الدستور - اسراء خليفات
كثيرا ما اشتكى زوج او زوجة من مراقبة زوجها لها او زوجته له. ولكنهم ( الازواج ) يتحمّلون هذه الحالة ـ المراقبة الدائمة التي قد تحاصرهم ، ولو كانت بدافع الخوف والغيرة والحب المجنون . ترى لماذا يحدث ذلك ومن يدفع كليهما لهذا السلوك وما الهدف والغاية منه؟
أسئلة كثيرة تدور في أذهاننا حين نخوض في هذا المجال او هذه المشكلة الاجتماعية.
الشك ليس السبب
أوضح منصور محمد 37 عاما انه يرى ان الشك ليس هو السبب لما قد يفعله من تصرفات تفسّرها بعض الزوجات على أنها مراقبة. فهناك اسباب أخرى يراها الزوج من منظور غير المراقبة مثل منظور الخوف الشديد على الزوجة أو الفضول في معرفة كل شيء عنها أو القلق من أن لا تذكر الزوجة امرآ حصل معها او مع ابنائها لزوجها لانها تراه صغيراً ، لكنه قد يكون ، من وجهة نظر الزوج ، خطيرا ويجب معرفة تفاصيله للتدخل فيه وقت اللزوم ، لذلك يجب ألا تكون الزوجة حسّاسة من مثل هذه التصرفات ويجب ألا تفسرها على أنها تجسس لأن الزواج ليس حرباً. معاناة
في حين عبرت هنادي 33 سنة عن المعاناة التي تعيشها مع زوجها الذي ارتبطت به بعد قصة حب عاشت لمدة عامين قبل الزواج ، موضحة ان النساء هن الأكثر تضررا من مراقبة ازواجهن لهن كما ان ذلك يشعرهن بالقلق وعدم الثقة من الطرف الاخر.

تذكر هنادي بعد ارتباطها بزوجها باربعة اشهر توالت المفآجأت بإكتشافها انه يراقبها. فذات مرة كانت تتحدث في الهاتف مع صديقة لها وما أن بدأت تتكلم معها حتى قام زوجها برفع السماعة الاخرى ليعرف ما يدور في المكالمة مضيفة : عندما واجهته قال إنه يفعل ذلك على سبيل المداعبة ، غير أنها لم تكن كذلك لأنها تكررت أكثر من مرة.

مبينة ان الامر ليس فقط كذلك وانما تعدى الامر الى انه يفتح الرسائل التي تأتيها على ايميلها من أقربائها وأصدقائها بحثا عن شيء لا تفهم ما هو ، قائلة انها عندما تذهب لغرفة أخرى وتعود تجده يقوم بتفتيش حقيبة يدها وتصرفات اخرى كثيرة تثير جنونها مؤكدة انه بإستمرار يتجسس عليها على الرغم من انها واثقة انه لا يشك في تصرفاتها أو سلوكها ولكن لا تعرف ما السبب في ذلك .

وتقول منال 27 عاما :" انه يوصي أهله وخاصة أخواته بزيارتي من دون موعد لمفاجأتي ومعرفة ماذا افعل باعتبار انها أشياء صغيرة وبسيطة جداً لكنها كلها كانت تؤكد أن زوجي يراقبني".. هكذا وصفت منال وضعها وتضيف :" لقد ضقت ذرعا مما يحصل معي الامر الذي جعلني أشكو لاحدى صديقاتي حتى وجدتها أنها أيضاً تعاني من أشياء شبيهة بما أعانيه الامر الذي هون عليّ بعض الشيء " .

ووضحت آمنة 55 عاما ان السبب لمراقبة الازواج لبعضهم يعود الى الحرية الزائدة التي يعيشها الجيل الحالي الامر الذي يزيد من نسبة الشك عند بعض الرجال او النساء وترى ان على الازواج ان لا يقبلوا بمثل هذا الامر .. وتجد آمنة أن الحل في ذلك: ان تتم مواجهة الزوج او الزوجة للطرف الآخر ويقوما بالنقاش والوصول الى قرار يمنع مثل هذه الامور ان تحصل بينهما وان عجزا عن ذلك من الافضل ان يتدخل احد المقربين لوضع نهاية لذلك .

الزواج مبني على الثقة
ويرى وائل احمد 29 عاما أن اساس استمرار الزواج يجب أن يقوم على الثقة: وإلا انهارت الاسرة. ويشدد وائل على ان تكون الثقة بين الزوجين متبادلة وذلك بأن يكون مبني على الصراحة بين الزوجين ، فالزوج الشكاك مرفوض وكذلك الزوجة الشكاكة.

رافضا وصف الرجل وحده بالشك كما ان هناك زوجة بطبيعتها تشك في كل شيء ، وبالتالي أي تصرف عادي من زوجها قد تفسّره بألف تفسيرفتنشب المشاكل بينهما ، ولذلك يجب ألا يكون هناك مكان للشك في بيت الزوجية سواء عند الرجل أو المرأة.

ويخالفه الرأي هايل 25 عاما حيث يقول : قليل من المراقبة مطلوبة خصوصاً وأنه لم يعد هناك ما يدعو إلى الطمأنينة الكاملة مثل قبل .

مضيفا لو انني كنت متزوجا والثقة متواجدة بيننا فانني أثق حقآ بها ولكن لا أثق بمن حولها وما قد يؤثر على حياتنا الزوجية وهي قد لا تفهم هذا الأمر ، ولكنني اعتبر ان الرجل يكون أكثر خبرة في تفاصيل الحياة اليومية من المرأة ، ومراقبة الزوج لأمور حياته الزوجية ليست تجسسا بل هي من أجل راحة البال فقط وعلى الزوجات ألا يغضبن من ذلك.

شمولية
واعتبر الدكتورعاطف شواشرة ( محاضر غير متفرغ في الجامعة الأردنية ومستشار في قضايا الجندر والأسرة ) أن العلاقة الزوجية علاقة شمولية تشمل كافة جوارح الانسان ، عقل وجسد وروح ووجدان.

كما أنها ترتسم ملامحها منذ اليوم الاول في الارتباط وتسير وفق منظومة اجتماعية ومعايير فردية وجماعية.

مشيرا الى أن تمتين هذه العلاقة يعتمد على ركنيها الاساسيين في الدرجة الاولى (الزوج والزوجة) وعلى الناس المحيطين من أهل وأصدقاء في الدرجة الثانية ، الى أن بعض الازواج أحياناً يبالغ و يغالي في رغبته في الحفاظ على هذه العلاقة لدرجة انه ينظر الى شريك حياته كما لو كان يريد امتلاكه.

اما من ناحية الزوجات وخاصة الغيورات فانهن ينظرن الى أزواجهن كأدوات خاصة لهن ومن حقهن التلاعب بهذه الادوات والحفاظ عليها بالطريقة التي يرونها مناسبة.

ان التفسير النفسي لتجسس الزوجات على أزواجهن يقع في واحد من أمرين: الأول: شخصيات بعض النساء المعتمدة على الشك المرضي فهي تشك في كل صغيرة وكبيرة يقوم بها زوجها كإجراء مكالمة او ارسال رسالة قصيرة أو حتى ابتسامة أو الاهتمام بنفسه وهندامه ، وهنا تكمن المشكلة في ذات المرأة وليس بما يقوم به زوجها.

اما الثاني: قلة ثقة الزوجة بنفسها وبالاخرين من حولها ، ولذا فهي دائمة التحري والبحث عن حقيقة مشاعر زوجها ووفائه لها ومن الملاحظ في كلا الحالتين ان الوهم هو الذي يسيطر على ذات المرأة ، وان استنتاجاتها دائما مبنية على مواقف ظنية وغير حقيقية.

وبين الدكتور عاطف بعضا من آثار التجسس ومنها أنه يؤدي إلى تحويل العلاقة الزوجية إلى علاقة ضغط نفسي وتوتر ويبدأ الزوج بإزدراء البيت والشعور بالملل من زوجته وضيق في صدره عند الجلوس معها.

لذلك أوصي الزوجات بالإبتعاد عن هذا السلوك لإنه يصنف على أنه نوع من تتبع العورات للزوج وهو غير جائز شرعا كما أنه يعمل على فتور العلاقة الزوجية وقد يقود إلى الطلاق العاطفي بين الزوجين وتبلد المشاعر و عندها تكون العلاقة مجرد هيكل اجتماعي ، واذا كان الزوج من النوع العصبي الذي يثور لأتفه الأسباب فإن الشك قد يقود إلى استخدام العنف وبالتالي الوصول إلى الانفصال.


JoomShaper