* عبدالله محمد سالم ابو زيد
مفهوم الاسرة
معنى الاسرة في اللغة: الدرع الحصينة ، واسرة الرجل عشيرته ورهطه الادنون ، لانه يتقوى بهم.
اما في المعنى الاصطلاحي "فيبدو ان معرفة المقصود بالأسرة بصورة محددة قاطعة ليس بالأمر اليسير ، رغم ان مدلول الأسرة معروف لدى جميع الناس وموجود في كل مكان ولعل مرد هذه الصعوبة الى عاملين:
1 -خلو القرآن والسنة النبوية المطهرة من اصطلاح الاسرة او ما يعادله تماما ، ولعل لفظ "اهل" الذي تردد ذكره فيهما هو انسب الالفاظ للدلالة على معنى الاسرة. 2 -غموض مدلول كلمة أسرة وكونه مطاطيا ، ولكن هذا لا يمنع من وجود محاولات لتعريف الاسرة وتحديد المقصود منها في الاصطلاح الشرعي والاجتماعي واما المفهوم الشرعي للاسرة هو الوحدة الاولى للمجتمع ، واولى مؤسساته التي تكون العلاقات فيها في الغالب مباشرة ، ويتم داخلها تنشئة الفرد اجتماعيا ، ويكتسب منها الكثير من معارفه ومهاراته وميوله وعواطفه واتجاهاته في الحياة ويجد فيها امنه وسكنه.
أما في مفهوم علم الاجتماع فهي: رابطة اجتماعية تتكون من زوج وزوجة وأطفالهما وتشمل الجدود والأحفاد وبعض الأقارب على أن يكونوا مشتركين في معيشة واحدة ويمكننا أن نعرف نظام الأسرة بأنه "تلك الاحكام والمبادىء والقواعد التي تتناول الأسرة بالتنظيم بدءا من تكوينها ومرورا بقيامها واستقرارها وانتهاء بتفرقها وما يترتب على كل ذلك من آثار قصدا الى إرسائها على أسس متينة تكفل ديمومتها واعطاءها الثمرات الخيرة المرجوة منها.
أهمية الاسرة
من المعلوم ان الاسرة لبنة من لبنات الامة وهذه الامة تتكون من مجموعة اسر يرتبط بعضها ببعض ومن الامور البدهية ان الباء المكون من لبنات يأخذ ما لهذه اللبنات من قوة او ضعف فكلما كانت اللبنات قوية ذات تماسك ومناعة وكلما كانت اللبنات اضعف وانحلال كانت كذلك الامة.
ومن هنا كان اعتناء الاسلام بالاسرة فجاءت النصوص القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة مبينة الاحكام المتعلقة بالاسرة بصورة تفصيلية شاملة لانشاء الاسرة الطيبة التي تكون نواة المجتمع الطيب الذي يقوم على اسس قوية من الايمان والتواد والتراحم والتكافل وبيان جورها الكبير في التربية وبناء القيم ذلك ان الاسرة هي التي تقوم بغرس القيم اليامانية والروحية والاخلاقية وهذه تعتبر من اسمى واهم مجالات تربية الطفل وهي التي تربي الطفل تربية اجتماعية تقوم على التزام الاداب الاجتماعية والاصول النفسية النبيلة النابعة من العقيدة الاسلامية وهي بالتالي تلبي الحاجات الفطرية في الانسان بان يكون له نسل وذرية مما يساهم في حفظ النوع الانساني واستمرار الحياة.
مظاهر اهتمام الاسلام بالاسرة
نظرا لأهمية الاسرة في حياة الفرد والمجتمع ولمكانتها العظيمة في قوة الامة اولى الاسلام الاسرة اهتماما بالغا ومن مظاهر هذا الاهتمام ما يأتي:
1 - وضع الاحكام والضوابط والآداب التي تحكم الاسرة بصورة مفصلة تكفل نجاحها وتحقق غراضها.
2 - الاعلاء من شأن الرابطة الزوجية بما نجده من حث للزوجين على الوفاق وحسن المعاشرة حتى سماها القرآن الكريم ميثاقا غليظا ، قال تعالى: "وان اردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم احداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا مبينا ھ وكيف تأخذونه وقد افضى بعضكم الى بعض واخذن منكم ميثاقا غليظا" اي اخذن منهم عهدا شديدا وموثقا يربطكم بهن اقوى الربط واحكمه ، ان هذا الميثاق الذي اخذه النساء من الرجال لا بد ان يكون مناسبا لمنعى الافضاء في كون كل منهما من شؤون الفطرة السليمة وهو ما اشارت اليه الآية الكريمة "ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة" فهذه آية من آيات الفطرة الالهية هي اقوى ما تعتمد عليه المرأة في ترك ابويها واخوتها وسائر اهلها والرضا بالاتصال برجل غريب عنها تشاركه السراء والضراء فمن آيات الله تعالى في هذا الانسان ان تقبل المرأة بالانفصال من أهلها ذوي الغيرة عليها لأجل الاتصال بالغريب تكون زوجا له ويكون زوجا لها تسكن اليه ويسكن اليها ، ويكون بينهما من المودة والرحمة اقوى من كل ما يكون بين ذوي القربى فكأنه يقول: ان المرأة لاتقدم على الزوجية وترضى بان تترك جميع انصارها واحبائها لأجل زوجها الا وهي واثقة بان تكون صلتها به اقوى من كل صلة وعيشتها معه اهنأ من كل عيشة وهذا ميثاق فطري من اغلظ المواثيق واسدها احكاما.
3 - حث الاسلام على الزواج والترغيب فيه ، والتحذير من العزوبة والنهي عنها.
4 - اختصاص عقد الزواج -اصل الاسرة - وتفرده ببعض الاحكام دون سائر العقود وذلك صيانة له ، وحرصا على دوامه واستقراره كوضع مقدمات له واشتراط الاشهاد عليه ومنع التأقيت له .. ومن هنا نرى ان الزواج في الاسلام يأخذ نفس العناية التي تأخذها الاسرة ان لم تكن اقوى واشد ، ولا نعرف دينا من الاديان الا وكان للزواج فيه المكان الاول ما يستدعي العناية والاحترام وكذلك لا نعرف امة من الامم التي تعرف قيمة الحياة الا وكان الزواج لديها آخذا تلك المكانة من العناية والاهتمام وليس ذلك فقط لان الزواج اصل الاسرة بل لأنه مما تدعو اليه الفطرة وتقضي به الطبيعة.
واخيرا اختم اقوالي بعد هذا كله عن الاسرة واهميتها انه حري بنا كمسلمين ومؤمنين بمنهج الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بالاهتمام بالاسرة والعناية بها: ان نحافظ عليها بان تبقى متماسكة ومتينة تقوم على اساس من الحب والوئام وتورث ذلك لاعضائها وبالتالي تقل وتضعف المشاكل بين الزوجين اللذين هما اساس الاسرة وقوامها ولا يمكن مهما تعددت الاسباب ان يصلا الى هذه المشاكل ما يؤدي الى انهيار بيت الزوجية سائلا المولى العزيز ان يحفظ الله اسرنا وازواجنا وذرياتنا وان يصونها من الانحلال والضياع.