سميرة عوض
يتجدد الحديث عن أهمية الاختيار المناسب للتخصصات الجامعية؛ من قبل الطلبة حديثي التخرج من المرحلة الثانوية سنويا؛ مع بدء الجامعات باستقبال ملايين الطلبة المستجدين.
والسؤال هنا كيف يجب علينا تهيئة أولادنا لاختيار التخصص الجامعي المناسب؟ وما متطلبات سوق العمل خلال السنوات المقبلة؟
معايير مهمة.. قبل اختيار التخصص الجامعي
تتحدث المرشدة الاجتماعية هيام الطراونة للجزيرة نت عن المعايير التي يجب معرفتها قبل اختيار التخصص الجامعي المناسب، واتخاذ القرار، ومن أهمها:
التعرف على قدرات الطالب، وتحديد نقاط قوته وضعفه.
تحديد مهاراته وميوله. فقد تكون قدراته الرقمية عالية، ولكن ميوله للدراسات الإنسانية أكبر، فينجح ويبدع أكثر.
توفر فرص العمل. ففي حال ركود التخصص الذي يرغب بدراسته، عليه البحث عن أقرب بديل يتيح فرص عمل بعد التخرج.
مراعاة الظروف العائلية، فهناك ظروف تستدعي وجود الطالب قرب والديه لأسباب خاصة.
مراعاة الظروف المادية للأسرة، من حيث تكلفة الدراسة ومدى استطاعة الأهل تحملها، وهنا يمكن البحث عن الدعم المادي، كالمنح والبعثات التي قد تساهم في تحديد المجالات الدراسية الأكثر طلبا ودعما.
التفكير بطبيعة العمل بعد التخرج، وهل تناسب الطالب؟ وهل الدخل مناسب؟ وهل يرى الطالب أنه سيكون في المكان الصحيح الذي يحقق طموحه؟
للتكرم برفع صورة واحدة باسم المرشدة الاجتماعية هيام الطراونة المصدر الجزيرة
كيف نهيئ أولادنا لاختيار تخصصهم الجامعي؟
ترى المرشدة الطراونة أن على الأهل الاهتمام بهذه المرحلة المفصلية وتقديم الدعم والتوجيه للأبناء، والتركيز على شخصياتهم وقدراتهم وميولهم ووعيهم الذاتي المستمد من وعي الأهل.
وتقول "يجب أن يكون الأهل مطلعين على سوق العمل، ومتفهمين لقدرات أولادهم، ومراعين للفروق الفردية وعدم المقارنة بينهم، والتعامل مع كل ابن كحالة لها حيثيات خاصة، كما عليهم توعية الأبناء بقدراتهم وميولهم ومهاراتهم الذاتية".
وتضيف "إذا لم يكن للأهل الدراية الكافية بالمعايير المذكورة، يمكنهم الاستعانة بمستشارين، أو بالمرشد المهني، والمستشار الأكاديمي بالجامعة".
وعن تجربتها كأم لأبناء اختاروا تخصصات جامعية مختلفة تقول للجزيرة نت "أنا وزوجي كنا داعمين لأولادنا، نترك لهم مساحة الاختيار، مع التوجيه والإرشاد والتوعية؛ لدينا 5 أبناء كان لكل منهم تجربة متفردة، تعتمد على قدرته وشخصيته، وفرص العمل بالسوق في حينه، كما كانت هناك مرونة بالتفكير والاختيار مع وجود خطط بديلة".
وتضيف "من التجارب التي أرغب بعرضها أن أحد أبنائي كان متفوقا ودرس تخصصا وفق قدراته ورغبته، ولكن مع الأسف عند تخرجه كان سوق العمل متخما بتخصصه، فلجأ للخطة البديلة وبحث عن عمل في مجال آخر، ودعم نفسه بالاطلاع على التخصص الجديد الذي عمل به، وأثبت جدارته، وحصل على الماجستير بالتخصص الجديد ليدعم نفسه ويتميز بعمله أكثر".
كيف أختار تخصصي الجامعي؟
ترى طالبة الثانوية تالا سامر أن اختيار التخصص الجامعي يعد المرحلة الأصعب والأكثر حيرةً في عمر الإنسان، وقد يكون أشد تعقيدا من الثانوية العامة.
وتقول للجزيرة نت "تعتبر الثانوية العامة مرحلة دراسية عامة، فكلما اجتهدت أكثر حصلت على معدل أعلى، والحمد لله حصلت على معدل (97.65%) في الثانوية العامة الفرع العلمي- الحقل الطبي في الأردن، وهذا ساهم أن تكون كافة التخصصات الجامعية متاحة أمامي".
واستدركت "لكن بدأت الحيرة بعد النتائج بيومين، عند التفكير في التخصص الجامعي وسألت نفسي، كسائر الطلبة، كيف أختار تخصصي الجامعي؟".
وتضيف بناء على ما ورد في ذهني، ومما قرأت، تشكلت لدي محددات اختياري للتخصص الجامعي كالتالي:
1- الثقافة المجتمعية: تهتم بالألقاب الأكاديمية مثل الدكتور، والمهندس، والطبيب، وغيره..، لذلك تؤثر الثقافة المجتمعية بشكل متفاوت على طلبة الثانوية، فبعضهم يرتكز عليها في اختيار تخصصه.
2- سوق العمل: تعد الدراسات حول سوق العمل والعرض والطلب على الخريجين من أهم مصادر البحث لاختيار تخصص مناسب يضمن العثور على فرص عمل، وعدم الدخول في دوامة البطالة لفترات طويلة.
3- الرغبة والميول: العديد من الطلبة لديهم الرغبات الطبية أو الهندسية أو الإدارية أو الثقافية والاجتماعية، لذلك تعد الرغبة والميول الفكرية والثقافية للطلبة من أهم ركائز نجاح الطالب في تخصصه الجامعي وإبداعه بعد التخرج. وقد يختار تخصصا ضمن ميوله وإن كان ليس عليه طلبا، إلا أنه مؤمن تماما أنه قادر على الإبداع والنجاح وخلق فرصة العمل لنفسه.
4- الأفق والمستقبل: يجب التفكير في التخصص الجامعي من أكثر من زاوية، فمثلا كلما كان التخصص الواحد له أكثر من فرصة؛ كان أفضل ومشجّعا أكثر للدراسة.
على سبيل المثال: تخصص التغذية، يمكنك العمل فيه ضمن عيادة، أو افتتاح عيادة تغذية، أو تقديم الاستشارات، أو العمل في وظيفة حكومية.
اختيارات متنوعة
يتيح نموذج التقدم الموحد للجامعات في الأردن وضع عدد كبير من التخصصات، اختيار 5 تخصصات كحد أدنى، و30 تخصصا كحد أعلى، ويمكن وضع التخصص نفسه في أكثر من جامعة، أو وضع تخصصات مختلفة في جامعات مختلفة.
وتاليا أبرز اختيارات الطالبة تالا سامر، وفق أولوياتها:
الخيار الأول، الطب العام في أكثر من جامعة: وذلك بسبب رغبتها الكبيرة وطموحها في دراسة الطب العام منذ صغرها، وشغفها في القراءة والمطالعة المستمرة حول التطورات الطبية والإنسانية، والذكاء الاصطناعي في الطب، إضافة إلى أنه أقل التخصصات بطالة؛ أي أنه من أكثر التخصصات طلبا في سوق العمل، وفق الطالبة تالا سامر.
الخيار الثاني، الهندسة الصناعية: كونها تدمج بين الهندسة الميكانيكية والتقنية والتكنولوجيا والإدارة. ويعد هذا التخصص من بين الأعلى طلبا بين الهندسات في سوق العمل. كما يمكن العمل بعد التخرج من هذا التخصص في عدة مجالات ابتداء من العمل الهندسي الميداني إلى العمل الهندسي المكتبي، إضافة إلى الإشراف والإدارة والتخطيط والتطوير ووضع الإستراتيجيات.
الخيار الثالث، تخصص التغذية: ومجالاته متعددة، حيث يمكن الحصول على وظيفة أو إطلاق مشروع خاص أو العمل بشكل مستقل في تقديم الاستشارات.
الخيار الرابع، تخصص علم الحاسوب: كونه يشمل كافة لغات البرمجة والأمن السيبراني. فنحن الآن في مرحلة ثورة ذكاء اصطناعي جديدة. إنه تخصص مطلوب في سوق العمل بكثرة، إلا أنه يحتاج جهدا مضاعف خاصة خلال مرحلة الدراسية الجامعية، للبقاء على اطلاع على كافة التطورات في لغات البرمجة والتطبيق العملي، والتوسع في المناهج الدراسية المقدمة والالتحاق بالدورات.
الرضا بما قسمه الله
تقول تالا "سأكون سعيدة في أي تخصص أحصل عليه فور إعلان نتائج القبول الجامعي، المتوقع نهاية سبتمبر/أيلول الجاري، لأنني استطعت اختيار تخصصات دمجت بين المحددات الرئيسية الأربعة التي ذكرتها، وكان العامل الرئيسي لي في ترتيب التخصصات هو "الرغبة والميول".
وتنصح تالا الطلاب بعدم التسرع باتخاذ قرار اختيار التخصص، والحرص دائما على اتخاذ قرار يجلب السعادة على المديين القريب والبعيد، مع التوكل الدائم على الله تعالى والرضا بما قسمه.
ربط التعليم بالمستقبل المتوقع للتخصص
يقول الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور مازن مرجي، للجزيرة نت "هناك عنصر مهم جدا وهو ربط التخصص المرغوب فيه بالمستقبل المتوقع له، من حيث توفر فرص العمل المناسبة".
وهنا يبرز الدور الأهم للأهل، بالتعاون مع الجهات المعنية بالتعليم العالي، في توجيه الأبناء نحو التخصصات الحية التي يتوقع لها أن تبقى مطلوبة في العقود القادمة، إضافة إلى التعرف على المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، وأهمها نسب البطالة العامة، ونسب البطالة الفرعية المرتبطة بالتخصص الفرعي الذي يرغب الطالب بدراسته، وفق ما يضيف الدكتور مرجي.
ويلفت المتحدث ذاته، إلى أهمية التعرف على فرص العمل، ليس في الداخل فقطـ، بل في الدول المحيطة، والعالم أيضا، ومدى إمكانية الوصول إلى تلك الفرص، حتى يتم اختيار التخصص الجامعي انطلاقا من نظرة تضع في الحسبان الإقليم والعالم أيضا.
ما متطلبات سوق العمل خلال السنوات المقبلة؟
عند الحديث عن متطلبات سوق العمل في السنوات القادمة يجب التمييز بين الدول وفق نمطها الاقتصادي وطبيعة الموارد الطبيعية والبشرية التي تتوفر لديها، وقدرتها على توجبه الخطط والبرامج التنموية لتحقيق أفضل النتائج ممثلة بنسب النمو الاقتصادي السنوية.
فهناك دول عربية تعتمد في اقتصادها على عدد محدود من الموارد الطبيعية، مثل الدول النفطية، لكنها تسعى إلى تنويع مصادر دخلها، من خلال تطوير القوى البشرية.
أما في الدول غير النفطية، مثل مصر والأردن وتونس، فتسعى منذ زمن بعيد لتطوير مواردها البشرية الهائلة على تخصصات علمية منوعة وشاملة؛ لتغطية حاجاتها المحلية من القوى البشرية المدربة وعالية التعليم وبالذات في التخصصات المميزة والحية؛ إضافة إلى توفير نسبة عالية من القوى البشرية المدربة لتناسب متطلبات الدول النفطية والعالم.
تخصصات جديدة مطلوبة عربيا
يبين الدكتور مرجي أن هناك الكثير من التخصصات الجديدة، وربما تصبح الأكثر طلبا في المستقبل القريب والبعيد، في دول الخليج العربي، من خلال الدراسات العديدة والمتخصصة في مجال التعليم الجامعي، وأهمها:
الذكاء الاصطناعي.
الهندسة البيولوجية.
علوم الأوبئة.
تخصصات الأمن الغذائي.
إدارة الأزمات.
التجارة الرقمية.
التسويق الرقمي.
ووجدت دراسة أن أكثر التخصصات المطلوبة في مصر، هي: البرمجة والمحاسبة والتمريض والتخصصات الهندسية وهندسة الطاقة المتجددة والتسويق.
أما في السعودية فقد أشارت الدراسات إلى التخصصات التالية: إدارة الأعمال، المالية، الشريعة، القانون، والقانون التجاري.
وأشارت دراسة لديوان الخدمة المدنية في الأردن (جهة حكومية) إلى أن أهم التخصصات المطلوبة في الأردن عام 2023: المحاسبة، هندسة التبريد والتكييف، علوم الحاسوب، علوم المساحة، الصحافة والإعلام، وهندسة الكومبيوتر.
10 تخصصات مطلوبة عالميا
بصورة عامة وعلى المستوى العالمي، ووفق دراسات علمية واستقصائية منشورة، هناك تخصصات معينة أصبحت تشكل وجهة المستقبل بصورة قوية ومنها:
الطاقة البديلة والمتجددة.
الروبوتات.
الذكاء الاصطناعي.
الواقع الافتراضي والواقع المعزز.
علوم البيانات الضخمة.
إنترنت الأشياء.
الطباعة ثلاثية الأبعاد.
أمن الشبكات.
الابتكار الاجتماعي.
التعليم الإلكتروني.