جيرون- مهند شحادة
تحاول تجمعات شبابية عديدة، داخل الغوطة الشرقية في ريف دمشق، التأكيد على أهمية العمل المدني الأهلي بحقوله وميادينه المختلفة، رغم الواقع المرير الذي تعيشه المنطقة بفعل الحصار المتواصل المفروض من قوات النظام السوري منذ ما يزيد على الأربع سنوات، إضافة إلى القصف بأنواع شتى من الأسلحة، ولا سيما خلال الآونة الأخيرة؛ حيث تصاعدت الحملة العسكرية للنظام وحلفائه على الغوطة تصاعدًا غير مسبوق، وهو ما قد يجعل من العمل المدني غير ذي أهمية -بحسب بعضهم- في ضوء مثل هذه المعطيات.
محاولات كبيرة لتثبيت (1)
يأتي فريق شباب الغوطة التطوعي كأحد معالم إصرار الطاقات الشابة في الغوطة الشرقية على تأسيس نواة مجتمع محلي قادر على الحياة، على الرغم من الموت الذي يُحاصرهم من كل جانب، هذا الفريق تأسس نهاية عام 2015، وهو وفق ما أكد أحد أعضائه، تجمع شبابي يضم مجموعةً من الناشطين (الإعلاميين، الإغاثيين)، موضحًا أن الفريق بدأ بخمس شباب فقط، في حين وصل عدد أعضائه -الآن- إلى أكثر من 20 شابة وشابًا،

ينشطون في الميادين المختلفة.
لماذا الإصرار على العمل المدني
يطرح بعضهم وجهة نظر، مفادها أنه في ضوء الهجمة العسكرية الشرسة للنظام وحلفائه على المناطق السورية الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة، ينبغي تركيز الجهد الأكبر على العمل العسكري لأنه الأهم، ويبقى العمل المدني متمّمًا أو ملحقًا بالعمل العسكري، في حين رأي الناشط عبد الملك عبود، أحد أعضاء الفريق، أن للعمل المدني أهمية بالغة، لا تقل عن أهمية العمل العسكري، وقال لـ (جيرون): ” بعد أكثر من خمس سنوات على استمرار الصراع، والقصف والحصار، انحسرت -إلى حد بعيد- ميادين العمل المدني والإنساني؛ حيث أن النسبة الأكبر من الشباب السوري اتجهت إلى حمل السلاح؛ دفاعًا عن مناطقهم أمام حملات النظام والميليشيات المساندة له، بالتالي؛ إن أهم أسباب تشكيل فريق شباب الغوطة التطوعي، وغيره من التجمعات الشبابية المدنية تدخل في إطار إعادة الحسبان إلى أهمية ومركزية العمل المدني الأهلي، بحقوله وميادينه المختلفة، والذي لا يقل أهمية عن العمل العسكري، إلى جانب التأكيد على مركزية دور الشباب السوري، صاحب الشرارة الأولى في الثورة، ولا سيما بعد ما تعرضنا له من تهميش بفعل عدد من المتسلقين والمنتفعين على أكتاف لثورة”.
الملف التعليمي يعاني من تهميش كبير
عدّ عبود أن أحد أبرز الملفات التي ينبغي العمل عليها بجدية داخل الغوطة الشرقية، والمناطق المحررة عامة، هو الملف التعليمي، وذلك؛ لأسباب وحسابات عديدة، وقال: “أهم الملفات التي يعمل عليها فريق شباب الغوطة التطوعي هو الملف التعليمي، وذلك؛ بسبب وجود نسبة كبيرة من الأطفال ممن هم في سن التعليم، يمارسون مهنًا صناعية، أو يبيعون ما تيسر لهم؛ من أجل تحصيل رزقهم ورزق عوائلهم التي فقدت معيلها، ما أدى إلى انعكاسات سيئة جدًا، أبرزها انتشار الجهل والأمية بين عدد كبير من الأطفال”
وأضاف عبود أن الفريق يعمل حاليًا على إنشاء مركز تخصصي؛ لاستيعاب الأطفال المتسربين من التعليم، وإعادتهم من جديد إلى مقاعد الدراسة، مشيرًا إلى أن المركز يتكفل بمتطلبات الطفل كاملة، في محاولة لوضع حد -قدر الإمكان- لمعاناة الأطفال المتواصلة، مشددًا على أنهم الفئة الأكثر تضررًا من الصراع المستمر منذ أكثر من خمس سنوات، موضحًا أن عدد الأطفال المستفيدين من هذا المشروع نحو 120 طفلًا، ولفت إلى أنهم في إطار المباشرة في العمل في هذا المركز خلال الفترة القريبة المقبلة.
مشروعات وأفكار مستقبلية
أشار عبود إلى أن عمل فريق شباب الغوطة التوعي اقتصر في بداياته على الحملات الإغاثية البسيطة ضمن الإمكانات المتاحة للفريق، إلى جانب مشاركة الفريق للمؤسسات والمنظمات الأخرى في الحملات الإغاثية الموسمية (الموسم الدراسي، الأعياد، الموسم الشتوي)، فمثلًا شارك متطوعو الفريق في حملة إفطار صائم -رمضان الفائت- وتكفل بوجبات الإفطار لما يقارب 300 عائلة من مدينة دوما والقطاع الجنوبي ومنطقة المرج. وأضاف عبود -في هذا السياق- “الحديث عن المشروعات المستقبلية يحتاج إلى أرضية ملائمة، لدينا طموحات وأفكار عديدة، إلا أن الأهم -في اعتقادي- هو لفت أنظار المؤسسات والمنظمات الداعمة إلى ضرورة دعم وتعزيز قطاع التعليم؛ لأنه الأساس في بناء وإرساء دعائم مجتمع سوي، قادر على النماء والتطور، إلى جانب ضرورة دعم ملف مصابي الحرب، بما يساعد في إعادة ثقتهم بالحياة”.
وعن مدى التنسيق بين الجهات العسكرية والمدنية العاملة في الغوطة الشرقية، قال عبود: ” هناك فصل تام داخل الغوطة بين العمل العسكري والعمل المدني، ويوجد تنسيق عالي المستوى بين القيادة العسكرية والفاعليات المدنية في المنطقة؛ بحيث لا يحصل أي تدخل أو انتهاك ضد أي طرف، وضمان حق أي مؤسسة تعمل على الأرض، وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أننا في فريق شباب الغوطة التطوعي، وبعد أكثر من عام على بدء عملنا، لم نتعرض لأي تجاوز أو مضايقات من الفصائل العسكرية العاملة في الغوطة الشرقية”.

JoomShaper