الشباب هم مستقبل الأمة ودرعها القوي، وهم عماد أي أمة من الأمم وسر النهضة والتقدم فيها.
ورغم ذلك فإن الشباب في رمضان يتكاسل ويتقاعس عن عبادة الله، وما أخطره من أمر يفعلونه! نرى الأغلبية العظمى من شبابنا ذكورًا أو إناثًا ينام بالنهار خوفًا من التعب والإجهاد والشعور بالصيام ويستيقظ على موعد الإفطار فيملأ بطنه ويظل جالسًا أمام التلفاز يتابع المسلسلات التي لا حصر لها ولا عدد على مختلف القنوات التلفزيونية، وما بها من مشاهد لا يصح مشاهدتها أو إذاعتها، وما فيها من إثارة للفتن والشهوات لا سيما للشباب.
ويظل هكذا ليله في الضحك والطعام والشراب والمحادثات والتعليقات، ويسهر حتى السحور، ثم يعود للنوم من جديد، ويلهو وينسى ويضيع منه رمضان يومًا وراء يوم، وتضيع منه فرصة رمضان
ويصبح من الخاسرين.
أبنائي الشباب والفتيات أفيقوا وانتبهوا، فلا يدرك أحدنا متى ينتهي عمره، وفي أي عمل، وفي أي مكان، أفيقوا يا بناة الأمة، أفيقوا يا مستقبل الإسلام. وأنتم -أيضا- أيها الآباء والأمهات، لا تتركوا شبابكم تسرقهم شهواتهم وأمنياتهم وتلهيهم عن ذكر الله، فأنتم من تُسألون عنهم يوم الحساب.
ما يعيب شبابنا هو الفهم الخاطئ لشهر رمضان الكريم، ربما ذلك الفهم المتوارث من المجتمع وهو أن شهر رمضان موسم الترفيه والمسلسلات والبرامج والتنوع في الطعام والشراب والزيارات المبالغ فيها والإفراط في العزائم.
يا شباب الأمة لكم أن تفهموا لماذا فرض الله علينا الصيام، ولماذا كرمنا وتفضل علينا بهذا الشهر العظيم، فقد قال ربنا في كتابه العزيز: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
انظروا قوله: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الغرض هو التقوى يا شباب الأمة، فمن أين تحصلون على التقوى وأنتم أمام التلفاز بالليل ونائمون بالنهار؟!، ولتعلموا أن التفريط في العمل في رمضان هو انعكاس لأنفسكم لا علاقة له بوساوس الشيطان، فقد منَّ الله علينا بسُبل التحفيز والمساعدة على الطاعة بأن جعل أجواء الشهر الكريم مختلفة تماما عن أجواء الشهور الأخرى، فالشياطين في شهر رمضان مُصفَّدة ليكف أذاها عن المسلمين ويتفرغوا للعبادة والخير.
اعلموا إخواني أن من فعل الشر والمعاصي في شهر رمضان إنما هو من شر نفسه لا من وساوس الشيطان. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ».
انتبهوا أيها الشباب فرمضان فرصة العمر لكم، فهيا انهضوا واعزموا على التوبة النصوح من كل ذنب وكل عمل سوء، وخذ قرارك الآن في العودة والإنابة إلى الله رب العالمين، وفُزْ بوعود الله العظيم في الرحمة والمغفرة والعتق من النار.
هيا بادروا فإذا علم الإنسان - وإن بالغ في الجد - أن الموت يقطعه عن العمل، عمِل في حياته ما يدوم له أجره بعد موته. فالناس في الدنيا يتاجرون تجارة واسعة ولا يتكاسلون ولو شَق عليهم الأمر ولو سافروا مسافات بعيدة ولو حُرموا النوم ابتغاء المكاسب المالية الوفيرة، فلماذا أنتم أيها الشباب لا تتاجرون مع الله تجارة رابحة والجميع يثقون بأنها رابحة لأنها مع رب العالمين جل وعلا، فتفوز وتربح ربحًا وفيرًا أغناك وكفاك الدنيا وما فيها.
ولتتعلَّموا إخواني الشباب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ومن السلف الصالح أصحاب رسول الله، فكان رسولنا الكريم يُقِيم الليل حتى تتورَّم قدماه ولا يرى في ذلك مَشقَّة وتعبًا، بل يرى فيه زيادة شوق وحب لله رب العالمين.
هيا يا شباب الأمة انهضوا فأنتم في ريعان عمركم وقوَّته، فلا تتركوا ساعة ولا دقيقة ولا ثانية من شهر رمضان إلا أقمتم فيها عبادة لله، هيا عمِّروا مساجد الله ليلًا ونهارًا، هيا اتركوا كل معصية ابتغاءَ وجه الله الكريم، اتركوا التدخين، اتركوا المسلسلات والأغاني، نظِّموا أوقاتكم بين عبادة ودراسة وعمل وبر والديكم وفوزوا بثلاثين يومًا، أعلنوا فيهم التغيير، وخذوا قراركم بأنفسكم على التغيير وأعلنوا شعار "رمضان فرصتي للتجديد".
نسأل الله تعالى أن يهدي شبابنا وبناتنا، وأن يجعلهم قرَّة أعيننا أجمعين.