عدنان بن سلمان الدريويش
الوقار هو السكينة والطمأنينة والرزانة، وعكسه الطيش وخفة العقل والسَّفَه، والوقار صفة الأنبياء وعباد الله الصالحين، قال تعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63]، يقول الزمخشري في كتابه الكشاف: "والمعنى: أنَّهم يمشون بسكينة ووقار وتواضع، لا يضربون بأقدامهم، ولا يَخفقون بنعالهم أشَرًا وبطَرًا".
تقول أم وليد: منذ انفصالي عن زوجي، وابني البالغ 15 سنة يعاني بشدة من هذا الوضع، أصبح يكرهني بعد انتقاله للعيش معي، أعطاه والده سيارة حتى يرضيه، فكانت باب شرٍّ علينا، صار لا يجلس في البيت، ودائم السهر، ولا يحب الدراسة، كثير العراك مع أصدقائه، صار يكذب ويدخن، سيئ السلوك والألفاظ، أرشدوني كيف أتعامل معه؟
أيها الآباء وأيتها الأمهات، للوقار علامات تدل على صاحبها، ومن أهمها: أنه يعظم الله سبحانه ويقف عند حدوده ويلتزم بأوامره، ويتميز بالسكينة في قلبه والهدوء في تصرفاته، ويكون حليمًا وبعيدًا عن الطيش والتسرع، يكسوه السمت الصالح والهيئة الحسنة، ويستطيع كسب وحب الآخرين، ويترك فضول الكلام وما يخدش الحياء.
لكل أب وأم أرادا تربية أولادهما على حسن الأخلاق، أن يحرصا على خلق الوقار؛ فهو بوابة بناء القيم الحسنة، وحتى نربي أولادنا على الوقار أنصحكما بالتالي:
- الحرص على طلب العلم، وحضور مجالس العلماء، قال الحسن البصري: (قد كان الرجل يطلب العلم، فلا يلبث أن يُرى ذلك في تخشُّعه، وهديه، ولسانه وبصره، وبرِّه)؛ (الزهد لابن أبي عاصم).
- الخروج مع الأولاد للصلاة مبكرًا عند سماع الأذان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتُم الإقامةَ فامشُوا إلى الصلاةِ وعليكم السَّكينة والوقارَ، ولا تُسرِعوا، فما أدركتُم فصلُّوا، وما فاتَكم فأتِمُّوا"؛ رواه البخاري.
- إشباعه بالحب والعاطفة بالكلمة الطيبة واللمسة الجميلة والنظرة الحانية، مع الاحترام المتبادل، والبعد عن الصراخ والشتائم والانتقام.
- مساعدته على إيجاد صحبة صالحة تُعينه على الطاعة وعلى ممارسة الأنشطة التربوية والتطوعية والرياضية والثقافية بحُسْن خلق.
- البُعْد عن الخلافات الزوجية أمام الأولاد؛ لأنها تصنع شرخًا عاطفيًّا وطريقًا للتعارف على أصدقاء السوء.
- كن قدوة صالحة له في تعاملك وأخلاقك، وفي تبسُّمِك وحواراتك، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُمازح أصحابه ولا يقول إلا حقًّا.
- إشغاله ببعض البرامج المفيدة، وإبعاده عن توافِه الأمور؛ كالإفراط في التنزُّه أو التعصُّب الرياضي أو الألعاب الإلكترونية.
- الذهاب معه إلى زيارة كبار السن والأقارب والعلماء وطلبة العلم والمثقفين حتى يتعلم منهم آداب الحديث والمجلس والحوار وحسن الاستماع واحترام الآخرين.
- إبراز القدوات المؤثرة في المجتمع والوطن، وذكر قصصهم وأخبارهم وتدارس سيرهم، وعلى رأسها سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح وولاة الأمر والبارزين من العلماء والدعاة والوزراء والأطباء والمهندسين وغيرهم ممن كان له أثر في بناء الوطن.
- الحرص عند التربية على حضور البرامج التربوية والتدريبية واستشارة المتخصصين، وقراءة الكتب المفيدة، وسماع المقاطع التي تساعد على بناء خلق الوقار.
- الدعاء الصالح في كل وقت وحين بهدايتهم وصلاحهم، مع تحري أوقات وأماكن الإجابة.
- انتبه من المجاهرة بالمعاصي وكثرة المزاح؛ فإنها تذهب الوقار عن صاحبها.
أسأل الله العظيم أن يصلح أولادنا، وأن يجعلهم هداة مهتدين على سيرة حبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.