أم عبد الرحمن محمد يوسف
إلى كل زوجين...
أتى رمضان مزرعة العباد لتطهير القلوب من الفساد
فأد حقوقه قولًا وفعلًا وزادك فاتخذه للمعاد
استقبال مودع:
فلا شك أن الإنسان إذا عمل عملًا أو زار مكانًا أو اجتمع إلى شخص واستشعر أثناء ذلك أنه لن يعود إليه مرة أخرى، فإن هذا الشعور يضاعف في نفسه شعورًا آخر بضرورة اغتنام تلك الفرصة التي قد لا تتكرر؛ ولهذا فإن الصحابة رضوان الله عليهم لما استمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم إلى موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب قالوا: (كأنها موعظةمودع)، ولما حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة (الوداع) جمع لأمته فيها من النصيحة في كلمات، ما تفرق خلال دعوته في سنوات قائلا:(لعلي لا ألقاكم بعديومي هذا) ومن هنا أيضًا ندرك السر في نصيحته لأحد أصحابه عندما قال له : (إذا قمتَ في صلاتك فصلّ صلاة مودع).
تعالوا نتصور رجلًا مخلصًا يصلي ركعات يعلم أنه يودع بها الدنيا كيف ستكون في تمامها وخشوعها في شدة إخلاصها وصدق دعائها؟
إن الرسول يعلمنا بهذا الهدي كيف نتخلص من آفة تحوّل العبادةإلى عادة .
فلماذا لا نستحضر روح الوداع في عباداتنا كلها خاصة وأننا إلى وداع في كل حال؟
إن رمضان يحل علينا ضيفًا مضيافًا، يكرمنا إذا أكرمناه، فتحل بحلوله البركات والخيرات, لقد كان النبي يبشر أصحابه برمضان فيقول لهم: (قد جاءكم رمضان شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة ويغلق فيه أبواب الجحيم و تغل فيه الشياطين فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم).
تعال معنا نستحضر أحاسيس الوداع.. تعال نخص هذا الشهر الكريم بمزيد.. اعتناء وكأننا نصومه صيام مودع !تعال نقف مع أنفسنا هذه الوقفات لإخراج صيامنا من إلْف العادة إلى روح العبادة :
الصوم :
نصوم رمضان في كل عام وهمّ أكثرنا أن يبرئ الذمة ويؤدي الفريضة فليكن همنا لهذا العام تحقيق معنى صومه (إيمانًا واحتسابًا) ليغفر لنا ماتقدم من ذنوبنا .
القرآن:
حرص كل عام على ختم القرآن مرات عديدة فلتكن إحدى ختمات هذا العام ختمة بتدبر وتأمل معانيه ونية إقامة حدوده قبل سرد حروفه .
الصلاة:
نسعى في تنقلنا بين المساجد للقيام إلى اختيار الصوت الأجمل فليكن سعينا العام وراء الصلاة الأكمل.
الأهل:
نخص رمضان بمزيد من التوسعة على النفس والأهل من أطايب الدنيا فليتسع ذلك للتوسعة عليهم بأغذية الروح والنفس .
إدخال السرور:
إذا أدخلنا السرور على أسرنا فلنوسع الدائرة هذا العام فندخل السرور على أُسَرٍ أخرى أَسَرتها الحاجة وكبّلَتها الأعباء .
الصدقة:
نتصدق كل عام بقصد مساعدة المحتاجين، فلنجعل قصدنا لهذا العام مساعدة أنفسنا على التخلص من نار الخطيئة بجعل تلك الصدقة خالصة لتطفئ غضب الرب .
العمرة:
نحرص على العمرة في رمضان لفضلها فلنجعلها لعمرنا الباقي فقد يكون آخر العهد بالبيت.
الخير المتعدي :
نحرص على اكتساب العمل النافع لأنفسنا، فليكن هذا النفع متعديًا للغير بكتاب يُهدى أو نصيحة تُسدى فالدال على الخير كفاعله.
الدعاء :
لنفسك من دعائك النصيب الأوفى، فلتتخل عن هذا (البخل) في شهر الكرم، فملايين المسلمين في حاجة إلى نصيب من دعائك الذي تُؤَمّن عليه الملائكة وتقول: ولك بمثله .
الجود:
الجود محمود في رمضان فليمتد جودك إلى الإحسان لمن أساء وصلة من قطع .
الاعتكاف:
لنكف عن الاعتكاف للناس، ولْنكتف بالعكوف مع النفس لمحاسبتها.
إفطار الصائمين:
نحب التعبُّد بإفطار الصائمين، فلنجرد هذه الطاعة من حب المحمدة أو دفع المذمة، فذلك رياء لا يثيب صاحبه.
قدره قدره:
قدر رمضان يتضاعف في ليلة القدر، فهل قدّرت في نفسك أنها ربما فاتتك في أعوام خالية؟ اغتنمها اليوم فقد لا تأتي بها ليالٍ تالية .
موسم الطاعات والخيرات :
قال صلى الله عليه وسلم: (افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله أن يستر عوراتكم وأن يؤمن روعاتكم) [الألباني في السلسلة الصحيحة].
كيف نستقبل رمضان :
وإلى الزوجين هذه الخطوات لاستقبال شهر رمضان:
1. الدعاء:
الدعاء بأن يبلغك الله شهر رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدعاء هو العبادة.
وكان السلف الصالح يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم.
إذا بلغت رمضان ورأيت الهلال تقول كما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا رأى الهلال قال: اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله [صحيح الجامع].
2. الحمد والشكر على بلوغه:
قال النووي رحمه الله في كتاب الأذكار: (اعلم أنه يستحب لمن تجددت له نعمة ظاهرة، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة أن يسجد شكرا لله تعالى أو يثني بما هو أهله)، فكم من رجل كان يصلى بجانبك في القيام العام الماضي وهو الأن يرقد في التراب ينتظر دعوة صالحة ولو قيل له تمنى لقال ساعة من رمضان فكن أنت هو.
3. عقد العزم الصادق على اغتنامه وعمارة أوقاته بالأعمال الصالحة:
فمن صدق الله صدقه وأعانه على الطاعة ويسر له سبل الخير، قال الله عز وجل: (فلو صدقوا الله لكان خيرًا لهم) [محمد: 21]، فالصحابي الذي بايع النبي على أن يضرب بسهم من هنا فيخرج من هنا فصدق الله فصدقه فكن صادق مع الله.
4.العلم والفقه بأحكام رمضان:
عليك أن تتعلم مسائل الصوم وأحكامه قبل مجيئه، ليكون صومك صحيحًا مقبولًا عند الله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) [الأنبياء: 7].
5. التوبة:
العزم على ترك الآثام والسيئات والتوبة الصادقة من جميع الذنوب، والإقلاع عنها وعدم العودة إليها، فهو شهر التوبة فمن لم يتب فيه فمتى يتوب؟! قال الله تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) [النور: 31].
6. عمل الخير :
وخاصة الخير المتعدي مثل الدعوة الى الله و هداية الناس الى الخير والصدقة ونشر العلم
7. فتح صفحة بيضاء :
مع النفس ومع الله ومع الناس الزوج والأبناء والوالدين والأهل والمجتمع.
ماذا بعد :
. على الزوجين أولا استشعار نعمة الله على حلول رمضان وزوجه بجانبه لم يفقده بالموت كما هو حال آخرين.
. وكذلك انه هو نفسه مازال على قيد الحياة والفرصة كبيرة للتزود من الطاعات وعمل الخير.
. وداعًا رمضان "اجعلها شعار الاستقبال وتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: (لعلي لا ألقاكم بعد يومي هذا).
اللهم بارك لنا في رمضان وتقبل حسن استقبالنا له, وأعنا على صيامه وقيامه واجعلنا فيه من عتقائك ومن الفائزين برضوانك.
أهلًا رمضان
- التفاصيل