الدوحة – محمد عزام 
قال الدكتور ريتشارد ويلكنز - المدير التنفيذي لمعهد الدوحة الدولي للدراسات الأسرية و التنمية – إن مؤسسة الأسرة تواجه العديد من القضايا المعقدة والتحديات الحرجة المشتركة على مستوى العالم.
وأضاف - في كلمة ضمن فعاليات البرنامج التدريبي «نحو بناء أسرة سليمة « الذي ينظمه قسم التنفيذ والتواصل الاجتماعي بمعهد الدوحة – أن الأمم المتحدة أصدرت تقريرا جديدا مؤخرا يحدد المشاكل التي تواجه الأسرة في العالم التي منها التحول من الأسرة الممتدة إلى الأسرة الصغيرة، والنقص في معدلات الخصوبة وزيادة معدلات الطلاق والعنف الأسري وعدوى انتشار فيروس الإيدز وفقدان التوازن بين العمل والحياة الأسرية والهجرة. وأشار إلى أن المشاكل السابقة تؤثر على قدرة الأسرة على القيام بوظيفتها الأساسية في التكاثر والتواصل الاجتماعي وإشباع حاجات أفرادها المتعلقة بالنواحي الصحية والتغذية والإيواء والرعاية الصحية والنفسية والتنمية الشخصية.
وأوضح أن الدور التقليدي للأسرة آخذ في الضعف نتيجة التغيرات التي تصيب البناء الأسري والقيم الأسرية، بما أدى إلى تغيرات أساسية في الحياة الأسرية، حيث لم تعد تمدنا بالحب والأمان والحماية والصحة والتعليم والمساندة وفقا لأدوارها المعهودة، بسبب استحواذ التهديد والخوف والإيذاء البدني والنفسي والعزلة والشعور بالذنب.
وضرب ويلكنز مثالا قائلا: «الولايات المتحدة الأميركية تحدد مشاكلها بالزيادة في معدلات الجريمة والفقر والتعليم، لكن الكثير من علمائها يرون المشكلة الأكثر خطراً على أميركا للوقت الحالي ضعف مؤسسة الزواج، حيث يوجد طفل من كل 3 أطفال يولدون في الولايات المتحدة من أم لم يسبق لها الزواج كما أن حوالي 45 % من حالات الزواج تنتهي بالطلاق و60 % من أطفال الولايات المتحدة يعيشون مع آبائهم الطبيعيين من زواج (أو متبنيهم)». وأضاف أن مشاكل مؤسسة الأسرة ليست خاصة بالولايات المتحدة وحدها، ولكن يشترك معها الكثير من دول العالم.
واعتبر ريتشارد أن قوة الأسرة أحد أهم عوامل التغلب على مشاكلها عبر بناء أسرة قوية ومجتمعات مترابطة ومتراصة تتسم بالحب، وتتشارك الالتزام، بما يمكنها من مواجهة المشاكل ومعالجة السلبيات. ووصف الأسرة السعيدة بالإلهام للآخرين قائلا: «يمكننا المساعدة في إحداث الكثير من التغيرات في حياتنا الأسرية عبر تسليح أنفسنا بالمعرفة والمهارات التي تجعل علاقاتنا الأسرية ناجحة، وينبغي أن نبذل قصارى جهدنا من أجل تحقيق الأفضل لأسرنا، وعلينا أن نحدد أفضل الوسائل التي يمكننا أن ندعم الأسرة عبرها، ونوفر الدعم المتواصل لاحتياجاتها». وحدد 9 عناصر للأسرة القوية والناجحة وهي: (العناية والتقدير، وتمضية وقت كاف معاً، والتشجيع، والالتزام، والتواصل، والتغلب على المشاكل، والروحانية، والروابط الأسرية مع المجتمع)، وقال: «الأدوار السابقة يمكن تحقيقها لكل الأسر ذات الخلفيات العرقية والاجتماعية والدينية والقومية المختلفة».
ولفت إلى أن معهد الدوحة الدولي للدراسات الأسرية والتنمية يعمل منذ إنشائه على دعم وتقوية مؤسسة الأسرة التي تشكل الوحدة الطبيعية الأولى للمجتمع.
من جانبه عرض الدكتور أحمد النجار – الخبير النفسي - في محاضرته لآليات استقرار مؤسسة الزواج ونجاحها عبر العلاقات الأسرية التي تعتمد على تطوير العلاقات الزوجية والدعم المباشر للحميمية، والتعامل مع المعوقات والصراعات المختلفة وعرض طرق مواجهة الفرد لردة فعل شريكه في الأسرة عند الشعور بإيذاء الطرف الآخر. أما أماني الدوسري المنسق الإعلامي لمعهد الدوحة فقالت في تصريحات صحافية: إن البرنامج التدريبي - لليومين المقبلين - يستعرض التحديات التي تواجه الأسرة في ظل تغيرات المشهد العام للمجتمعات اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً. وأوضحت أن البرنامج يحدد أكثر التحديات شيوعاً والتي تمثل تهديداً لاستقرار الأسرة، ومن بينها التوازن بين العمل والأسرة والإسكان والعناية بالصحة والقر و الطلاق و الآباء الذين يعولون أطفالاً في غياب الطرف الآخر، والتغير في البناء الأسري وانتشار المخدرات وجنوح الأطفال والعنف المنزلي، وزيادة معدلات الجريمة التي تتطلب برامج واسترتيجيات فعالة ومؤثرة لخلق حلول ناجحة للمشاكل المتزايدة.
وقالت إن تزويد المنظمات غير الحكومية التي يعمل منتسبوها مع الأسر بالمعرفة والمهارات لبناء أسر ومجتمعات سليمة يعد الهدف الرئيسي من البرنامج.
ولفتت إلى أن قسم التطبيق والتواصل الاجتماعي بالمعهد يعمل مع أصحاب المصلحة من الآباء وأفراد الأسرة وغيرهم في شراكة مع الجمعيات غير الحكومية ومزودي الخدمات، لتدعيم معرفتهم ومهارتهم في بناء أسرهم. وأضافت أن برنامج التدريب يدعم جهود بناء القدرات على منهج شامل من تكوين الأسرة، في ضوء نظرية دورة الحياة الأسرية في الأسرة السليمة، والتي تعتمد على قدرة الأسرة على أداء وظيفتها على نحو سليم ومترابط، طبقاً للمراحل المختلفة لتطورها، ويركز التدريب على الجوانب المختلفة الحيوية والنفسية والاجتماعية، والوسائل التي تعمل على الأداء السليم للأسرة. وقالت إن كل محاضر من المشاركين الثلاثة يناقش عبر أيام البرنامج محاور الزواج للشباب البالغين والمتزوجين حديثاً: الأبوة (الوالدية) والأسرة، والأطفال الصغار والأسرة، والمراهقين والأسرة، وذوي الاحتياجات الخاصة.

JoomShaper