أحمد عباس
تتصور الكثير من الزوجات أن الإخلاص في الحياة الزوجية يتوقف عند حدود عدم الوقوع في الأفعال المحرمة والكبائر، ولكن هذا الفهم في حقيقة الأمر أصبح قاصراً وناقصاً إلى حد بعيد لاسيما في زمننا المعاصر الذي أصبحت فيها الإغراءات والفتن تحيط بالجميع وتحدد العلاقات الزوجية.
لم تعد الحياة الزوجية في عالم اليوم بالبساطة والسلاسة التي كانت عليها في عصور وأزمان سابقة، وذلك نظراً لتقدم الحياة وتطورها وتشابك العلاقات وتداخلها واتساع اهتمامات الناس واختلافها، ومن ثم أصبحت قواعد الحياة الزوجية في حد ذاتها متطورة ومختلفة عما كانت عليه قبل عشرات السنين فضلاً عن مئات السنين.
معيار الإخلاص في الحياة الزوجية أصبح يحتاج إلى إعادة تعريف في ظل المتغيرات التي تجري كل يوم والتي جعلت الحياة الزوجية فوق صفيح ساخن وتحتاج إلى قلوب متعلقة بالله بصورة متصلة لضمان تحقيق كل ما من شأنه أن يصب في بوتقة الإخلاص للطرف الآخر في العلاقة الزوجية الغالية.
لا يجب أن تتصور الزوجة أن وقوع زوجها في الخيانة هو إقدامه فقط على الارتباط بعلاقة مع امرأة أخرى، بل إن الزوجة في واقع الحال تشعر بأن خنجراً ينغرس في قلبها في كل مرة تلمح في عين زوجها لمحة إعجاب بامرأة أخرى أو تلحظ في كلماته معنى التطلع إلى من هي أجمل منها أو أكثر ذكاء أو أفضل في صفة أو بعض الصفات، ولو وقع في مثل هذا الأمر سيكون عاصيا لله تعالى بعيداً عن تقواه في السر والعلن.

وعلى النسق نفسه من الأهمية بمكان أن تتذكر الزوجة الحريصة على استقرار حيتها حقيقة مهمة تتمثل في أن إخلاصها ووفاءها لزوجها يحتاجان منها أن تراقب قلبها رقابة صارمة وأن تحفظ خيالها وتفكيرها عن مجرد التفكير في حياتها قبل أن ترتبط بهذا الإنسان وأحلامها وطموحاتها وتخيلاتها لصفات وسمات الإنسان الذي سيكون شريك حياتها، وعلى المرأة أن تحفظ كل كيانها وتفكيرها ومشاعرها من الوقوع في مثل هذا وتتذكر أن الله تعالى رقيب عليها.

ومن الأمور التي تعين الزوجة على تطبيق أعلى معايير الإخلاص في الحياة الزوجية أن تكون دائمة التفكير في الآخرة وأن تذكر نفسها أنها خلقت في هذه الدنيا للامتحان والاختبار وأن السعادة الحقيقية الدائمة لن تكون إلا في الجنة، وأن اختبارها كزوجة هو الاختبار الأهم في حياتها ونجاحها في هذا الاختبار مرتبط بشكل كامل بحكم الله تعالى على قلبها وما يجول في نفسها من أفكار وخواطر.

ولا تتصور الزوجة أن الأفكار والخواطر العابرة التي يمكن أن تطوف بخيالها ستكون بلا تأثير ملموس في أرض الواقع، لأن هذه الأفكار والخواطر لو جالت بخيال زوجها ستشعر بها كزوجها، فالأمر نفسه ينطبق على زوجها ، وبالتالي فإن الزوجة عليها أن تحفظ قلبها ومشاعرها وخيالها من احتمال عدم الإخلاص للزوج، وهذا أمر يتسم بالحساسية البالغة لأن كثيراً من الزوجات تتولد لديها ثقة غير منطقية في أنها بعيدة كل البعد عن الوقوع في مثل هذه الخواطر أو الأحاسيس أو الخيالات لكن هذا التصور الزائف في حد ذاته هو الذي يحول دون قدرة الزوجة على التصدي لهذا الخطر.

تذكري على الدوام أن هذا الإنسان الذي قدر الله تعالى لك الارتباط به هو النصيب الذي يتلاءم مع طبيعتك والذي يمكن أن يكون مفتاح السعادة والرضا والاطمئنان لك في مشوار حياتك، ولذلك لا تدعي الأيام تمر عليك بدون أن تشكري نعمة الله عليك وبدون أن تحاولي التركيز على الصفات الإيجابية في شخصية زوجك.

JoomShaper