الدستور - اسراء خليفات
هناك الحب الروحي ويقابله ايضا الطلاق الروحي بين الأزواج. و نجد ان بعضا منهم يسهران معا ويخرجان في المناسبات الاجتماعية برفقة بعضهما، ولكن من
الناحية الروحية هما اغراب عن بعضهم بعضا لاتجاور روحه روحها وهي بالمثل. وإنما لكل روح غرفة يقضيان اوقات فراغهما فيها . تأتي لحظات فتور وبرود وصمت وان زاد الامر عن حده يصل الامر الى ان يعيش كل منهما تحت سقف واحد ولكن من دون شعورهما ببعضهما ويكون الابناء بينهما الوسيط في الاستمرار فقط.
يقول منصور معاذ: لو ان اتباع الصمت بين الازواج قد يؤثر على حياتهما الخاصة فقط لكان حله امرا بسيطا ، وانما الخوف من ان يعاني الأبناء من الاكتئاب في
بداية الأمر وان كان هناك مراهقون تكون المشكلة اكبر. حيث قد يؤدي ذلك الى انحراف الابناء للبحث عن الهناء والود الذي فقدوه بين ابويهما والاستقرار العاطفي.
واعتبرت سمية صالح ان الصمت بين الازواج لا يكون دائما هو السبب في احداث الفتور والبعد. فأحيانا قد يكون قلة الحديث مع بعضهما لتجنب العديد من المشاكل والاختلافات التي قد تؤدي الى الطلاق الفعلي. وتذكر انها وزوجها يفضلان الصمت في كثير من الأحيان بدلا من التحدث والمعارضة واختلاف الاراء التي تؤدي في نهاية المطاف الى مشاكل متعددة وبعدٍ للافكار بينهما.

مشيرة الى ان صمت الرجل امر طبيعي ويمتاز فيه معظم الرجال وليس هناك داع للقلق عند الزوجة. وعن نفسها تقول : ان زوجي من الرجال الذين لا يحبون
التحدث كثيرا على الرغم من تذمري احيانا من ذلك. الا انني اخلق له المبرر حيث يعود للمنزل وهو متعب و يكون قد بذل كل طاقته وجهده في العمل، مبينة انه لتجنب حدوث مثل تلك الامور بينها وبين زوجها تختار الوقت الملائم للتحدث مع زوجها وطرح بعض المواضيع التي تحتاج للنقاش بعيدا عن وقت عودته من العمل او تناول طعامه.

عدم التحدث طبيعي من الرجل
ويرى احمد ليث موسى ان صمت الرجل يكون طبيعيا ولكنه يسبب القلق الكثير للزوجة وذلك حسب وجهة نظرها ان الكلام والنقاس تعبير عن الشوق والاهتمام على خلاف الرجل. حيث يعتبر ان المنزل هو المكان الوحيد للاسترخاء واخذ راحته كما يرغب حيث يجعل للكلام وقتا معينا ويكون قصيرا جدا .

وتوضح هناء وسام ان زوجها من الرجال الذين يبقون صامتين في كل الاحوال. مؤكدة هذا حاله ايضا في الافراح والاحزان قائلة لقد خلق هذا الامر بيننا الكثير من الخلافات والمشاكل. مبينة انها كثيرا ما حاولت الخوض معه في نقاش حاد واستدراجه في الكلام. كذلك الحال بالنسبة لموضوع الضحك. الا ان حاله يبقى كما هو. متخوفة من وصول الامر بينهما الى البعد الروحي تحت سقف واحد. في النهاية يؤدي الامر الى ان يختار كل منهما العيش كما يريد من دون اخذ الطرف الاخر أي اعتبار لوجوده في حياته .
وتذكر زينة مؤيد ان مرور الوقت الطويل للازواج مع بعضهما يخلق الصمت وعدم طرح الامور بينهما وحلها سويا وذلك لان الزوج يكون قد فهم زوجته وهي كذلك ويجدان ان الامور نفسها تتكرر ولكن بمواقف مختلفة فمن الطبيعي في بداية الزواج أن يكون هناك اخذ في الكلام وابداء كل منهما رأيه لان كلا منهما يكون ما زال يتعرف إلى طريقة تفكير الاخر، ولكن بعد مرور سنين تختلف الرؤيا تماما؛ وخاصة ان تواجد الابناء بينهما يجعل هناك اهتمامات اخرى لديهما .

طبيعة المرأة
يؤكد وصفي طايل ان المرأة بطبيعتها تحب الزوج الباسم الذي يعيش كل أوقاته في مرح وضحك ولا تحب الرجل الجدي الصامت الذي يشعر بأن الصمت هو
الباب الذي يبعد عنه كل المشاكل وان كان طوال وقته يضحك واراد له ساعات يصمت فيها تستغرب المرأة وتريد خوض نقاش معه، مشيرا الى ان المرأة تعتقد ان الحياة حوار ونقاش.
والرجل بالعكس حيث يضع الصمت سلاحا لتفادي الكثير من الخلافات التي قد تؤدي الى التوتر والقلق ، ويجد ان الصمت لدى المرأة يزيد من تعقيد الأمور وإذا كان سببه وجود مشكلة، ويفضل وصفي ان تكون المبادرة بالتحدث والمناقشة لأن السكوت يزيد الأمور تعقيدا .

رأي علم الاجتماع
ويعتقد الدكتور مجد الدين خمش اختصاص علم اجتماع في الجامعة الاردنية إن الأسباب التي تدفع الزوج لأن يمتنع عن الحديث معها هي البيئة الحقيقية للزوج. وأشار الى ان هناك فرقا بين الكراهية والنفور. فالشائع أن يكون هناك نفور بين الزوجين في مرحلة أو أخرى من تاريخ زواجهما لكن الكراهية تولد أذى بدنيا أو ماديا او نفسيا او معنويا.

مبينا الدكتور خمش انه من الطبيعي ان يحدث أحيانا نفور او بعّد بين الازواج مع طول فترة الزواج نتيجة لاسباب مختلفة منها عدم الصراحة والوضوح بين الطرفين اوعدم التجديد والروتين في العلاقة الزوجية.

ويضيف الدكتور مجد الدين ان الصمت بين الأزواج نوع من زهد أحدهما في الآخر ذلك أن امتلاك الشيء يؤدي إلى الزهد فيه بمعنى أنه قبل الزواج كانت هناك جاذبية معينة لدى كل طرف تجاه الآخر ولكن بعد الزواج تقل هذه الجاذبية نتيجة لثبات المظهر حيث يألف الزوج رؤية زوجته وفي احيان كثيرة لا يكون صمت الرجل دليلا على الرضا او بعده عن بيته وإنما هو بديل عن النقد لاهل بيته.

JoomShaper