مرحلة المراهقة: هي مرحلة انتقالية من الطفولة إلى مرحلة الرشد والنضج. فالمراهقة مرحلة تأهب لمرحلة الرشد، وتمتد في العقد الثاني من حياة الفرد، من الثالثة عشر إلى التاسعة عشر تقريبًا، أو قبل ذلك بعام أو عامين، أو بعد ذلك بعام أو عامين.
وخلال هذه المرحلة يحتاج ابنك المراهق إلى تعهده بالتربية الإيمانية، وغرس القيم الإسلامية أكثر من أي وقت مضى، وذلك لعدد من الأسباب:
- بعد أن يطوي الإنسان مرحلة طفولته: يواجه أزمة الهوية، حيث تجول في ذهنه وفكره: أسئلةٌ متعدّدة، يبحث من خلالها عن ذاته وشخصيته، ويبدأ في تكوين أفكاره عن الكون والحياة.

- مرحلة المراهقة بداية مرحلة الاحتياجات العاطفية، والميل للجنس الآخر، فتنشئة ابنك وبنتك في ظلال الإيمان: يعصمه من كثير من الزلل والانحرافات.
- إنها هي المرحلة التي اختارها الله عز وجل لبدء التكليف، ولعل تلك الإرهاصات التي تطرأ على المراهق: تلك الفترة من استعدادات جسدية ونفسية وعاطفية، إنما هي تهيئة ربانية، لتلقي أوامر الله عز وجل وتكاليفه.
- في هذه المرحلة يميل المراهق إلى الاستقلال بذاته، والاعتماد على نفسه، ويبدأ في البحث عن هويته، ويحدد ملامح شخصيته، فيناسب ذلك أن يعمق ارتباطه بربه في هذه المرحلة، ويأخذ الإيمان مساحة أساسية من تكوين شخصيته؛ فإن هذا أدعى للثبات والرسوخ في الإيمان، وأسهل من أن يتعلم الإيمان في مراحل متأخرة من حياته، ولذا نجد أن أكثر الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ، كانوا شبابًا صغارًا لأن التقبل والقدرة على التغير في الشاب أسهل من الكبار بكثير.
- مرحلة ميل فطري للتدين والعبادة والطاعة، حيث يجد المراهق في الدين: أمناً من الخوف، وملاذا من القلق فيشعر بسكينة الروح، وهذا كله قد يدفع المراهق للمبالغة في العبادة، والتعمق فيها أحيانا. وهذا الميل الفطري للدين عند المراهق: يجب توجيهه وجهة سليمة واعية واستغلاله في غرس المعاني الإيمانية.
هذه العوامل مجتمعة: تؤكد ضرورة الاهتمام بالتربية الإيمانية في مرحلة المراهقة، لكن يبقى السؤال كيف يمكن غرس المعاني الإيمانية في نفوس أبنائنا المراهقين؟
توجيه المراهق بشكل غير مباشر:
لا ينبغي للوالدين أن يتركا ابنهما المراهق دون توجيه، في ظل الثقافات والأفكار الوافدة. بل ينبغي لهما أن يساعداه بشكل غير مباشر، نحو الاستماع إلى برامج وأشرطة، أو قراءة كتب مفيدة تساعده في تعميق الإيمان والعقيدة الإسلامية الصحيحة.
توفير البيئة الصالحة:
من سمات مرحلة المراهقة: التأثير الكبير للبيئة الاجتماعية والأصدقاء؛ لذلك من الضروري: توفير البيئة الصالحة، ومحاولة ربط المراهق بشكل غير مباشر بصحبة صالحة؛ تعينه على الخير، وتساعده على التمسك بتعاليم دينه، كما أن البيئة الصالحة تكسبه الكثير من المهارات الحياتية، والخبرات الشخصية، والثقافات المختلفة؛ مما يأهله للتفاعل مع من حوله بكفاية، فيفيد ويستفيد ويدير نفسه وأسرته مستقبلًا بمهارة. بالإضافة إلى روح التلاحم في المجتمع الإسلامي، والشعور بالغير، وتحمل المسؤولية تجاه الآخرين.
الحوار والمناقشة الهادئة:
يجب على الوالدين أن يفتحا قلبهما لابنهما المراهق، ويتحاورا معه بشكل هادئ وواعٍ، عن الدين ورسالته في الكون والحياه وألا يضيقا أو يتبرما من ذلك؛ لأنه يميل في هذه المرحلة إلى مناقشة كل فكرة تعرض عليه، فهو لم يعد طفلا يأخذ كل شيء بالتسليم المطلق. وإن كان هذا لا ينفي أن نزرع في نفسه أيضا التسليم المطلق لله تعالى، والانقياد لأوامره وأحكامه، وأنه سبحانه شرع شريعته لمصلحتنا، قد يدركها العقل وقد يعجز عن إدراكها ومعرفتها أحيانا ولكنه ـ بكل تأكيد ـ ما من حكم شرعي إلا وهو ينطوي على مصلحة للبشر.
استثمار المواقف:
يمر المراهق بلحظات ضيق وشدة وضعف؛ نتيجة لموت صديق أو قريب كان يحبه، أو نتيجة لإخفاق في أحد جوانب الحياه وغير المراهق يتأثر بهذه اللحظات. لكن تأثر المراهق بهذه المواقف أشد وانفعالاته وعاطفته في التعامل معها أقوى. لذلك من المهم استثمار هذه الحالات وتذكيره بالله، وضرورة العبادة والقرب من الله.
التدرج في التربية الإيمانية
التدرج والصعود شيئاً فشيئاً، فيبدأ المربي بالأسس والمهمات؛ وليجتنب المربى أن يصدر هذا الشاب قبل أن يرسخ فى قلبه معانى الإيمان، وهذا هو المنهج النبوي في التربية، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ وَنَحْنُ فِتْيَانٌ حَزَاوِرَةٌ، فَتَعَلَّمْنَا الإِيْمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ، فَازْدَدْنَا بِهِ إِيْمَانًا"(رواه ابن ماجه بإسناده صحيح).
وختاما:
يجب على الأهل: استثمار هذه المرحلة إيجابياً؛ وذلك بتوظيف وتوجيه طاقات المراهق؛ لغرس المعاني الإيمانية في نفسه، وهذا لن يتأتى دون منح المراهق الدعم العاطفي. وفتح حوارات معه، ومنحه الحرية ضمن ضوابط الدين والمجتمع، وتشجيعه على القراءة والاطلاع، ومساعدته على مرافقة صحبة صالحة.
المراجع:
- فن التعامل مع المراهقين: مشكلات وحلول، ناصر الشافعي، دار البيان ، 2009م.
- التربية الإيمانية للمراهق، حق للأبناء ومسؤولية على الآباء، إلهام بنت يوسف الملا، على الرابط:
http://www.al-musheer.com/play-417.html
- خطوات ووسائل التربية الإيمانية للمراهقين، المنتدى الإسلامي العالمي للتربية، على الرابط:
http://montdatarbawy.com/show/122278
- المراهقة: التعامل مع المرحلة وفق النظرية الإسلامية، موقع المسلم، على الرابط:
http://almoslim.net/node/82303

JoomShaper