أم عبد الرحمن محمد يوسف
((فتش عن المرأة))، ((وراء كل عظيم امرأة))، ((إن التى تهز المهد بيمينها تهز العالم بشمالها)).
عبارات وأقوال أُطلقت عن المرأة والأم، ولكن على ماذا تدل هذه العبارات؟أنها أقوال تشير وتجسد أثر المرأة والأم في نجاح الزوج والأولاد في حياتهم
عزيزتي الأم القارئة:
هل يمكن أن تهز الأم المهد بيمينها فتهز العالم بشمالها كما يقولون؟
هل هذا مستحيل أم من الصعوبة بمكان؟
وما هو دور الأم في حياة أبنائها؟
وكيف هيأها الله للقيام بهذا الدور؟
وهل عندنا أمثلة تجسد لنا عظمة الأم وأثرها الواضح في حياة أبنائها؟
هذا ما سنعرفه في هذا المقال إن شاء الله. وفي هذا الملف سنطرح موضوعات هامة منها الأمومة الإيجابية وكيف تحقق الأم الصحة النفسية لأبنائها وتكون بالتالي عنصرًا أساسيًا في نجاحهم في حياتهم.
تابعي معنا عزيزتي الأم هذه السلسلة المتميزة من هل أنت أم ناجحة؟
والآن فلنبدأ معًا بهذا المشهد:
وظيفتي أم:
في لقاء صحفي مع زوجة أرنولد الممثل الأمريكي الشهير سألت المذيعة الزوجة ما وظيفتك التي تشتغلين بها؟

وكان هذا الجواب العجيب من الزوجة: وظيفتي أم ... ونحن على الخط الأمامي للبشرية 24 ساعة في اليوم و7 أيام في الأسبوع لخلق جيل جديد وهذه هي قوة المرأة. فهل تستطيع فعل ذلك أن أيها الرجل؟  (انتهي الحوار)

ومن العجيب أن يشهد شاهد من أهلها أن المرأة دورها الأساسي والأول ووظيفتها أن تكون أمًا، فهل وعيتم الدرس أيها المستغربون؟

إنها مهيأة لذلك :

إن للأم وظيفة هامة في التربية النفسية للطفل الصغير خاصة، إذ إن بناءها الجسمي والنفسي مهيأ لتحمل أعباء التربية والحضانة والاعتناء بالطفل، فلا يستطيع الرجل أن يسد. مكان الأم ودورها في التربية، وأقرب مثل لهذا الموضوع

ما يُشاهد في عالم الحيوان، إذ ينتهي دور الذكر بالتلقيح في معظم الحيوانات، أما الأم فلا ينتهي عملها ووظيفتها التربوية حتى يكتمل البناء الجسمي للصغير، ويصبح معتمدًا على نفسه في جميع شئونه.

أما في الإنسان فالقضية أعمق من ذلك نظرًا لوجود عامل العقل والتفكير فإن رعاية الأم للطفل يأخذ سنوات طويلة غير الحيوانات التي قد تستغرق عام أو أقل.

فالطفل يولد وهو كائن في غاية الضعف، فهو أضعف الكائنات جميعًا، إذ يحتاج إلى رعاية تستغرق سنوات طويلة حتى يصل إلى مرحلة يستطيع أن يعتمد فيها على نفسه، فمن الثابت علميًا أن طفولة الفرد الإنساني أطول من طفولة أي كائن آخر.

والطفل يظل في رعاية الأم منذ الولادة حتى 6 سنوات ثم يدخل بعد ذلك عنصر الأسرة والمدرسة وتأثير المجتمع من 6 – 12  وتستمر في مرحلة المراهقة إلى أن يكتمل نضجه ونموه النفسي والجسمي.

وما هو دور الأم؟

الأم لها عدة وظائف تجاه الطفل منها:

1-وظيفة الرعاية.

2- وظيفة الحماية.

3- الوظيفة التربوية والتدريب والبرمجة.

4- وظيفة الإشباع النفسي والعاطفي.

وبهذا لا يمكن إغفال دور الأم الكبير، إلا أن نصيبها أوفر وأهم من الرجل ، لأن الأم هي التي حملت ثم وضعت ثم أرضعت، فضلًا عن وجودها مع أولادها، وقتًا أكبر من الرجل. وأكبر من المدرسة ومن حوله في المجتمع، حيث يقضي الطفل مع أمه 70 ألف ساعة في طفولته بينما لا يقضي في المدرسة سوى عشرة ألاف ساعة فحسب، فأنفاس الأم ضرورية في إنضاج الطفل وضربات قلبها ضروري لتعليمه نظام الحياة، وإرادة الحياة.

يقول الشاعر جلال الدين الرومي:

( إذا احتضنت الأم طفلها لترضعه، فليس لدى الطفل وقت ليسألها عن إقامة البرهان على أمومتها ) فدور الأم في التربية أكبر من دور الأب أو المعلم وهي على أداء هذا الدور أصبر.

يقول الشاعر:

وأعبث في البيت مستبسلًا                            فأي اناء أصبتُ انكسر

أطيش فيضجر بي والدي                                   وليس يُلمّ بأُمي الضجر

فالبيت الذي يخلو من أم صالحة وواعية هو بيت يتيم، أما البيت الذي يكون الأب سقفه، والأم قلبه،  ويغشاه الحب والرحمة والوعي والإيمان فهو البيت الذي يخرج الإنسان.

الحرمان من الأم:

من العوامل المؤثرة في الصحة النفسية حرمان الطفل من الأم، فإنه ينتج عنه الكثير من الأضرار النفسية والأجتماعية.

وقد يعتقد البعض أن العناية البدنية أو الجسمانية التي تُمنح للطفل تعتبر كافية لتعويضه الحرمان الذي يعاني منه، ولكن اتضح من خلال العديد من الدراسات أن كل طفل بالاضافة إلى اشباع الحاجات الفسيولوجية فإنه يحتاج إلى الأمومة

وإذا تساءلنا وما الآثار المترتبة على الحرمان من الأم؟

يؤكد خبراء التربية وعلم النفس على أن الحرمان من الأم يؤدي إلى:

1- اضطراب في شخصية الطفل.

2- الحرمان من الأم في سنوات الأولى يُعد من أسباب الشخصية الجانحة.

3- بعض المظاهر السلوكية السلبية كالخوف والعدوان وعدم الشعور بالأمن.

4- ظهور الانطواء والعزلة والخوف والخجل.

5- ظهور القلق وقلة التوافق النفسي والاجتماعي.

وبضدها تتميز الأشياء:

أما في وجود الأم فإن الحال مختلف، ومن المعروف اجتماعيًا أنه إذا مات الأب فإن المركب تسير، إما إذا ماتت الأم أو غابت بسبب من الأسباب فإن المركب طبعًا تقف وتتعسر، وبالمثال يتضح المقال. فنحن نجد من الأمثلة التي زفر بها التاريخ ما يؤكد عظمة الأم وأثرها الواضح وبراعتها في نجاح أولادها من ذلك نستقي هذه الأمثلة:

الزبير بن العوام مدين بعظمته لأمه صفية بنت عبد المطلب.

عبد الله والمنذر وعروة أبناء الزبير ثمرات غرس أمهم أسماء بنت أبي بكر

على بن أبي طالب لقن الحكمة والفضل ومكارم الأخلاق من صدر أمه الحافل بالحكمة فاطمة بنت أسد.

عبد الله بن جعفر الذي حُرم من أبيه صغيرًا فتعاهدته أمه أسماء بنت عميس

معاوية بن أبي سفيان ورث عن أمه هند بنت عتبة من قوة الشخصية وألمعية الذهن ما لم يرثه عن أبيه أبي سفيان.

عمر بن عبد العزيز أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب وأمها المرأة التقية التي اتخذها عمر زوجة لابنه عاصم إذ رأى فيها الصدق مجسدًا والاستقامة ناطقة عندما لم ترضى أن تمزج اللبن بالماء كما طلبت منها أمها لأن الله يراها.

وهذه أم الإمام الشافعي الذي لم ير أباه إذ مات وهو رضيع، وتولت أمه تربيته والعناية به.

كل هؤلاء كانوا ثمارًا لغرس أمهات عظيمات كانت بارعة في تكوين الرجال والتأثير فيهم. وصنع عظيمًا من العظماء الذين تحدث عنهم التاريخ.

وأخيرًا:
ـــ تعلمي أيتها الزهرة التي أصبحت أمًا فن التعامل مع البنات، وكيفية تربيتهن فمن تصرفات الفتيات في مرحلة أنهن قد يطلقن على أنفسهن بعض الأسماء (وهي قد تكون تسميات مشئومة، فقد يرين أنهن غير محبوبات، أو خجولات، أو غير منظمات أو أي شيء آخر، فمن الممكن أن تسعادي ابنتكِ المراهقة على التخلص من هذه الأفكار عن نفسها، فإذا وجدتيها تقول تعليقًا ينتقص فيها من قدر نفسها، فاعكسيها، فلو قالت مثلًا: لا أستطيع أن أفعل هذا، أنا خجولة جدًا، فذكريها بالأوقات التي تصرفت فيها بجرأة.

عندما تتحدثين مع ابنتكِ، افصلِ سلوكها عن ذاتها، وهذا يعني أن تنقدِ السلوك الذي تجدينه غير مقبول، ولا توجهي النقد إلى ابنتكِ نفسها، وهذا سيساعدكِ على عدم إطلاق تسميات على ابنتكِ، فعلى سبيل المثال إذا تركتِ غرفتها مقلوبة رأسًا على عقب غير مرتبة، فلا تصفيها بأنها عديمة الإحساس أو ما شابه، وإنما قولي لها إنها يجب أن تعتني بنفسها بدلًا من أن تتوقع من الأشخاص الآخرين أن يفعلوا هذا) [تنشئة المراهقين، لين هاجنز، ص(209)].

ـــ تعرفي على القلق الذي يصيب البنات في سن المراهقة فهناك (القلق العصبي أو المرضي: وهو حالة من الخوف الغامض غير المفهوم، فلا تستطيع الفتاة أن تعرف سببها، فهو داخلي المصدر وأسبابه لا شعورية غير معروفة, ولا مبرر له ولا يتفق مع الظروف الداعية إليه، (والقلق في فترة المراهقة هو (العنصر المسبب للعديد من الأمراض النفسية والسيكوسوماتية (النفسجسمية) عند المراهق، وقد يستمد مصادره من الأهل القلقين أنفسهم الذين لا ينمون الثقة بالنفس عند أولادهم بل يغمرونهم بالحماية الزائدة ويجعلون منهم أشخاصًا سريعي العطب خائفين جبناء أمام مواجهة الصعاب، الأهل الذين يستبد بهم القلق لأي تأخر لولدهم في الدراسة، أو لدى تعرضه لأتفه الحوادث, الخوف والقلق قد يكونان استمرارًا لمخاوف الطفولة، مثل الخوف من الحيوانات أو من الأخطار أو من الفشل أو السخرية منه أو من الوحدة والظلام، أو قد يخشى على صحته وعلى أدائه المدرسي.

والقلق قد يكون نتيجة الإجهاد والتوتر, أو بسبب تعدد الخيارات وتأزم الصدام مع الكبار, أو بسبب التغيرات الجسدية ومستقبلها أو من فلتان الغرائز) [التحليل النفسي للمراهقة، عبد الغني الديدي].

المصادر:
·  التحليل النفسي للمراهقة، عبد الغني الديدي.
·  تنشئة المراهقين، لين هاجنز.

JoomShaper