الدستور ـ طلعت شناعة
"لم أُصدق حين ذهبتُ لأطلب يد زوجتي ـ باعتبار ما كان ـ ، أن حماتي تعاملت معي بمنتهى الرقة والإحترام ، وكنت أظن أن ذلك لمجرد أنني سوف أُصبح عريسا لابنتها ، لكن وبعد مرور عشرين عاما على زواجي من ابنتها لم تتغير تلك الصورة وبقيت لا أميز بين حنان أُمي ولطف حماتي".
ويمضي عبد الجليل - الرجل "الأربعيني" - قائلا: لم تتدخل سلبا في حياتنا ولا تضغط عليّ بأي شيء ولا تزورني الاّ نادرا وبعد أن نرجوها وأطلب منها ذلك شخصيا. وذات يوم سألتها: لماذا كل هذه الرقة ، هل أنت ملاك أم أنني أستحق ذلك؟.. يومها ردت: هذه طبيعتي وأنا أحرص على حُسن العلاقة بين زوج إبني وبين ابنتي.
وكذلك لدي معلومات أن كل رجل متزوج يعتقد أن حماته مثل الحموات "السلبيات" اللواتي يتدخلن في كل صغيرة وكبيرة وبالتالي يفسدن الحياة الزوجية التي إن حدث فيها أي شرخ إنعكس على أهل الزوجين معا وليس على طرف واحد.
وتؤكد روند معظم ما جاء في كلام عن السيدة"حُسنية"حول شكل الحماة التي يمكن أن تكون صديقة وأما لزوج إبنها.
وأضافت: لقد تغير الحال عما كان في السابق. فقد أصبحت الحماة مثقفة وواعية وخريجة جامعات وموظفة وسيدة أعمال وناشطة إجتماعية. ولم تعد مجرد سيدة تجلس في البيت تنتظر "التنكيد" على خطيب أو زوج ابنتها.
صحيح أن هناك حالات لا تزال تتمسك بالماضي للأسف. لكنني واحدة ممن يحرصن على التعامل الطيب والجيد والواعي مع زوج إبنتي ، أولا من شأن ذلك الإطمئنان على ابنتي والتقرب من زوج ابنتي: لكي أستطيع أن أتدخل في الوقت المناسب إذا ما حدث خلاف بينهما لا سمح الله.
حماة سينمائية
"لو أن الحماة أحبّت الكنّة لكان إبليس دخل الجنّة" قول شعبي مصري قديم ومرآة للنموذج الذي تعكسه السينما والدراما المصرية لصورة الحماة التي جُسّد دورها بطرافة عبر تصوير العلاقة بين الأم وزوج الإبنة أيضاً. وقد قدّمت الشاشة المصرية شخصيتين متناقضتين للحماة : اللطيفة والرقيقة ، الممثلة الراحلة وأم الفنانين أمينة رزق ، والقاسية والمتسلطة الممثلة القديرة الراحلة ماري منيب التي تنسج المقالب المعكّرة لهدوء حياة إبنها أو إبنتها الزوجية في أفلام "حماتي ملاك" ، "حماتي قنبلة ذرية" و"الحماوات الفاتنات". وقد إجتمعت الإثنتان في فيلم "حكاية جواز" حيث أدّت ماري منيب دور والدة الفنانة الراحلة سعاد حسني التي تأبى مفارقة إبنتها وتضع العقبات في طريق عريسها (الممثل الراحل شكري سرحان) الذي يفطر قلب والدته (أمينة رزق). كما اجتمعت منيب مع نموذج الحماة الودودة في فيلم "هذا هو الحب" الذي تجسّد فيه دور والدة الممثل يحيى شاهين - وتعمد إلى اختبار صلابة أسنان زوجة إبنها المستقبلية وغزارة شعرها ، الممثلة لبنى عبد العزيز (إبنة الممثلة القديرة الراحلة فردوس محمد). وتقف الممثلتان الراحلة ميمي شكيب وفيفي عبده في المعسكر المتسلّط فيما تحاكي أدوار الفنانتين القديرة نعيمة مختار والراحلة تحية كاريوكا (أم العروسة) مثالية أمينة رزق.
وصديقة أيضا
السؤال الذي يطرح نفسه إزاء موضوع الزوجة والحماة ، هو متى تتحول الحماة إلى صديقة أو بمنزلة الأُم ومتى تضطرب العلاقة وتستحيل الصداقة بين الطرفين؟ يجيب عن هذا السؤال الدكتور حسين الخزاعي ، فيقول: تنشأ الصداقة عندما يشعر الطرفان بأن الزوجة لهما حقوق مشتركة في هذا الرجل ، فإذا شعرت الأم بأن هذه الزوجة سوف تستحوذ على تفكير ابنها الذي ظلّت تربّيه طول السنوات الماضية ، تتوتر داخلياً ولا إرادياً من هذه العلاقة وتصير مشاعرها تجاه الزوجة سلبية. ولو كانت هذه الزوجة ذكية وأشعرتها بكيانها كأم وأوضحت لها أنها سعيدة مع ابنها بفضل تربيتها الناجحة له وأنها علمته كيف يحترم المرأة ويعاملها ، تهدأ الأم وتقترب أكثر من زوجة الابن.
ويتابع الدكتور الخزاعي: يجب القول إن هناك بعض الشخصيات الهستيرية ، فإذا كانت شخصية الأم هستيرية تصعب مهمة الزوجة ، لأنها تريد أن تكون بؤرة الضوء والشمس التي تدور حولها حياة ابنها وأسرته الجديدة ، وبالتالي هذه الشخصية لا تتقبل وجود أحد معها ويجب أن تشعرها الزوجة بقيمتها وإلا تحولت الحياة بينهما إلى حرب مشتعلة. والعكس أيضاً ، إذا كانت شخصية الزوجة هستيرية ولم تلحظ الأم ذلك منذ البداية ستضطرب العلاقة بين الابن والزوجة والأم لا محالة ، لذا فإن دور الزوج في جميع الحالات مهم جداً ، يجب أن يكون في المنطقة الوسطى مثل رمانة الميزان ، ولا يشعر طرف من الآخر أنه طاغْ عليه ، بل عليه السعي لتحسين العلاقات بين أمه وزوجته.
أحنّ عليّ
سماح محمد ، تؤكد أن حماتها مختلفة تماماً عن هذا النمط ، وتقول: تربطني بحماتي صداقة وطيدة جداً منذ 9 سنوات (هي فترة زواجي). لا أستطيع أن أنكر وقفاتها بجواري ومساندتها لي أثناء انشغالي بتحضير رسالة الماجستير ، فكنت أترك لها ابنتي الكبرى وأذهب إلى الجامعة لإنهاء أبحاثي ودراساتي ، وحتى الآن أحياناً أترك لها بناتي وأذهب إلى عملي. وتضيف: لن أبالغ إذا قلت: إن حماتي أطيب من أمي وأحن منها عليّ وعلى بناتي. إنها دائماً تواسيني وتصبرني على شقاوة البنات ، وتهدئني إذا غضبت من زوجي. إنها تتقي الله في معاملتها لي وأنا كذلك أعاملها بالمعاملة التي أتمناها من بناتي في المستقبل.
اما نادرة شعبان محاسبة ، فتقول: إن علاقة الصداقة بين زوجة الابن والحماة يجب أن تخرج من القلب لتصل إلى القلب. وتقول: رغم أن حماتي تمارس سلطتها كحماة على زوجة ابنها الأكبر والعلاقات بينهما متوترة ، إلا إنها صديقتي وتحبني إلى أبعد الحدود ، خاصة أنني لا أتعامل معها كحماة بل اعتبر نفسي إحدى بناتها وحريصة دائماً على اصطحابها في نزهات وحدنا أو مع ابنتها . وتضيف: حتى إذا ارتكبت خطأ لا تعنفني حماتي بنظرة لوم أو عتاب ، ولا تقر أمام أحد بخطئي حتى لو كان زوجي. ودائماً ما تجعل زوجي يصالحني وإن كنت أنا المخطئة ، فهي لا تقول لي: أنت أخطأت أمام أحد حتى لو كان زوجي بل توجهني بيني وبينها .
حماتي هل تكون بمنزلة أُمي؟
- التفاصيل