سهير بشناق
لم تشعر ام قيس بالاحباط والارهاق الجسدي من قبل كما شعرت به دون وجود خادمة تساعدها في اعمال المنزل وفي رعاية اطفالها اثناء عملها فهي أسوة بامهات كثيريات اعتدن على وجود خادمات يساعدهن وجدن انفسهن امام مشكلة حقيقية.
وفيما يصف البعض المشكلة بانها تدخل في باب الترف ولا تستحق التذمر او الشكوى الا ان ايقاف استقدام الخادمات خلال الشهور الماضية ادخل نساء كثيرات في أعباء نفسية ناتجة عن ازدياد حجم المسؤوليات الملقاة جمعيها على عاتق الامهات العاملات على وجه التحديد .
واحتارت الأمهات ممن اعتدن الاعتماد على العاملات في منازلهن, في كيفية الجمع بين الواجبات المطلوبة منهن التي تتوزع بين تنظيف منزل واعداد طعام والاعتناء بالاطفال ,وما الى ذلك من واجبات ومسؤوليات اخرى لا تستطيع المرأة العاملة القيام به لوحدها,وان فعلت ذلك فأن منسوب توترها يرتفع .
وتقول ام عمر – ام لثلاثة اطفال – وتعمل في القطاع الخاص - : منذ ان سافرت خادمتي قبل ثلاثة شهور وانا اعيش حياة عنوانها الارهاق الجسدي والتوتر الذي انعكس على اطفالي وزوجي , فانا أنهي عملي الساعة الرابعة عصرا واعود الى منزلي لاجد قائمة من الواجبات امامي من متابعة دراسة ابنائي وتنظيف المنزل واعداد الطعام لليوم التالي .
وتضيف : يعتقد البعض بان عمل العاملات ليس من الالويات في الحياة لكنهم لا يدركون حجم المسؤوليات التي تواجه الام العاملة,لأن المشكلة ليست في الاعتماد على الخادمة لدرجة الاتكالية بمقدار ما هي توزيع لمهام او تقاسم لاعباء تواجهها الام العاملة يوميا,ومنها ايجاد الوقت الكافي لتعليم الأبناء ومتابعة دروسهم.
وتشترك ام عبدالله بذات الراي فتقول : اعمل في احدى الوزارات وينتهي عملي الساعة الثالثة عصرا لاعود الى المنزل واقوم باعداد الطعام وتنظيف المنزل لتصبح الساعة السادسة مساء واطفالي ينتظرون ان اجلس معهم واتابع دراستهم وتتساءل : كيف يمكنني ان اجد وقتا لكل هذه المسؤوليات المطلوبة مني فانا لم اعد قادرة على ايجاد وقت لاي شيء اخر كالقيام باصطحاب اطفالي خارج المنزل في ايام العطل الاسبوعية لاني اكون منشغلة باعمال المنزل الاخرى التي تراكمت ولا يسمح الوقت بانجازها في منتصف الاسبوع .
ولا تقف معاناة النساء والامهات العاملات في ظل ايقاف استقدام الخادمات عند حدود المساعدة المنزلية بلا تتعداها في ان كثيرا من الامهات كن يعتمدن على الخادمات بالاعتناء باطفالهن طيلة غيابهن بالعمل مما دفعهن للجوء الى الحضانات التي قالت عنها عدد من الامهات انها اسهمت في ازدياد الانفلونزا والرشح لدى اطفالهن خاصة للذين لم يعتادوا الاختلاط باطفال اخرين .
وتقول ام رائد – موظفة - : بعد ان اوقفت اجراءات استقدام الخادمات منذ فترة لم اجد مكانا لوضع طفلي البالغ من العمر سنتين – سوى باحدى الحضانات بعد ان كان يبقى مع الخادمة في المنزل, لحين انتهاء عملي .
وتضيف : منذ ان بدات بارساله للحضانة وهو يعاني من المرض تارة التهاب في المجاري التنفسية وتارة اخرى التهاب الاذنين اضافة الى اعراض الرشح المستمرة مشيرة الى ان طبيب الاطفال نصحها بالتوقف عن ارساله للحضانة لحين شفائه بشكل تام الا انها لا تجد من يقوم على رعايته خاصة وانها لا تستطيع الحصول على اجازات من عملها .
وترى ان وجود الخادمة للمراة العاملة لم يعد ترفا بل هو اولوية هامة ومساند كبير لكل امراة عاملة تجد من يساعدها سواء في الاعمال المنزلية او برعاية اطفالها اثناء غيابها عن المنزل .
وفي الوقت الذي يرى فيه اخصائيون تربويون بان الطفل بحاجة لوجوده بجانب والدته خلال السنوات الاولى من عمره فان تغيرات الحياة وتسارعها وعمل المراة لم يعد ايضا من باب « التسلية وقضاء وقت الفراغ « بل اصبح ضرورة وحاجة ماسة لمساعدة زوجها في مواجهة الالتزامات المادية المتزايدة يوما بعد يوم فالخادمة ليست مربية وليست بديلا عن الام لكن وجودها اصبح ضرورة وغيابها يرهق الأسرة باكملها .
العاملات في المنازل بين الترف والضرورة
- التفاصيل