الدكتور: أحمد أبو أسعد
في العادة، فإن الآباء يتحدثون باستمرار في المنزل وبدون قيود أو ضوابط محددة، وباعتقادهم أن ما يقولونه صغيراً أو كبيراً يعد سرّاً، وعلى الأبناء أن يحتفظوا به باستمرار، ودون تعلُّم، وقد يترتب على ذلك العديد من المشكلات بين الأبناء والآباء، وإفشاء العديد من الأسرار الحقيقية.
متى يعد حديث الأبناء عن حياتهم الأسرية مشكلة لا بد من الاهتمام بها؟
أعتقد أنه يجب أن نميز بين ما يعد سرّاً يجب إخفاؤه عن الآخرين، وبين ما يمكن إفصاحه، ولتوضيح هذا الأمر يمكن تقديم أمثلة على ذلك؛ فمثلاً تناول الأسرة لطعام الغداء في العادة لا يعد سرّاً، يمكن الحديث عنه للمقربين إذا تم السؤال عنه، ونقاش أفراد الأسرة معاً حول موضوع أُسري عام، كإبداء وجهة نظر الأسرة حول الانتخابات مثلاً، قد لا يُعدّ سرّاً، ولكن في المقابل، نقاش الوالدَين حول الأمور المالية، أو الرغبة في ترك المنزل، أو شراء سيارة جديدة، قد يُعد سرّاً، وبالعموم يحتاج الوالدان لتعليم أبنائهم في الحياة.
متى يمكن الحديث مع الآخرين ومتى لا يمكن حول الوضع الأُسري بناء على المعايير التالية:
طبيعة الأشخاص الذين سيتم الحديث معهم حول شأن أُسري؛ ففي حالة وجود أشخاص غُرباء عن الأسرة قد لا يتم الحديث عن معظم شؤون الأسرة.
طبيعة الموضوع الذي سيتم الحديث عنه؛ ففي حالة الموضوعات الحساسة، التي قد تشكّل خطراً على الأسرة يفضل عدم الحديث عنها، مثل شجار الوالدين معاً.
طبيعة الظروف التي يتم الحديث فيها عن الشأن الأُسري، فإذا كان غرض الطرف الآخر جمع معلومات أُسرية أو التشهير أو السخرية بالأسرة، فيجب عدم الإفصاح عن الوضع الأُسري.
ولعل من أهم أسباب إفشاء الأبناء لما يدور في الأسرة ما يلي:
عدم قدرة الأبناء على التمييز بين الحقيقة والخيال؛ فهم عادة ما يتحدثون عن الأمور الخيالية وكأنها حقائق، ويتم ذلك في العمر المبكر.
تمركز بعض الأبناء حول ذاتهم؛ فيعتقد بعضهم أن كل ما يدور في الأسرة متعلق به، ولا بد من الحديث عنه لأنه هو المهم وليس الآخرين.
عدم التوجيه المناسب، والضغط الزائد على الأبناء، مما قد يدفعهم للتنفيس عمّا يدور في خلجهم للآخرين وبدون قيود.
كثرة المشكلات الأُسرية، وانشغال الوالدين بها، وبالتالي يجد الأبناء فرصة للحديث عن أنفسهم من خلال هذه المشكلات.
ولذلك كوقاية من حدوث هذه المشكلة ننصح بما يلي:
على الوالدين تعليم الأبناء التمييز بين ما يمكن قوله وما لا يمكن قوله للآخرين وبأسلوب هادئ.
على الوالدين توقُّع أن الأبناء ليسوا جنوداً يحفظون الأسرار، فلا يجب المبالغة بوضع الكثير من الأسرار لديهم؛ لأنهم قد يُخرجوها في أية لحظة وخاصة عند الغضب والضيق.
على الوالدين متابعة الأبناء ومراقبة ما يقولونه باستمرار، وفي حالة وجدوا أن الأطفال يتفوّهون بأسرار أُسرية وجب عليهم الاهتمام بذلك والتعامل معه قبل استفحاله.
على الوالدين أن يكونوا قدوة لأبنائهم، فلا يفشوا أسرار الآخرين.
أما في حالة وَجَدَ الوالدان أن أحد أبنائهم يُفشي الأسرار الأسرية فعليهم:
أن يكونوا هادئين، وأن يخبروه أن ما يتم في الأسرة يُفضَّل أن يبقى داخل الأسرة، وفي هذا المجال يفضل طرح أمثلة واقعية على الطفل في هذا المجال.
على الوالدين شرح خصوصية ما يدور في الأسرة، والإحراج الذي قد يُسبّبه لكل الأسرة إطلاع الآخرين على هذه الأسرار.
على الوالدين التعرف على أسباب إفشاء الأسرار والتعامل مع تلك الأسباب في حينها، وبكل هدوء، فإذا علم الوالدان أن مشكلاتهما معاً هي السبب، عليهما التقليل من الشجار أمام الأبناء، أو التقليل من الشجار بشكل عام.
يمكن للوالدين الاستعانة بالقصص الحقيقية كعلاج مباشر لمساعدة الطفل على معرفة نتائج إشاعة أخبار الأسرة.
في حالة بقي أحد الأبناء يتحدث عمّا يدور في الأسرة من شؤون على الوالدَين، التوقُّف عن الحديث أمامه في أي أمر لفترة من الزمن ، والاقتصار على الحديث عن الأمور العامة.
بعد فترة يمكن للوالدين العودة للحديث مع ابنهم عن شؤون أُسرية، ولكن يكون ذلك بالتدريج، مع توجيه مستمر ومتواصل، والتأكيد أن عليه إخفاء هذا الأمر عن الآخرين، وخاصة الأصدقاء أو المعلمين أو الأقارب مثلاً..
في النهاية نتمنى لكم أُسراً تأسركم بالحب والسعادة، وتجمعكم معاً.
أسرارنا أمام سمع أبنائنا .
- التفاصيل