الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الطاهرين وصحبه الطيبين
كلما كان القرار الذي يريد الإنسان اتخاذه اكثر تأثيراً في حياته كان في حاجة اكثر الى الدراسة والتأني قبل اتخاذه، حتى يتجنب الانعكاسات الخطيرة للخطأ في ذلك، اما اذا كان القرار يتعلق بشيء بسيط فقد لا يكلف نفسـه عناء المـزيد من التفكير فيه.ولعل من أهم القرارات التي يتخذها الإنسان هو قرار اختيار شريك الحياة لتأسيس حياته العائلية الاجتماعية، لما لذلك من التأثير الواسع المدى على مستقبله، ولما للحياة الزوجية من أهمية وخطورة تلامس جميع جوانب شخصية الإنسان. فإذا توفق في الاختيار ورزقه الله زوجاً صالحاً عاش السعادة والهناء، اما اذا ابتلي بزوج سيء فسيعاني نكد العيش ومرارة الحياة، لذا يتوجه المؤمن الى الله تعالى بالدعاء ( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ).

وعند التفكير في اختيار الشريك يحتاج الإنسان الى سلامة ووضوح مقاييس الاختيار، فعلى أي اساس يختار؟ وما هي المواصفات التي ينشد توفرها في الطرف الآخر؟

والتعاليم الاسلامية ترشد الإنسان الى المقاييس الصحيحة التي يجب ان يضعها نصب عينيه عند الاختيار، وقد نحتاج الى بحث خاص لتناولها والحديث عنها.

وما نريد التركيز عليه في هذا الموضوع هو قرار الفتاة في اختيار شريك حياتها، فالأمر بالنسبة لها اشد خطورة من الرجل، ذلك لأن فرصة الرجل في معالجة الخطأ في هذا القرار اكبر بكثير من فرصة المرأة، فالمبادرة بيده من الناحية الشرعية وبإمكانه فك العلاقة والارتباط اذا ما أراد، اما المرأة فلا تملك هذا الحق شرعاً إلا ضمن استثناءات محددة.

من هنا تحتاج الفتاة اكثر الى التفكير السليم عند الاختيار، ومشكلة الكثير من الفتيات انهن يقعن تحت تأثير العامل الغريزي العاطفي بدرجة كبيرة، حيث تتأثر الفتاة غالباً بما تسمعه من كلمات غزل وحب، وتنخدع ببعض المظاهر والحركات الشبابية، وحيث ترى نفسها تعيش دوراً هامشياً في بيت أهلها تندفع مع اقرب فرصة لبناء كيانها الاجتماعي المستقل.

بالطبع لا يمكن التعميم فهناك من الفتيات من يمتلكن النضج والرشد ويتعالين على هذه المؤثرات.

وحماية لمستقبل الفتاة، ولترشيد قرار اختيارها، جعل الاسلام لولي أمرها دوراً في هذا القرار، على رأي قسم من إعلان

الفقهاء، ويتضح ذلك في النقاط التالية :

المرأة الثيبَّ:
اذا كان سبق للمرأة ان تزوجت، وعاشت حياة زوجية، أي دخل بها زوجها، ثم انفصلت عنه او توفي عنها، فانها حينئذ ما دامت بالغة رشيدة وقد مرت بتجربة زوجية، فقرارها في اختيار زوج جديد يكون بيدها، ولا يملك احد من أهلها حق الاعتراض والمنع، هذا في رأي فقهاء الشيعة والأحناف.
فهي ليست جديدة على الحياة الزوجية، ويفترض انها تستفيد من تجربتها السابقة فيكون قرارها نابعاً من نضح وخبرة وليس اندفاعاً عاطفياً طائشاً.

بالطبع لا يشمل هذا من انفصلت عن زوجها او توفي عنها قبل الدخول لأن مجرد عقد الزواج لا يجعلها ثيباً.

واذا كان الاسلام ـ وفق هذا الرأي ـ لم يعط لأحد من أهلها حق منعها من اتخاذ القرار فهذا لا يعني ان تزهد في استشارتهم، والاستفادة من رأيهم، لذا قال الفقهاء انه ينبغي للمرأة المالكة أمرها ان تستأذن أباها أو جدها وان لم يكونا فأخاها وان تعدد الأخ اختارت الأكبر .

JoomShaper