الانعكاسات السلبية لعشوائية الصرف تتعدى صاحبها إلى جميع أفراد أسرته
 البخل والإنفاق ليس لهما علاقة بالغنى والفقر ولكنهما ينشأن عن التكوين النفسي للشخص
أحمد سمير:
  بعض الأسر تميل إلى الإسراف بشكل مبالغ فيه لدرجة تمثل خروجا مباشرا على قيم وعادات وتقاليد المجتمع، في نفس الوقت الذي تجنح فيه أسرا أخرى إلى البخل والتقتير، والغريب أن المسرفين والمنفقين تجمعهما ظروف اجتماعية واحدة، ولكنها على ما يبدو سلوكيات فردية تحتاج لنوعيات خاصة من العلاج حتى تعود بها إلى الاتزان المطلوب.
  البعض يلقي بالتبعية على البيئة الأسرية ويحملها مسؤولية الانحرافات في السلوك الإنفاقي، رغم أنها وإن كانت تتحمل جزءا من المسؤولية، غير أنها ليست المسؤول الأوحد عن هذه الانحرافات، ولكن هناك العديد من العوامل الاجتماعية والبيئية والنفسية أيضا في بعض الأحيان تدفع نحو إتباع هذه المسالك.   تقول الدكتورة إيمان محمد أستاذ علم النفس: الأنماط الإنفاقية المختلفة تتبع في المقام الأول التكوين النفسي للشخص ولا علاقة لها إطلاقا بالغني أو بالفقر، فمن المحتمل أن يكون شخصا فقيرا جدا ولكنه في الوقت ذاته يملك طبيعة تميل إلى الإنفاق، بينما العكس أيضا وارد تماما، بحيث يكون الشخص غنيا جدا ولكنه يملك طبيعة شخصية تميل إلى التقتير، وكلاهما في الحقيقة مريض يحتاج إما إلى معالجات نفسية وإما إلى معالجات اجتماعية، لكن بقائه على حاله يمثل تهديدا واضحا لسلامة المجتمع، لأن انعكاسات سلوكياته لا تتوقف عليه وحده، ولكن المحيطين به أكثر تأثرا منه بها، لأنه عادة ما يكون معجبا بالحال الذي هو عليه، لكن أسرته بطبيعة الحال تعاني من جراء هذه السلوكيات، وقد لا يتوقف الأمر عند حد المعاناة فقط، ولكنه قد يتعدى ذلك إلى التأصيل لعادة سلوكية خاطئة لدى الأبناء، فربما يتسبب بخل الآباء إلى ميل بعض الأبناء إلى السرقة مثلا، وربما يتسبب إسراف الأسرة على عدم تحمل الأبناء للمسؤولية.
  وتشير إلى أنه كما أن للبخل عواقب وخيمة، فإن الإسراف أيضا له عواقبه وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسراف وجعلها شرطا في حل الطعام والشراء والكساء ويشتد الذنب كلما زاد الإسراف وتمادي المرء في كبره وغروره وإعجابه بنفسه ومن أراد أن يقي نفسه شر الإسراف والخيلاء فليلزم الوسطية في آكله وشربه وشأنه كله فلابد من التوازن بين رغبات النفس وأوامر الدين فالنفس تدعو إلى التظاهر والترفع والدين يدعو إلى الحياء والتواضع فكن متيقظا إلى ما يوسوس به الشيطان في التجمل وعدمه.
  وتضيف أن الزوجة قد تجد نفسها أمام زوج بخيل أو مسرف فالأمر هنا يتطلب منها حكمة كبيرة جدا ودبلوماسية عالية فالزوجة هنا عليها العبء الأكبر وهي التي تستطيع أن تجعل هذا الزوج يقلع عن هذا الأمر بالتوجيه وإظهار الآثار الاقتصادية الضارة التي تترتب على أفعاله مع مراعاة أن هذا الأمر لن يكون سهلا على الإطلاق لأن هذا الزوج قد شب على هذا الأمر وتعديله يحتاج لمجهود كبير منها.. ولا شك أن الأولاد يتأثرون كثيرا سواء من البخل أو الإسراف.
  وتوضح أن الدين الإسلامي أمرنا بالقصد والاعتدال والتوازن في الإنفاق والمعيشة ومن يفعل غير ذلك فقد خالف دين الله، حث الإسلام على عدم إضاعة المال.
وهنا يقع العبء الأكبر على الزوجة التي إذا ما شعرت في زوجها ميل للإسراف على أن تقتصد هي وتدخر دون أن تدخل معه في صدام أو شجار، أما البخل فهو مرض نفسي وتربوي وعلى الزوج أن يدرك أنه مطالب الإنفاق على زوجته وأولاده إلى حد الكفاية أو حسب قدرته مع مراعاة أن على الزوجة مراعاة ظروف زوجها أن كان حقا لا يقدر على تلبية كل متطلباتها فلا تكلفه من النفقات ما لا يطيقه خاصة النفقات الكمالية والترفيهية والتي يمكن الاستغناء عن جزء منها أو عن كلها ويمكن للزوج أن تصارح زوجها برفق وكياسة وعليها أن تصبر عليه ولا تعقد مقارنات بينه وبين أهلها أو زوج صديقتها.
  ويرى الدكتور محمد عبد الرحيم أستاذ الفلسفة الإسلامية أن الزوج الذي يهمل في شؤون بيته ويقصر في نفقة زوجته مع قدرته ويساره فهو مقصر وآثم إلا أن البخل ليس مبررا للزوجة لترك منزل الزوجية وإهمال الأم لزوجها وابنها بل عليها أن تسترشد بقوله صلى الله عليه وسلم لهند زوجة أبى سفيان "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" والأصل أن النفقة واجبة على الرجل لزوجته نفقة كفاية ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحذرنا من الشح ويبين لنا سوء عواقبه.

JoomShaper