مشاهد طبيعية:
المشهد الأول: الشهر الأول كانت تهتم بلبسها، وتسريح شعرها والتعطر بأحلى العطور، ولبس أجمل الثياب.
المشهد الثاني: بعد أن جاء الأطفال، نست هذه الزوجة أنها أنثى، وأهملت نفسها ونست جمالها، وأصبحت منهكة في الأعمال المنزلية، وتحضير الطعام للأطفال.
في المراحل الأولى من الزواج يكون الاهتمام بالآخر هو السائد، ولكن للأسف مع مرور الزمن تتحول هذه المشاعر الجميلة لدى أكثر الأزواج، وتصبح العلاقة الخاصة بين الزوجين وقد انعدمت فيها الجانب الحسي ونقصد به(ملامسة الأيدي، والتقبيل والمعانقة، ...إلخ)، وهذا غير سليم، إذ ليس بالضرورة أن يكون التواصل الحسي هو الهدف المؤدي إلى العلاقة الخاصة بين الزوجين، بل لا بد أن يبقى شعورًا جميلًا يفيض على النفس متعة لا مثيل لها.
إن تمام اللذة والمتعة الزوجية في هذا اللقاء لا تكون حتى يأخذ كل عضو حظه من اللذة.. النظر.. اللمس..السمع... الشم..التذوق.
ولله در ابن القيم رحمه الله حين وصف ذلك بقوله:
(..فإن صادف ذلك وجهًا حسنًا، وخلقًا دمثًا، وعشقًا وافرًا، ورغبة تامة، واحتسابًا للثواب، فذلك اللذة التي لا يعدلها شيء ولا سيما إذا وافقت كمالها، فإنها لا تكمل حتى يأخذ كل جزء من البدن بقسطه من اللذة، فتلتذ العين بالنظر إلى المحبوب، والأذن بسماع كلامه، والأنف بشم رائحته، والفم بتقبيله، واليد بلمسه، وتعتكف كل جارحة على ما تطلبه من لذاتها وتقابله من المحبوب فإن فُقد من ذلك شيء لم تزل النفس متطلعة إليه متقاضية له، فلا تسكن كل السكون) [روضة المحبين، ابن القيم، (1/217)].
إيجابية زوجة:
إن الزوجة يجب أن تتعلم احترافية الحب وطرق التعبير عنه، ولا يجوز لها أن تجهل أهمية رسالتها الجنسية، فبدلًا من أن تحسبها تبعة مخلة بالآداب، عليها أن تحدد الوقت المناسب لها، والزوجة الراشدة هي التي تعرف مدى أهمية الجماع بينها وبين زوجها منذ الليلة الأولى من الزواج، ومدى تأثير ذلك الدور ليس فقط في نفس الزوج، وإنما في نفس الزوجة ذاتها، وبالتالي يكون الزواج السعيد.
فقضية العلاقة الزوجية الخاصة ليست قضية هامشية في حياة الرجل والمرأة السويين، ولا هي من الرجس طالما كانت في الحلال، ولا ينبغي إهمالها لتتحكم فيها بعض الأفكار الهدامة من رواسب الإعلام الغربي.
فكوني إيجابية في العلاقة الزوجية لتحقيق المتعة والسعادة لكِ ولزوجكِ فلا بد أن تكون إيجابية، لأنه كلما كانت المرأة أكثر فاعلية في العلاقة الحميمية زادت المتعة وتسامت السعادة.
وكذلك كي يكون هذا اللقاء الحميم طبيعيًا وجميلًا ومستحبًا، لا بد وأن تساهم الزوجة مع الرجل في الوصول بهذا العمل إلى القمة التي ينشدها الزوج والتي يجب أن تنشدها أيضًا.
وهذه بعض الدلائل النبوية:
- قد ورد في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ما يؤكد ضرورة مشاركة المرأة للرجل في اللقاء بصدق وإيجابية، ومن ذلك ما يرويه جابر بن عبد الله:
(كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم،في غزوة، فلما رجعنا وكنا قريبًا من المدينة، قلتُ: يا رسول الله، إني حديث عهد بعرس، قال: (أتزوجت؟)، قلتُ: نعم، قال: (أبكر أم ثيب؟)، قلتُ: بل ثيب، قال: (فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك؟) [متفق عليه]، وفي رواية لمسلم: (فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك؟) أو قال: (تضاحكها وتضاحكك؟).
إذًا فالزوجة المتدينة والمحترمة ينبغي أن تتحلى بالحياء والستر عن كل الناس، ولكن مع الزوج فحياؤها أن تتجمل له، وأن تتحبب له، وأن تقر عينه وتحفظ نفسه، فحالها وحال زوجها كما في قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ} [البقرة:187].
- وقد اعتبر القرآن العروب إحدى صفات الزوجة المثالية، وذلك في قوله تعالى: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37)} [الواقعة:35-37].
وعَرُبت المرأة: إذا تحببت إلى زوجها، وقال ابن الأثير في (النهاية): العرابة: هي التصريح بالكلام في الجماع، والمقصود من لفظة العروب: (هو فاعلية المرأة في الاستجابة لزوجها بالتدلل والتلطف والمداعبة).
- وللمرأة المسلمة أسوة حسنة في السيدة عائشة رضي الله عنها التي كانت تشارك النبي صلى الله عليه وسلم،متعه وملذاته وأفراحه، حتى أنها لتحدثنا عن ذلك فتقول:
كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم،من إناء بيني وبينه تختلف أيدينا عليه، فيبادرني حتى أقول: دع لي، دع لي) [رواه البخاري]، وهذا التفاعل يكون له أكبر الأثر في نفس الزوجين، وتوثيق العلاقة العاطفية بينهما، فيسود الحب والود والدفء والحنان، والعاطفة في الحياة الزوجية والأسرية.
التجديد المستمر:
وبعد سنوات الزواج قد يتسرب الملل في الحياة الزوجية، ولا يعرف الزوج والزوجة سبب هذا المرض الخطير الذي يوهن من جسد السعادة الزوجية، والإجابة الوحيدة لعلاج هذا المرض هو دواء "التجديد المستمر".
فالتجديد في الحياة الزوجية مطلوب، فالنفس الإنسانية تمل من الروتين، وتريد بعد فترة أن تغير وتجدد، ويمكن توضيح هذا التجديد وكيفية إسهامه في الحياة الزوجية عن طريق الخطوات التالية:
1 ـ التغيير في المظهر:
فلا بد من أن تجيد الزوجة فن التغيير؛ التغيير في الملبس وفي الهيئة، ويكون ذلك بإرسال الشعر فتارة تلفه وتارة تطلقه، والتجديد في الملبس يكون بلبس تارة الضيق وتارة الشفاف وتارة القصير، أيضًا اللون له دور في التجديد، فالحرص على التجديد في الألوان يشبع لذة النظر لدى الزوج، كذلك الماكياج واستعمال الألوان المناسبة منه، ولا ننسى أيضًا العطور، فالتنويع بينها يسهم في مبدأ التجديد.
2 ـ التغيير في المكان والزمان:
بحيث يتغير موعد اللقاء ومكانه، فليس ضروريًا أن يكون التلاقي في ساعة متأخرة من الليل، بل قد يكون في الصباح أو بعد العصر، والزوجان عليهما اختيار الوقت المناسب.
ولتتنوع توقيتات اللقاء وأشكال الاستمتاع الحلال ليقطف الزوجان فواكه المتعة الحلال من شجرة الحب الصافي وتقر عين كل منهما بالآخر.
3- التجديد في أوضاع الجماع:
فليس ضروريًا أن يلتزما هيئة، بل يمكن أن يبتكرا كل يوم هيئة جديدة، وهو ما أرشدت إليه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة: 223]، (أَنَّى شِئْتُمْ) جاء في اللسان لابن منظور أن كلمة (أنَّى) تأتي لمعان ثلاثة:
كيف: للهيئة، أين: للمكان، متى: للزمان.
هكذا في توجيه لطيف يفتح للزوجين آفاقًا أبعد من الأداء الروتيني للقاء بينهما.
وأحسن أشكال الجماع أن يعلو الرجل المرأة مستفرشًا لها، بعد الملاعبة والقبلة، وبهذا سُميت المرأة فراشًا كما قال صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش) [صححه الألباني]، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جلس بين شعبها الأربع) [متفق عليه].
وهناك أشكال أخرى للجماع منها:
ـ إتيان المرأة وهي على جنبها، وقد كان أهل الكتاب إنما يأتون النساء على جنوبهن على حرف، ويقولون هو أيسر للمرأة.
ـ ومن ذلك إتيان المرأة في قبلها من دبرها، وهو الذي كانت تقول فيه اليهود: إن الرجل إذا أتى امرأته على هذا الوضع جاء ابنه أحول، فكذبهم الله تعالى وأنزل قوله: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ).
قال ابن عباس: (الحرث موضع الولد (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)؛ أي كيف شئتم؛ مقبلة ومدبرة في صمام واحد)، روى البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: (كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت الآية: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ)، قال ابن جريج في الحديث: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج).
أجيبي نداء الحب:
إن الزوجة حينما تسمع نداء زوجها لهذا اللقاء المنتظر، تسعى بكل عزم أن تجيب هذا القلب المشتاق، (فللزوج الاستمتاع بزوجته كل وقت، وعلى أية صفة كانت إذا كان الاستمتاع في القُبُل ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضرها، فليس له الاستمتاع بها إذن، لأن ذلك ليس من المعاشرة بالمعروف، وحيث لم يشغلها عن الفرائض ولم يضرها فله الاستمتاع، ويجوز الجماع في أي وقت، وبالتالي يجب على المرأة طاعة زوجها إذا دعاها إلى فراشه ليلًا أو نهارًا، ولا يكره الجماع في ليلة من الليالي، ولا في يوم من الأيام).
ماذا بعد الكلام؟
1.      كوني إيجابية مع زوجك، فبادريه بالقبلات وكلمات الحب.
2.      احرصا معًا على لبس أجمل الثياب لبعضكما، ووضع أفضل العطور.
3. اجعلا من اللقاء الزوجي الخاص بينكما، موعدًا للتجديد، فغيرا الزمان وكذلك مكان اللقاء وكيفية أدائه.
المصادر:
روضة المحبين، ابن القيم.
في ظلال القرآن، سيد قطب.
حتى يبقى الحب،محمد محمد بدري.
فن صناعة الحب ومعاملة الرجال، خالد السيد عبد العال.
تربية الأولاد في الإسلام، عبد الله ناصح علوان.
كشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي

 

مفكرة الإسلام

JoomShaper