما لاعتقادهم أنه لا يحتاج لمساعدة الأبوين".
ماذا لو حاول ابنك المراهق التلاعب بعقلك؟
معظم الآباء يشعرون بالقلق من مشاركة أبنائهم البالغين تفاصيل حياتهم على وسائل التواصل الاجتماعي (شترستوك)
    الخوف عليهم من تأخر الارتباط
قد يكون أحد الأبناء عزبا لكنه سعيد جدا؛ إلا أن هذا لا يمنع الآباء من الشعور بالقلق والحزن، لتأخر ابنهما أو ابنتهما البالغين في الزواج، ويرون أن "الجميع يستقرون" وابنهما ما يزال عزبا.
ومما يشكو منه الآباء أيضا تأخر بناتهم عن الزواج، وربما يرى بعضهم أنهم هم السبب في هذا التأخير، لأن زواجهم لم يكن قدوة؛ وفقا لما ذكرته خبيرة الزواج والأسرة والمؤلفة الأميركية، وينيفريد رايلي، لموقع "هافبوست" (HuffPost).
وأضافت ناصحة الآباء الذين أصبح أبناؤهم بالغين "أن يعتبروا أنفسهم ضمن جمهور يشاهد مسرحية يلعب فيها أبناؤهم دور البطولة، وألا يأخذوا الأمر على محمل شخصي"، ما داموا غير قادرين على تغيير الأوضاع، أو التحكم فيها.
    القلق بشأن قوة العلاقة معهم
غالبا ما يقلق الآباء إذا وجدوا أحد الأبناء أكثر ميلا للاستقلال، ولا يتواصل معهم أو يزورهم إلا في حدود معينة؛ "فيبدؤون في التساؤل عما ارتكبوه من خطأ أدى لذلك، وكيف يمكنهم تعزيز التواصل".
وعلى العكس من ذلك، إذا كان الابن لا يزال يعيش مع والديه، ويبدو منطويا، ويعتمد عليهم في اتخاذ أبسط القرارات، "فإنهم يتساءلون عما ارتكبوه من خطأ جعله كذلك، وكيف يجعلونه شخصا مستقلا".
في كلتا الحالتين يبحث الوالدان عن إجابات حول "مقدار الاستقلال أو الاتصال المناسب، بينهم وبين الأبناء في هذه المرحلة؛ وكيفية جعل أبنائهم بالقرب منهم دائما"؛ كما يقول عالم النفس الإكلينيكي ريان هاوز.
وأوضح في حديث لموقع هافبوست أنه لا يوجد مقياس محدد للتواصل بين الآباء والأبناء، فالأبناء عندما يصبحون بالغين لم يعد بوسع الآباء إخبارهم بما يجب عليهم فعله؛ "والأفضل إجراء محادثة حقيقية لتوضيح ما يريدونه، والتوصل إلى اتفاق".
    التدخل في تربية أبنائهم
معظم الأجداد، يميلون للتدخل والتعبير عن آرائهم بشأن أسلوب أبوة وأمومة أبنائهم، فيقولون "ابني صارم للغاية، أو متساهل للغاية، مع أطفاله"، لكن وينيفريد رايلي ترى أن "الأفضل هو ترك الأبناء ليجدوا طريقهم من خلال التجربة والخطأ"؛ وتدعو إلى قاعدة تقول "إذا طلب أبناؤك النصيحة لمساعدتهم في القيام بدور الأبوة أو الأمومة، فلا تنصح لأكثر من سنتين؛ وبعد ذلك، كن محبا وداعما، واحتفظ بآرائك لنفسك".
وهو ما تؤيده الكاتبة بيغ ستريب، قائلة في تقرير لموقع سيكولوجي توداي "إذا لم يُطلب منك رأي، فالحكمة تقتضي التزام الصمت"، وذلك لأن "الخلافات قد تنشأ، عندما يفرط الوالدان في إبداء النصيحة غير المرغوب فيها".
    مواصلة دعمهم رغم تعثرهم
"أشعر أن ابني ليس له اتجاه في الحياة، رغم أنه يبلغ من العمر 30 عاما، وقادر جسديا وعقليا على العمل بوظيفة ثابتة"، هذه إحدى أكثر الشكاوى التي يسمعها كورت سميث، المعالج المتخصص في إرشاد الرجال، من الآباء الذين يقصدونه للاستشارة.
ويرشد سميث الآباء إلى كيفية وضع حدود لمساعدة الأبناء، وينبههم على الدور الذي يمكن أن يلعبوه في جعل أبنائهم أقل تحفيزا واستقلالية؛ ويؤكد أنه "ليس من الحب، دعم الأبناء ماديا أو بطرق أخرى، رغم تعثرهم وانجرافهم بلا هدف".
كما يضيف خبير الائتمان مات شولز، أن أعظم الهدايا التي يمكن للوالدين تقديمها لأبنائهم البالغين "هي تعليمهم كيفية إدارة الشؤون المالية والعيش في حدود إمكانياتهم".
    الخوف من اتخاذهم قرارات خاطئة
تخبرنا بيغ ستريب أن "الآباء والأمهات الذين يتحكمون بدرجة عالية، ولديهم توقعات مثالية، ويرون في أبنائهم انعكاسا لأنفسهم، أو مؤشرات على نجاحهم في الحياة؛ غالبا ما يجدون صعوبة في قبول قرارات أبنائهم البالغين".
وهو ما تؤكده زينب ديلاوالا، قائلة "إن الآباء غالبا ما تكون لديهم مخاوف بشأن قرارات أبنائهم في الحياة"، سواء فيما يتعلق بطريقة إدارة أموالهم، أو المهنة التي يختارونها، أو حتى الشخص الذي يرتبطون به؛ فيكررون مقولة "أخشى أن يتخذ أبنائي قرارات خاطئة".
لكنها تشير إلى أنه "على الرغم من أن الآباء قد يكون لديهم منظور مختلف، فإن الأفضل هو السماح للأبناء بحرية الاختيار؛ دون فرض الرأي عليهم، أو حجب الدعم عنهم".
كيف تساهم علاقتنا بأجدادنا في تطوير شخصيتنا؟
على الرغم من أن الآباء قد يكون لديهم منظور مختلف فإن الأفضل هو السماح للأبناء بحرية الاختيار (غيتي)
    التدخل في مشاكلهم
فعندما يرى الوالدان ابنا يعاني، تدفعهما غريزتهما على الفور لإنقاذه من المشاكل؛ وقد يشعران بالذنب إذا لم يكن لديهما الوسائل لإصلاح أوضاعه.
في حين أن ريان هاوز يحذر من أن "هذا الاندفاع الغريزي قد لا يكون في مصلحة الأبناء على المدى الطويل"؛ وينصح للتعامل مع هذه المشكلة، باتباع قاعدة قديمة وراسخة، هي "لا تفعل أي شيء للأبناء، إذا كان يمكنهم القيام به لأنفسهم".
فما داموا قادرين على وضع ميزانية، والتعافي من الخيبات، وتعلم كيفية الاعتناء بأنفسهم؛ "فيجب أن تتاح لهم الفرصة للقيام بذلك، لبناء الثقة بالنفس، والشعور بالاستقلالية".
المصدر : مواقع إلكترونية

JoomShaper