من المهم أن يكون التغيير بعد الزواج نحو الأفضل
فاطمة الزهراء العويني
كانا فتى وفتاة في مقتبل العمر ، لا يحملان –غالبا – أي نوع من المسئولية ، فالوالدان مسئولان عن تربيتهما وتلبية كل ما يحتاجانه من مأكل ومشرب وملبس ، تقضي الفتاة وقتها في التزين والتجمل والتسوق ، بينما يقضي الشاب وقته في النزهات والرحلات مع أصدقائه ، ينفق ما في جيبه على أموره الشبابية ، قد لا يدخل بيت أهله إلا نادرا ..
لكن ما إن يقترن كل منهما بشريك حياته ، تنقلب صورة حياته 180 درجة ، وخاصة بعد إنجاب الأبناء ، فالزوجة لم تعد تلك المراهقة التي تقضي وقتها برفقة صديقاتها وفي الدردشة معهن ، بل أصبحت زوجة وأما مسئولة ، ينبغي عليها الاهتمام ببيت وزوج وأولاد ، وارتباطات اجتماعية لا بد من الوفاء بها .. كما لم يعد الزوج هو ذلك الشاب خالي المسئوليات ، بل أصبح في عنقه أمانة زوجة وأولاد ، لا بد له من توفير كل ما يلزمهم من حاجيات.

فمسئولية الزواج لا بد من أنها تغير من شخصية الزوجين ، سواء بشكل ايجابي أو سلبي .. فقد تأخذ منهما بعض الصفات وتمنحهما صفات أخرى .. فكيف يغير الزواج حياة الأزواج ؟ .. هذا ما نحاول معرفته خلال التقرير التالي :

اجتماعية ..لكن " شكاكة"
أم علي تبين أنها تغيرت كثيرا بعد الزواج ، فقد اتسعت دائرة معارفها بعد أن كانت محصورة جدا، لتشمل أقرباء زوجها وأصدقاءه، وصارت حريصة على صلة الرحم ، قائلة :"علمني الزواج الصبر والعقلانية في التفكير بعيدا عن طيش المراهقة ، حتى من ناحية الإنفاق فقد أصبح عندي أولويات بعد أن كنت لا أترك قرشا في يدي إلا وأشتري به ما أريده أما اليوم فمستقبل بيتي وأولادي هو الأولوية ".

وتستدرك قائلة :"قد أعتبر ما سبق تغيرا ايجابيا في شخصيتي ، لكن ليست كل التغيرات كذلك ، فقد جعلني الزواج عصبية ، وصرت لا أحسن الظن بالغير ، فقد صار الشك يلعب بعقلي تجاه الآخرين ، ومن ضغط المسئوليات أصبحت أنسى كثيرا مما أوقعني في عدد من المشاكل".
اللولو :التغيير يكون سلبيا في حال كان كلا الزوجين غير مستعد لما بعد الزواج


جعلني يائسة ..
أما أم سامي فكانت نظرتها لما غيَّره فيها الزواجُ سلبية ، تقول :" لم يحدث عندي أي تغيير ايجابي بل كلها تغييرات سلبية ، فقد أصبحت عصبية وفارقت الابتسامة وجهي إلى الأبد ، وتحولت إلى إنسانة منعزلة لا أحب الاختلاط بالناس ولا التعرف عليهم ".

وتتابع بأسى :" ليتني لم أتزوج ، فالزواج حولني من شابة يافعة مليئة بالحيوية والنشاط إلى امرأة يائسة محطمة ، مشتتة بين عمل البيت وتربية الأولاد دون وجود شيء جميل يشجعني على الاستمرار في العطاء ".

تغير طبيعي ..
بينما تؤكد أم هاني أن لكل مرحلة من العمر ملامحها ومظاهرها؛ فالفتاة قبل الزواج ينصب اهتمامها الأول والأخير على زينتها ومظهرها، أما السيدة فمسئولية البيت والأولاد تأخذ حيزا كبيرا من تفكيرها واهتمامها، كما أن تكرار الحمل يفقد المرأة رشاقتها بشكل كبير، ومهما جربت من طرق الروجيم والتخسيس فإنها غالباً ما لا تفلح".

بدورها ، بينت علا أن من طبيعة الإنسان التغير وتقلب المزاج، فالمرأة إنسان لها اهتماماتها ورغباتها وأهدافها التي تتغير كل فترة، قائلة :"أنا قبل الزواج لم أكن أدخل المطبخ ، بل أقضي أغلب وقتي أمام المرآة للتزين والتجمل".

وتبين أنه بعد الزواج بدأت معها مسئوليات جديدة كانت تجهلها ، فأخذت حيزًا من اهتماماتها على حساب الوقت الذي تقضيه أمام المرآة، وبعد سنوات من الزواج ازدادت المسئولية ، فأًصبحت أشياء كالزينة والمظهر آخر اهتماماتي .

زاد ارتباطي بأهلي ..
أما إيهاب فأشار إلى أنه تغير كثيرا بعد الزواج ، "فبعد أن كنت أقضي ليلي في السهر مع أصدقائي ، أصبحت لا أراهم إلا مرة في الأسبوع أو كل أسبوعين ، مضيفا :"لقد أًصبحت إنسانا مسئولا ووقتي ليس ملكي فقط ، بل هناك زوجة وأطفال يجب أن أهتم بهم ".

ويلفت إلى أنه أصبح أكثر ارتباطا بأهله ، وإحساسا بما بذلوه من أجله خاصة بعد أن ذاق طعم الأبوة ، مردفا بالقول :" لكن هناك أشياء سلبية ، دخلت إلى شخصيتي بعد الزواج فأًصبحت عصبيا أثور لأتفه الأسباب بعد أن كنت هادئ المزاج رائقا ، لكن المسئولية تغير الإنسان".

استقرار ولكن ..
بينما رائد يؤكد أن التغير بعد الزواج أمر واقع لا محالة ، فيشير إلى أن أهم التغيرات التي طرأت على حياته ، هي المشاكل التي تأتي إليه من كل حدب وصوب ، فأهله يشتكون من أن علاقته بهم تغيرت وأنه استغنى بزوجته عنهم فقطع حبل الود بهم ، وزوجته التي تشتكي من أهله وأنهم يتعمدون الإساءة إليها ، وهو حائر بين الاثنين .

ويتابع :"لكن الزواج جعلني أكثر استقراراً ومحبا لبيتي وأسرتي ، أبذل كل جهدي لتوفير ما يحتاجونه ، بينما عندما كنت عازبا كنت غير مستعد لتحمل مسئولية أي شيء ".

التفكير في المستقبل ..يؤرقني ..
بدوره ، أوضح جمال أن أكثر تغيير طرأ عليه هو من الناحية المادية حيث أصبح لديه أولويات في الإنفاق .

يقول :"كنت أستلم راتبي فلا يبقى منه معي بعد أِسبوع سوى القليل ، أشتري ما أشاء من الملابس وأتنزه في أرقى المطاعم ، لكن الآن فهناك مسئوليات علي يجب أن أؤديها ، فأصبحت هناك أولويات ، وأصبح ما أنفقه على الأشياء الخاصة بي قليل جدا ".

ويضيف :"أًصعب ما في الزواج هو تحمل المسئولية والتفكير الدائم في مستقبل أولادي ، الذي يؤرق كاهلي ، فأصبحت أخاف من أن أموت وأتركهم يتيهون في الحياة ، وأخشى أن لا أستطيع تربيتهم وتعليمهم التعليم المناسب في ظل الغلاء الذي نعيشه ، هذا التفكير جعلني دائم التفكير وطويل الصمت بعد أن كنت مرحا كثير الكلام ".

تغيير جذري..
الأخصائية الاجتماعية والتربوية فتحية اللولو أكدت أن التغيير في حياة الزوجين بالتأكيد "جذري" ، فهو يعني الانتقال من حياة اللامسئولية والاهتمام بكثير من الأمور، إلى حياة عملية فيها مسئولية وحل للمشاكل بأنفسهم، مبينة أن الحياة الزوجية فيها مؤثرات، وتعني تغيرا لطريقة أحد الزوجين في العلاقات الاجتماعية ، حيث ينشأ نطاق جديد من العلاقات ، فلا بد من وجود نوع من الحصافة في التعامل ، وأن يفهم كل منا ما يدور حوله.

وأشارت إلى وجوب حدوث تغيرات على شخصية الزوجين خاصة في الجانب المادي والاقتصادي ، أن تكون الزوجة اقتصادية ليست مسرفة لا مستهترة ، تتفهم الظروف واحتياجات الزوج ، وعلى درجة من الوعي بما يدور حولها .

وأَضافت اللولو :" كما أن الزوج يجب أن يدرك أنه انتقل من مرحلة إلى أخرى ، وأنه في طور تأسيس أسرة وبناء متماسك ، وإرساء كثير من المفاهيم والأسس والقواعد ، من النواحي المادية ، والاجتماعية ، والزوجية ، ولا بد من إيجاد طريقة للتفاهم وقواعد نحترمها من بداية الحياة ".

ولفتت إلى أهمية أن يبرمج الزوج نفسه على حل مشاكل أسرته بنفسه ، ويتعلم كيفية إدارة أمور الأسرة والاستقلالية ، والمحافظة عليها ، مشيرة إلى أن التغيير يكون سلبيا في حال كان كل من الزوج والزوجة غير مستعدين لخطوة الزواج ، وعدم إدراكهم بأنهم مقبلون على تأسيس أسرة ستقوم بإرساء دعائمها في المجتمع ، فلا بد من مد جسور الثقة بينهما ومحاصرة نقاط الخلاف حتى لا يحدث بينهما خلافات .

ولكي نتلافى –وفقا للولو -حدوث تغيير سلبي في شخصية كلا الزوجين لا بد من أن يتعاون الزوجان في إدارة دفة الحياة الزوجية ، وألا يتسم أحدهما باللامبالاة ، بل يتعاونان من أجل التخطيط لحياتهما ومستقبلهما مما يخفف الضغوط عن كل منهما ويشعره بأن الطرف الآخر معه على طول الخط .

JoomShaper