مصطفى محمد كتوعة
علي بن أبي طالب.. القدوة والمثللوحات صادقة وصفحات مشرقة.. ترسم صورًا حية لشخصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، الذي حمل دعوة الإسلام ودافع عنها وبذل في سبيلها أغلى التضحيات.
الإمام علي بن أبي طالب الذي ينتسب إلى آل هاشم تلك الأسرة الكريمة من أشراف العرب ذات الحسب والنسب عرفت بالنبل والشجاعة والمروءة والقيادة، فهو علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف.. أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.. وفي بيت الوحي والنبوة ترعرع الإمام علي وتربى في مدرسة الإسلام الخالدة فكان من أوائل المسلمين الذين آمنوا بالدعوة وصدقوها في أوائل مهدها.
كان بعيد المدى.. شديد القوى.. يقول فصلا ويحكم عدلًا.. يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه.. فكان عزيز الدمعة، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشب.. لا يطمع القوي من باطنه ولا ييأس الضعيف من عدله.
مواقفه في الشجاعة معروفة.. فقد كان مبيته على فراش النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة رغم علمه بما يبيّته المشركون من نية قتل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعدم مبالاته للموت ذلك دليل على أسمى معاني الشجاعة والبطولة.
كان الإمام علي في عباداته مثالًا للمسلم التقي المتعبد الذي لا يصرفه لهو الحياة ولذاتها من الانكباب على العبادة انكبابًا شديدًا وكان أحسن الإسلام فقهًا وعلمًا.
وكان خلال خلافته مثالًا للحاكم العادل.. لا يحكم إلا بالحكمة والعدل والمساواة ورعاية الضعفاء.. كان صارمًا في الحق.. صلبًا فيه صلابة الشجعان الأقوياء التي عمرت قلوبهم التقوى وخشية الله.
كان دعاؤه الشهير الذي قال فيه: (رب لا تكلني إلى أحد، ولا تحوجني إلى أحد، واغنني عن كل أحد، يا من إليه المستند وعليه المعتمد، وهو الواحد الفرد الصمد.. لا شريك له ولا ولد.. خذ بيدي من الضلال إلى الرشد، ونجني من كل ضيق ونكد).. كان هذا الدعاء تأكيدًا على إنسانية الإمام التي تمثلت فيه كل معاني الإنسانية في ذاته كأقوى ما تكون عليه الإنسانية حين تتركز العفة والأخلاق والشفافية العالية في التسامح.
وعن ابن عباس قال: كان مع علي أربعة دراهم لا يملك غيرها فتصدق بدرهم ليلًا.. وبدرهم نهارًا وبدرهم سرًا.. وبدرهم علانية.. فنزل فيه قوله تعالى: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرًا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
كان علي يدعو ربه في سجدة الشكر لطلب الرزق فيقول: (يا من لا يزيد ملكه حسناتي ولا تشينه سيئاتي، ولا ينقص خزائنه غناي، ولا يزيد فيها فقري، وأثبت رجاءك في قلبي واقطع رجائي عمن سواك حتى لا أرجو إلا إياك ولا أخاف إلا منك ولا أثق إلا بك ولا اتكل إلا عليك وأجرني من تحويل ما أنعمت به علي في الدين والدنيا والآخرة وأشملني أيام الدنيا برحمتك يا أرحم الراحمين).
كان دائمًا يقول للناس: (قووا إيمانكم بالصدقة وحصنوا أموالكم بالزكاة وادفعوا أمواج البلاء بالدعاء).
وأيضًا: (من أصلح سريرته أصلح الله علانيته.. وما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبًا لما عند الله وأحسن من منه طلب الفقراء على الأغنياء اتكالًا على الله سبحانه).
هذا هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهذه هي مسيرته العطرة مع أصدق وأنبل الصور الإنسانية.. الإنسان القوي العادل الذي انصرف عن مغريات الحياة وأخلص الفكر والروح والعقيدة والجهاد في سبيل الله، وهكذا كان قدوة ومثل.

JoomShaper