* انتشار حالة الفتور الزوجي تكون بسبب داخلي في العلاقة الخاصة بين الزوجين، أو بسبب خارجي هو أن تكون للزوج نزوات نسائية ومن هنا يحدث فتور في علاقته بزوجته، وعلى الزوجة أن تحاول التجديد والتغيير فيما لا يحبه الزوج.
القاهرة - وكالة الصحافة العربية
الزواج ليس معركة تضم منتصرا وخاسرا وكل منهما يريد أن يتفادى الخسارة بالضغط على الطرف الآخر فالزواج حياة مشتركة تنشد الاستقرار والحياة الهادئة الآمنة وهي عنوان تماسك المجتمع، والحياة المشتركة تحتاج للمزيد من التنازلات والتسامح لكن في السنوات الأخيرة أصبح هناك نوعان من الطلاق الأول وهو الانفصال التام وانهيار تلك الشراكة والثاني هو الطلاق النفسي، ويرجع خبراء الاجتماع أسباب الطلاق إلى الفشل في التوافق بين الزوجين ومن عوامل هذا الفشل الحب الرومانسي القائم على الأفكار والتصورات غير الواقعية حيث يرى كل من المحبوبين الآخر على ما يهوى وليس على طبيعته وعندما يكشف الواقع المعاش غير ذلك يحدث هذا النوع من الطلاق. وغالبا ما تبدأ الحياة الزوجية بمشاعر الحب الدافئة ، حيث يحرص كل طرف على إسعاد الطرف الآخر ، والمحافظة على الصورة التي كونها عنه ، ويولي الطرفان اهتماماً شديداً بإظهار السعادة والتفاهم أمام المحيطين بهم من الأقارب والمعارف ، وبالفعل يكون هناك رصيد مستمد من العلاقة أثناء فترة الخطوبة يجعل الحياة الزوجية بهذه الصورة في بدايتها ، ولكن رويداً رويداً يبدأ الاصطدام بمشاكل الحياة الواقعية ، فالزوج منهك في العمل ولا وقت لديه لزوجته إلا نادراً ، وقليلاً ما يعبر عن مشاعر الحب لها ، والزوجة هي الأخرى تنزلق إلى هموم الحياة اليومية ، ونبدأ في التدريج في إهمال مظهرها أمام زوجها خاصة بعد مجيء الأطفال ، ومن هنا تبدأ الآفة التي تهدد الحياة الأسرية في الظهور وهي فتور العلاقة الزوجية ، أو ما يطلق عليه الطلاق النفسي الذي يكاد تكون ظاهرة في كثير من البيوت ، فكيف يرى الأزواج هذه الظاهرة؟ وكيف يفسرها أساتذة طب النفس وعلماء الدين؟ وما علاجها؟ في دراسة حديثة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ثبت أن غياب الأب وانشغال الأم هما السبب الرئيسي للجمود العاطفي وبرود المشاعر ، ومن ثم وجود الطلاق النفسي أو الحرب الباردة بين الطرفين التي يكون ضحاياها الأبناء مما يؤدي إلى التفكك الأسري ، وأوضحت الدراسة أن استمرار حالات الطلاق النفسي وعدم وصولها إلى الطلاق الشرعي يرجع لأسباب عديدة تبدأ بالأسباب المادية وعدم القدرة على توفير سكن مستقل ، والخوف من نظرة المجتمع إلى المرأة المطلقة ، أما الأزواج والزوجات فلهم رأي آخر في ظاهرة الطلاق النفسي.

تقول فاطمة عبد السميع "موظفة": يتصور بعض الرجال أن الاهتمام بالعواطف والمشاعر نوع من الضعف ، وأن المرأة يمكنها التحكم والسيطرة في الزوج الذي يعبر عن حبه لها ولا يدرك أن مثل هذه الكلمات قد تزيد العلاقة الزوجية قوة وصلابة وتقرب كلا الطرفين من بعضهما ، وفي اعتقادي أن الرجل الشرقي لا يعترف لزوجته بحبه لأن عقليته تكونت منذ القدم على أنه سي السيد الذي يأمر فيجاب ، ويستكبر أن تخرج منه كلمه حب وتقدير لشريكة حياته ، وهو ما يؤدي بالتالي إلى الفتور العاطفي بينهما فعدم الاعتراف من كلا الطرفين بالمودة والحب للآخر يزيد الجفاء بينهما وأحيانا يصل الأمر إلى حد أن تمر عدة أيام دون أي حديث بينهما ، وقد تصل الأحداث إلى ذروتها بالمشاجرات والخلافات مع دوامة العمل ومتطلبات الحياة التي قد تصل ببعض الأزواج إلى النهاية الحتمية وهي الطلاق النفسي أولا والذي قد ينتهي بالطلاق الشرعي. ويرى تامر فتحي "مهندس" أن الحياة الزوجية فيها كثير من الحب والمودة والرحمة فقد قال تعالى ": وجعل بينكم مودة ورحمة" ، وكذلك يمكن أن يعتريها بعض الملل والفتور وهو شعور طبيعي يستمر طويلاً ، وأن الروتين اليومي للحياة يؤثر بشكل ضروري في حياة الأسرة خاصة إذا كان الزوجان يعملان خارج البيت لفترات طويلة مما يجعل فترة تقابلهما معاً داخل البيت قصيرة. ويضيف أنه ما من حياة لا يمر بها مشاكل أو تقابلها رياح وأعاصير يمكن أن تطيح بها ويمكن أن تجد من يتصدى لهذه الرياح ، ولابد أن يقدم كل من الزوج والزوجة التضحيات والإخلاص لبعضهما حتى تنجح حياتهما ، و يقول محمد شتا المحامي: إن الطلاق النفسي وفتور العلاقة الزوجية لهما آثار مدمرة تنتج عنها مشكلات اجتماعية ونفسية كثيرة منها شعور كل طرف بالإحباط إزاء الطرف الآخر ونظرة كل شريك إلى شريكه بعين الريبة غير القادرة على الصبر وتغلغل المعاناة النفسية إلى أعماق الوجدان ، فضلاً عن المرارة التي يعيش فيها الأبناء من جراء ملاحظاتهم لآبائهم وهم يعيشون منفصلين فكرياً ووجدانياً، ويرى " شتا " أن علاج الفتور الزوجي يمكن أن يكون عن طريق تدخل طرف ثالث لتقريب وجهات النظر بما يعود على الأسرة بالنفع والاستقرار ، والحل الأمثل الذي إذا اتبعه الزوجان منذ بداية حياتهما الزوجية فلن يحدث لهما أية مشكلة هو العودة للدين الإسلامي الحنيف ، ففي كتاب الله وسنة رسوله العلاج الشافي لكل ما تتعرض له الأسرة من أمراض نفسية واجتماعية ، فالإسلام يجعل الرجل يراعي الله في زوجته والزوجة تعلم ما لها وما عليها ويصون لها كرامتها وعزتها ، وإذا لم تنجح هذه الأمور كلها فإن العلاج يكون الطلاق الشرعي.

ويؤكد استشاري الطب النفسي د. محمود جمال: إن الإنسان في جميع مراحل حياته يحتاج دائماً للاهتمام وإشعاره بأنه يستحق الاهتمام، وليس تفضلاً من الطرف الآخر أن يشعره بهذا الحب والاهتمام ، فلا توجد مراحل عمرية معينة أو ظروف نفسية يجب تبادل لحظات الخصوصية فيها والشعور بالاهتمام الخاص من كل طرف للآخر مثل فترات الخطبة أو بدايات الزواج التي سرعان ما تتلاشي مشاعر الحب مع مرور السنوات مما يؤدي إلى صدمة عاطفية فالمشاعر والعواطف بعد الزواج تتغير مما يضاعف حجم المشاكل بين الزوجين ويفتح الباب لتدخل الآخرين في حياتهم الزوجية مماقد ينشأ عنه مشاكل أخرى قد تفسد العلاقة وتحطمها، مشيرا إلى أهمية كلمات الحب والمودة الصادقة البسيطة لأنها تجدد الإحساس وتزيد الارتباط وتحمي العلاقة الزوجية من الانهيار والخلل والوقوع في خطر الطلاق النفسي وعلى كل من الطرفين أن يبذل أقصى جهده لإنجاح زواجه والتضحية من أجل إسعاد أفراد أسرته.

ويرى الداعية الإسلامي د. مبروك عطية إن انتشار حالة الفتور الزوجي تكون بسبب داخلي في العلاقة الخاصة بين الزوجين ، أو بسبب خارجي هو أن تكون للزوج نزوات نسائية ويطلب منها كل جميل ومن هنا يحدث فتور في علاقته بزوجته ، وهنا على الزوجة أن تحاول التجديد والتغيير فيما لا يحبه الزوج حتى تحدد العلاقة وتعيدها إلى حيويتها، مؤكدا أن العلاقة الزوجية هي مودة ورحمة وتعاون وسكن كما شرعها الله سبحانه وتعالى وأوصى بها الرسول، وأن الرجل لا يكره زوجته كلية ولكنه يمل منها بعض الوقت حيث يقول الرسول : " لا يفرك مؤمن مؤمنة ، إن كره منها خلقاً ، رضي منها آخر " لأنه في حالة الرفض الكامل لكل ما تفعله المرأة سيكون الطلاق الذي هو أبغض الحلال ، ويوصي د. عطية في علاج الملل الذي يصيب العلاقة الزوجية بأن يلوذ كل طرف بما بقي من القيم الطيبة في الطرف الآخر وأن ينظر إلى المساحة الممتلئة في الكوب ، فقد جاء رجل إلى سيدنا عمر يشكو عدم حبه لزوجته فقال له سيدنا عمر بن الخطاب: "أو كل البيوت تقوم على الحب أين المودة وحسن المعاشرة التي يمكن أن تبقى على الحياة ؟" . ويشير الشيخ محمد الشحات بالأزهر الشريف إلى أن العلاقة الزوجية كما جاءت في سنة نبينا محمد تبدأ من مرحلة اختيار شريك الحياة فأوصى قائلاً : " اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس " ،وقال: " اظفر بذات الدين تربت يداك ". وأوصي أهل المرأة فقال: " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه " كل هذه الأمور تمهد لبداية حياة كريمة ، ويضيف: " المبدأ الأساسي في العلاقة الزوجية بعد أن يكون قد تم اختيار الشريك هو قول الله تعالى: " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة "، فالمحبة والمودة يجب أن تكون سمة بين الزوجين ، ولكننا نلاحظ أن العلاقة بين الزوجين قد تحدث فيها شروخ أو فتور ومعنى هذا أنها قد حادت عن الطريق الذي رسمه الله سبحانه وتعالى لدوام هذه العلاقة، ويرجع الشيخ الشحات فتور العلاقة الزوجية إلى عدة أسباب أولها الضعف الإيماني فالمرأة في عصرنا الحاضر قد خرجت إلى العمل وهذا حقها ولكن في الغالب أدى إلى فتور علاقتها بزوجها فهي تعتبر نفسها مساوية له ونداً له في كل شيء ولا تعتبر أنهما يكملان بعضهما البعض وبالتالي النتيجة الحتمية هي عدم الراحة لكلا الطرفين فيبدأ الصراع والخلاف بين الزوجين والضحايا هم الأبناء ، وثاني هذه الأسباب هو نمط الحياة الروتينية التي يعيشها الإنسان فلا يوجد تغيير أو تجديد في الحياة مما يصيب كلا الطرفين بالملل والفتور ، خاصة أن الإنسان في طبعه يحب الجديد دائماً وبالتالي فلابد من الحرص من جانبي الزوج والزوجة على تجديد الحب والمودة بينهما ، وينصح الشيخ الشحات بالعودة إلى المنهج الإسلامي ، وأن نتذكر الله سبحانه وتعالى في إقامة العلاقة الزوجية ، وأن تتذكر المرأة أنها عندما تجلس في البيت وترعى أبناءها فإنها ليست خادمة لزوجها ، ولكنهما معاً يقيمان بنيان الأسرة لذا فلابد من ضرورة أن يضحي أفراد الأسرة حتى تسير السفينة وترسو على بر الأمان والاستقرار الأسري.

JoomShaper