السلوكيات المنفّرة تقود الحياة الزوجية إلى الهاوية
* القاهرة - دار الإعلام العربية
أن يجتمع اثنان تحت سقف واحد ثم تقول لهما «لا تختلفا» فكأنك تطلب من الحجارة التي قذفتها على الزجاج ألا تكسره، فمن الطبيعي وجود خلاف؛ لأنهما نشآ في بيئتين مختلفتين، فبعد الزواج يصبح الرجل والمرأة كوجهي عملة، وذلك بفضل ممارسة بعض العادات غير المقصودة وغير المحببة التي تمارسها بعض الزوجات أمام أزواجهن أو العكس؛ ما يجعلها تترك انطباعا سلبيا ومنفرا، وتتسبب في حدوث خلافات ومشاحنات قد تصل إلى الطلاق لأتفه الأسباب..
لكن ما العادات التي تمارس بغير قصد وتثير غضب الزوجين وتترك انطباعا سلبيا لديهما، وكيف يتعامل طرفا العلاقة مع هذه العادات؟ .. « الحواس الخمس » التقى عددا من علماء الاجتماع لوضع روشتة حيوية لكيفية التعامل مع هذه الممارسات، فإلى التفاصيل. يوما بعد آخر، تطالعنا الصحف ومحاكم الأسرة بسيناريوهات مأساوية مضحكة، فهناك بعض الأسباب التافهة والمثيرة للاستغراب تسببت في حدوث الكثير من حالات الطلاق بفضل بعض العادات التي تمارس، «فمثلا زوج لم يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره يطلق زوجته بسبب كثرة عزائم الأهل والأقارب.
وثانٍ يطلق زوجته بسبب العناد والتسرع، وأخرى رائحة زوجها كانت السبب وراء طلاقها، فهي تشم رائحة لا ترضى عنها وبسبب مصارحتها له طلقها غيابيا، وزوج يطلق زوجته بعد ثلاثة أشهر من زواجهما بسبب تغيير لون شعرها، وآخر طلق زوجته بسبب رفضه الاستغناء عن لعبة البلايستيشن مع أصدقائه..» وغيرها من الحالات التي أحدثت خللا عميقا في علاقتنا؛ ما يعد مؤشرًا لتفكك العلاقات الاجتماعية وانهيار النسق الأسري وخاصة بين حديثي الزواج..
وباستطلاع أراء الأزواج والزوجات.. تقول سلوى الطوخي، 25 سنة، إن زوجها روتيني للغاية ويفضل عمل نوع واحد من الطعام على مدار شهر بأكمله، وهذا يختلف مع طبيعتي المحبة للتغيير، فضلا عن عدم مشاركته في الأعمال المنزلية مما يجعلني أستاء كثيرا من هذه الممارسات غير المحببة لي.
مهمل ولا يصلي
بينما ترى منال عمر، 30 سنة، أن زوجها لا يتحمل المسؤولية في كثير من الأحيان، بالإضافة إلى استمراره في مشاهدة البرامج الرياضية فترات طويلة، علاوة على مراقبة كل محتويات المنزل، خاصة فيما يتعلق بالمطبخ، ورفضه رمي الأطعمة حتى لو كانت تالفة، ودائما غضوب وعصبي مما يجعلني أتركه وحيدا في المنزل.
وترفض عزة حسين، 26 سنة، طريقة تعامل زوجها مع الأزمات، تلك الطريقة البعيدة كل البعد عن الإنسانية،على حد تعبيرها.. وأيضا ترفض جلوسه وقتًا طويلا على المقاهي وأمام البلايستيشن متجاهلا وجودها فضلا عن إهماله الصلاة، وعندما تتحدث معه أثناء اللعب يتشاجر معها، فتقول: أصبحت هذه اللعبة جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، غير تقليد الأطفال له.
الزوجة الحكاءة
ما من الأزواج، فيقول رمضان خليل، 33سنة، إن زوجته حكاءة سواء في التليفون مع صديقاتها وأقاربها أو معي وفي أتفه الأمور، ما يجعلني أستاء منها علاوة على التحدث بصوت عالٍ، ونومها الكثير، وتقوم بالأعمال المنزلية أثناء تواجدي بالمنزل واستضافه الكثير من الضيوف وعمل تجمعات بالمنزل؛ مما يثير غضبي.
تقضم أظافرها
أما محمد حافظ، 35 سنة، فالوضع بالنسبة له مختلف فهو يستغرب كثيرًا من تصرفات زوجته التي تعتاد قضم أظافرها وكأنها طفلة، بالإضافة إلى مص أصابعها، ووضع طلاء الأظافر، وتعمد ضرب الأطفال أمامه، فضلا عن مشاهدتها إعادة المسلسلات القديمة ك «الحاج متولي» و«نور ومهند»، ومقارنتها الدائمة بيني وبين مهند ونجوم المسلسلات التركية؛ مما يجعلني أقارن بينها وبين هيفاء وأليسا فتنشب بيننا الكثير من الخلافات..
ويتعجب حسين فتح الله 40 سنة، من زوجته التي لا تمل التسوق، وعدم قدرتها على السيطرة على نفقاتها، غير ترددها في اتخاذ أي قرار، وإلحاحها الدائم، واهتمامها بالمظاهر على حساب أي شيء ولو كان زوجها وبيتها.
أنماط سلوكية سيئة
وفي هذا السياق ترى د.ناهد سيف، مدرس علم الاجتماع، أن كثيرا من الزوجات والأزواج في الآونة المعاصرة يعاني من بعض المشكلات الناتجة عن الأنماط السلوكية غير المرغوب فيها من كلا الطرفين، وتقول: تنتج هذه الأنماط السلوكية عن عادات اجتماعية نابعة من الموروث الثقافي المتأصل في ذاتنا ووعينا.
كما تعد نتاجا لعمليه التنشئة الاجتماعية التي يتلقاها الفرد منذ ميلاده، وتأثره وتكوينه الاجتماعي وتوجهه لأنماط معينة من السلوك، فالزوج في منزل الزوجية يتصرف وفق ما اعتاد أن يفعله في بيت أبيه أو أسرته الأولى؛وهكذا الزوجة، فمثلا اعتادت بعض الزوجات وضع المسك في المنزل في وجود زوجها دون أن يكن في الحسبان أو في اعتبارها أن مثل هذه الأشياء قد تضايقه.
وأيضا الثرثرة التليفونية فضلا عن الصوت العالي، وممارسة الأعمال المنزلية أثناء تواجده والإهمال الشخصي لمظاهرها وارتداء ملابس التنظيف وغطاء الرأس لها، وطلب الوجبات السريعة وعدم المداومة على عمل الأطعمة داخل المنزل.
ثقافة الصورة
وعلى جانب آخر أيضا الزوج لديه بعض العادات السلبية التي تجعل زوجته تنفر منه مثل خروج زوجته من دائرة اهتماماته الخاصة، والاهتمام بـالإنترنت والشات والجلوس على المقاهي أطول فترة ممكنة.. أيضا يتصرف بعض الأزواج داخل أسرهم الجديدة وفقا لنفس القواعد الأخلاقية والأساليب السلوكية المتفق عليها.
والمعمول بها في أسرهم الأولى، فقد تشرَّبوا هذه القواعد المعيارية والعادات والأنماط السلوكية خلال تنشئتهم الاجتماعية، حتى أصبحت جزءًا لا يتجزأ من شخصيتهم وأصبحت موجها لهم في مواقف الحياة اليومية، خاصة الأسرية منها، فالزوج «ولد» ودائما في منزل والده غير مسؤول ويتمتع بحرية مطلقة غير مسؤولة.
بالإضافة إلى السماح بحضور الأصدقاء للمنزل في وقت متأخر من الليل، وما يزيد الأمر صعوبة استحداث بعض العادات الدخيلة والغربية على مجتمعنا والتي تعد نتاجا طبيعيا لما يسمى بالعولمة أو الواقع الجديد، والذي أطلق عليه العلماء والمفكرون «عالم ما بعد الحداثة» الذي يتجلى في أبرز مظاهره في «ثقافة الصورة» التي سادة واستقطبت جماهير غفيرة من الشباب والأزواج والزوجات .
والتي تتمثل في شاشات التلفزيون والفضائيات ومشاهده الكليبات الإباحية، وشاشات الكمبيوتر والانترنت وغيرها من العادات التي أحدثت خللا عميقا في علاقتنا الاجتماعية والأسرية خاصة لحديثي الزواج.
إلى هنا قامت مدرس علم الاجتماع بوضع روشتة علاجية لمواجهة تلك المشكلات الاجتماعية المرضية، ففي البداية ترى أننا لابد أن نتعامل مع أولادنا بحكمة وإتباع سياسة «لا تشد ولا تلن»؛ لأن الأسر أصبحت تدلل أطفالها في الصغر؛ مما يكون له انعكاسه السلبي عليهم في حياتهم كأزواج فيما بعد.
بالإضافة إلى وجوب الرجوع إلى القيم الدينية والأخلاق وعاداتنا وتقاليدنا، وأن تكون تصرفاتنا مسيجة بسياج من المسؤولية الاجتماعية، وتدعيم إحساسنا بها، وتقديس الحياة الأسرية كما كان يحدث في الماضي حتى نواجه الأمية الاجتماعية.
روشتة خلاص
من جانبها أوضحت د.أمل حسن، أستاذ علم الاجتماع، أن الزواج علاقة ثنائية يؤسسها طرفان هما الزوج والزوجة، وبالتالي على كل من الطرفين أن يراعي مشاعر الطرف الآخر ويبذل قصارى جهده لكي يكون الزواج ناجحا وسعيدا، لافتة الى أنه ليس بالضرورة أنه كل زواج ناجح يكون زواجا سعيدا.
فالزواج الناجح قد يكون كذلك بالنسبة للمجتمع الذي ينظر إلى الأسرة من الخارج، ولكن الزواج السعيد هو الذي يستمر في الوجود محققاً السعادة والتفاهم والاحترام لجميع أفراده على حد سواء.
أما عن العادات المنفرة التي قد يمارسها أحد الزوجين وتكون سببا في إيذاء مشاعر شريك الحياة، فتؤكد أستاذ علم الاجتماع أنه عادة ما يمارس بعض الأزواج عادات حياتية، معتقدين أنهم لن يستطيعوا العزوف عنها نظرا لارتباطها بسلوكهم الذاتي فضلا عن اكتسابهم عادات أخرى، ولذلك تمنحنا د.أمل روشتة للسعادة الأبدية، تبدأ بقرار داخلي بتأكيد الرغبة في الامتناع عن تلك الممارسات واستبدالها بأخرى ايجابية تتفق ورغبات الطرف الآخر، هذا بجانب الحديث مع الأهل والأصدقاء الذين يتمتعون بخبرات حياتية..
وبالنسبة للمرأة فعليها التفكير بعقلها حتى تجاري تفكير زوجها وتتجنب العاطفة التي ينزعج منها الرجل، فالرجال ينجذبون إلى المرأة الواعية ذات العقل المستنير؛ فإذا كان الجمال عمره قصير فالذكاء أطول السلاطين عمرا -كما يقولون.

JoomShaper