لياس توما
يحل خيار اللجوء إلى الطلاق وإنهاء العلاقة الزوجية في بعض الأسر بعد عدة اشهر من الزواج، وفي الكثير من الأحيان بعد عدة أعوام. وغالبا ما ترافق هذا القرار المصيري إشكالات وتعقيدات كثيرة تتصاعد فيها المشاعر عاليا، ويلجأ كل طرف إلى مختلف الطرق والأساليب لإظهار الطرف الآخر بالصورة الأكثر سوداوية وقبحا.
ينصح خبراء العلاقات الزوجية الزوجين المختلفين اللذين يحاولان حل خلافاتهما بالطلاق «بالإنصات إلى الصوت الداخلي» الذي يحذر بوجود مشاكل في الحياة المشتركة لا بد من حلها قبل أن تتفاقم، فهذا الصوت يظهر مثلا عندما ينسى الزوج أو الزوجة ذكرى زفافهما، أو عندما ترجو الزوجة زوجها مثلا بعدم الالتحاق بعمل جديد لكونه سيعكر صفو حياتهما، لكنه يتجاهل ذلك.
وأصوات التحذير هذه نسمعها في وقت مبكر، قبل أن تبدأ عملية اتخاذ القرار بحل الأوضاع المتأزمة بشكل جذري، ويقوم هذا الصوت الضعيف أحيانا بالصراخ في وجوهنا، بان مثل هذه المشاكل لا يمكن لها أن تستمر.
ومن الطبيعي أن لا يحزم أحد الزوجين حقائبه ويقرر الرحيل عند ظهور أول مشكلة، وإنما عندما يتم الإصغاء بانتباه إلى الصوت الداخلي الذي يقول بان أي عملية ترميم للعلاقة أصبح لا طائل منها.
وقد يكون مقبولا بالنسبة للبعض التأرجح في العلاقة والحفاظ على السقف المشترك فوق الرؤوس بدلا من الافتراق، غير أن الصوت الداخلي في الأغلب ينصح بأفضل الخطوات التي يتعيّن اتّباعها ومتى يفضل إنهاء العلاقة بدلا من الاستمرار بها بشكل شبه محطم.
اعترفوا بأن الطلاق يشارك فيه طرفان
إذا تملك المرأة الغضب من ترك زوجها لها بسبب امرأة اخرى، فان ذلك يترافق على الأرجح بتصور واضح لديها بأنه وغد وانه وحده المسؤول عن انهيار الزواج. لكن عندما تكون الأمور على ما يرام في العلاقة، فان لا احد من الطرفين يقوم بخداع الآخر، بمعنى أن تغير سلوك الزوج قد يكون ناشئا عن وضع غير صحيح في علاقته بزوجته.
وأحيانا يكمن السبب الرئيسي في الطلاق في الاختيار غير الموفق للشريك، لذلك قد يبذل الرجل أو المرأة كل ما بوسعهما لعدم اللجوء إلى ابغض الحلال وهو الطلاق، لكن ذلك قد لا يفلح لعدة أسباب منها مثلا أن الطرف الثاني لديه جنوح متكرر نحو الخيانة، أو انه يعطي الأولوية لتحقيق طموحه في عمله على حساب الأسرة، أو أن الزواج تم بين شخصين لا يناسبان بعضهما بشكل جذري، وبالتالي فان الحلول الوسط لا يمكن أن تنجح في حل هذه المشكلة.
ومن المؤكد أن الرجل أو المرأة يتعيّن عليهما أن لا يشعرا بان كل واحد فيهما مظلوم وأن الآخر أخطأ في حقه، فالأخطاء التي تؤدي في النهاية إلى طريق مسدود تحدث من الطرفين. مثلا في حال عدم احترام المرأة لزوجها، أو محاولتها السيطرة عليه وتعليمه ما الذي يتعيّن عليه القيام به، أو عدم حرصها على منحه الوقت الكافي وتركيزها بشكل مبالغ فيه على الأطفال، أو العمل المستمر على خنقه ومنعه من تحقيق ذاته وأحلامه.. يتعيّن عليها هنا أن تقر بان مسؤولية الطلاق تقع على عاتقها أيضا، الأمر الذي سيجعل عملية الطلاق تجري بشكل أسهل، وأحيانا بروح من الصداقة النسبية.
حافظوا على المستوى الأخلاقي
احذروا الانتقام، وعدوا أنفسكم بعدم توجيه ضربات مؤلمة للطرف الآخر، واحرصوا على عدم الغضب بشكل لا يمكن السيطرة عليه، ولا تجعلوا التصرفات تسبق فعل التفكير، وتجنبوا العدوانية.
هذه النصائح قد تبدو للبعض غير ممكنة وصعبة، وهي كذلك، غير انه في حال عدم العمل بروح هذه القواعد، بغض النظر عن رد فعل الطرف الآخر، فلن يكون النجاح من نصيب المرأة أو الرجل. لذلك ينصح الخبراء الزوج والزوجة بمحاولة ضبط الأعصاب والهدوء، وان تصرف الطرف الآخر بشكل فظ وامتلكتم الرغبة برد الضربة له مضاعفة فلا تفعلوا ذلك، لأنه ما ان تنتهي فترة التأزم هذه فان الطرف الذي يتصرف وفق هذه القواعد سيكون بحق فخورا بنفسه لكونه حافظ على مستوى أخلاقي عال، وانتصر في هذا المجال. فالمحافظة على المستوى الأخلاقي تمنح الشخص شعورا أحلى ألف مرة عن أي عملية انتقام يقوم بها الشخص البائس والمحطم.
توقفوا عن الإهانات
يتعيّن على الزوج والزوجة مهما حصل بينهما، تجاوز ذلك والسمو فوق الأشياء ليس فقط من اجل كل واحد منهما، إنما أيضا من اجل الوسط المحيط بهما، وأيضا من اجل الأصدقاء المشتركين الذين سيستمعون لشكاوى الزوج والزوجة لعدة اشهر، لكنهم بالتأكيد لن يتشوقوا بان تظل اسطوانتهما تعزف لعدة أعوام.
إن كل المرارة التي يشعر بها الزوج أو الزوجة مردها إلى أنهما يظلان يعيشان في الماضي ولا ينجحان في التخلص منه. ومادام الإنسان يعيش حياة واحدة، لذلك يتعيّن عليهما أن لا ينتظرا شيئا وإنما التعلم من أخطاء الماضي ووضعها في الذاكرة وبدء صفحة جديدة.
إن تأكيد أن الماضي المشترك في العلاقة التي تتجه نحو الانهيار لم يعد آنيا وانه من الأفضل التركيز على الخطوات المستقبلية، يمنح الطرفين الشعور بالراحة.
لا تزجوا الأطفال في خلافاتكما
ينصح الخبراء بعدم جر الأطفال إلى ساحة الطلاق بين الزوجين بأي شكل من الأشكال، لأنهم بريئون من هذا الأمر ولا يستحقون تحميلهم أي قدر من التوتر العبثي.
كما ينصحون بعدم تحدث الرجل أو المرأة عن شريك الحياة السابق بشكل سيئ، الأمر الذي يسري أيضا على التلميحات الواضحة بقدر ما يسري على العبارات الخشنة، وبعدم قول المرأة لطفلها مثلا عبارة: «لا تأخذ بالحسبان إمكان حضور والدك هذه المباراة، فهو سيهمل ذلك كما يفعل في كل مرة».
وتبقى النصيحة الذهبية للأهل في هذا المجال: «لا تستخدموا الأطفال بأي شكل من الأشكال كذخيرة في الاشتباكات التي تحدث بينكم خلال العلاقة الزوجية أو عند إنهائها».