سهير بشناق
« ما اجمل العيد فقد قضيت أياما برفقة ابي الذي اصطحبني الى أماكن اللعب »
بهذه الكلمات الطفولية عبر الطفل – رامي – 7 – سنوات – عن فرحته بالعيد معتبرا اياه فرصة لرؤية والده الدائم الانشغال عنه بسبب عمله , فكانت عطلة العيد فرصة لكثير من الاباء للأستمتاع بوجود ابنائهم بجانبهم ومرافقتهم الى أماكن اللهو والجلوس معهم ومحادثتهم.
ورامي ليس الطفل الوحيد الذي يفتقد وجود الاب فهناك اطفال كثيرون يفتقدون اباءهم بسبب انشغالهم في العمل لساعات طويلة تؤثر سلبا عليهم وتحرمهم من قضاء اوقات مسلية برفقة الاباء .
ولا تقتصر الشكوى على الاطفال فقط بل ان كثيرا من الامهات يعبرن عن التذمر من غياب الاب المعنوي عن اطفاله فالام تتحمل في كثير من الاحيان مسؤولية الاطفال التي تبدا بالاعتناء بدراستهم ومراقبة شؤونهم اضافة الى ترفيههم بسبب انشغال الاباء بالعمل وعدم قدرتهم على ايجاد اوقات لاطفالهم . فكانت عطلة العيد فرحة حقيقية لهؤلاء الاطفال الذين يفتقدون اباءهم بالرغم من عيشهم سوية في بيت واحد فالطفل يحتاج للشعور بوجود والده والجلوس واللعب معه وهي امور لا تحدث كثيرا في اغلب الاسر خاصة في ظل اعباء الحياة اليومية التي ينهمك الاباء فيها لاهثين وراء توفير لقمة العيش ومتطلبات العائلة .
وتقول ام محمد – موظفة – وام لطفلين – : اطفالي يشعرون بوجود والدهم خلال عطلة الاعياد فقط التي تصبح بالنسبة لهم فرصة حقيقية للشعور بمعنى كلمة» اب «
وتضيف : زوجي يعمل لساعة متاخرة ويعود للمنزل والاطفال نائمون ولا يراهم الا وقت الغداء فقط حتى في عطلة نهاية الاسبوع نخرج لزيارة الاهل ولا يكون هناك وقت لاصحابهم لاماكن اللعب.
وتشير الى ان تربية الابناء بكل تفاصيلها اصبحت مسؤولية الامهات بالرغم من انهن يعملن ايضا الا ان الازواج يعتقدون ان هذه مسؤولية الامهات فلا وقت لديهم لاطفالهم كما يقولون دائما .
اما أم احمد – ولديها أربعة اطفال اكبرهم في عمر العاشرة – فتقول ان اطفالها يفتقدون والدهم» فهو دائم السفر ولا وقت لديه يقضيه معهم «.
وتبين ان ابنها الكبير يعاتب والده دائما ويطالبه باصطحابنا كأسرة لكن طبيعة عمل زوجي تحرمهم من هذه الامنيات ؟؟ وقد شكلت عطلة العيد فرصة للأطفال والاباء على حد سواء لتجديد العلاقة الابوية فيما بينهم بالرغم من تذمر كثير من الاباء من ابنائهم لعدم اعتيادهم على الجلوس بالمنزل لفترة طويلة وتحمل صراخ ولعب الاطفال ومشاجراتهم, وهذه الامور التي اصبحت جزءا لا يتجزا من حياة الام اليومية التي وحدها تتعامل معها بتفاصيلها التي بدت لكثير من الازواج حياة متعبة تبعث على الضجر وتعرفوا عليها مؤخرا.
وتؤكد اخصائية الطفولة المبكرة مي البكري على اهمية شعور الاطفال بوجود بابائهم اسوة بأمهاتهم فتربية الاطفال كما تقول مسؤولية مشتركة بين الاباء والامهات ولا يجب ان تترك للأمهات فقط .
وتضيف : ان اعباء الحياة ومتطلبات الاسرة تدفع بكثير من الازواج الى الانهماك بالعمل ونسيان حقوق اطفالهم وزوجاتهم عليهم واهمها قضاء اوقات معا كأسرة واحدة .
وتشير الى ان تجاهل الاباء لهذه القضية الهامة يؤثر سلبا على حياة الابناء خاصة في مرحلة عمرية يحتاج الطفل فيها للشعور بوجود والده من خلال اصطحابه لقضاء اوقات ترفيهية واللعب معه والحديث معه في امور قد لا يرغب بالحديث بها مع اي شخص اخر .
وتحث الاباء على اهمية ايجاد وقت للأبناء في نهاية الاسبوع وليس بالضرورة ان تكون خارج المنزل بل يمكن استغلالها بامور مسلية داخل البيت كمشاهدة التلفاز سوية او مشاركة الابناء باللعب او قراءة القصص ليشعروا بوجود الاب في حياتهم وهو امر في غاية الاهمية لنموهم العاطفي .
وتبقى عطلة عيد الاضحى المبارك مبعث فرح لكثير من الاطفال الذين شعروا بوجود الاب الدائم الانشغال عنهم وهي مناسبة حقيقية للأباء لاعادة ترتيب اولوياتهم في الحياة ليكون الابناء اولها ,فالحياة بهمومها واعبائها لا تنتهي لكن الاطفال سيكبرون يوما ما ويشكلون حياتهم الخاصة فيردد الاباء بعدها مقولة « يا ليتهم يعودون صغارا » كي نستطيع رؤيتهم او مشاركتنا ايامنا !

JoomShaper