فاطمة الخمّاس
بصيص من الأمل ينبلج كضوء مشع، في ليل حالك الظلمة. حين ترنو الروح إلى أفق السماء العليا . وتيقظ العقل، ليخرج من دهاليز اليأس إلى نور التفاؤل.
ولا شيء كقوة الإيمان، حين تمرض الأبدان، ويتبدل نعيمها إلى حمى وأسقام.
ولولا الآلام والبلاء، ما عرفنا نعمة العافية.
وما أندى كلمات الدكتور خالد الحليبي في برنامجه: بوح البنات،  حلقة حين أمرض.
حين يصف المرض بأنه: محطة نحط في رحالها، فمنا من يتجاوزها بالنجاح الذي حققه في هذا الاختبار المؤقت. ومنا من يتجاوز الرحلة في هذه المحطة، بعد اختبار يمكن أن ينجح فيه. والبعض قد يبقى رهين هذه المحطة. على سرير أبيض لا يدري متى يعافيه الله أو يختاره.
وحين أمرض، استشف حقيقة النفس البشرية. وكيف هي حال الشدة والتعب. أتصبر دون جزع؟ أم يسكنها الهلع والقنوط ؟
يقول علي بن أبي طالب: "إنك إن صبرت، جرت عليك المقادير وأنت مأجور. وإن جزعت جرت عليك المقادير وأنت مأزور".
وحين أمرض أعلم أن في المرض تهذيب للنفس واستخلاص مادة صبرها، بإيمان قوي وإرادة تلبس النفس أسبال الرضا والذي جزاءه جنة "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" سورة الزمر 10
وحين أمرض أستشعر أن بعد الظلام هناك فجر مشرق. تنجلي معه الأوجاع؛ لذا لابد لنا من الصبر. والرضا بأقدارنا، حامدين،  شاكرين، منتجين فاعلين، معطاءين لخير أمتنا.
وحين أمرض أحول الداء من محنة إلى منحة. تنتصر معها القوة الإيمانية، لتسلك النفس طريقا مختلفا. وهي آملة من الله بالخير في أوج بلاءها.
ولنتأمل في بلاء ذاك النبي (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) سورة ص 44
وقد فقد أهله وماله وولده وصحته. حتى ما بقي إلا لسانه وقلبه. وكان يصبح ويمسي ويقول: الحمد لله.
هذا ما كان عليه النبي أيوب عليه السلام . وفي قصته سلوى لكل مهموم ومكروب.
حين أمرض: أستعيد إيماني الحقيقي، وهو القوة التي تقودني للقمة.
كتب أشهر أطباء النفس ـ د كارول جائغ ـ في أحد مؤلفاته، أنه جاء أشخاص من جميع أقطار العالم لاستشارتي، وقد عالجت مئات المرضى.  ـ وقد عالجت مئات المرضى ـ ومعظمهم في أواخر العمر. ولم يكن بينهم من لا تعود مشكلته إلى الظهور مرة أخرى، ويبحث عن إيجاد ملجأ يتطلع من خلاله إلى الحياة، وباستطاعتي القول إنهم مرضى؛ لأن كلا منهم فقد ما منحه الدين للمؤمن. ولم يشف من لم يستعيد إيمانه الحقيقي.

وحين أمرض، لا أستسلم، بل أحسن الظن بالله. وأصنع من مرضي إنجازا ونجاحا، يمنحني قدرا من القوة. والتي أراها تكمن في العقل والعقل، وليس في الجسد