"تدنيس العش".. مصطلح رائج على وسائل التواصل الاجتماعي، ويطال فئة من المراهقين أصبحت في المرحلة الانتقالية بين المراهقة والبلوغ.
وعرفت عالمة النفس السريرية ريجين غالانتي، مؤسسة عيادة لونغ آيلاند لعلم النفس السلوكي في لونغ آيلاند، يمدينة نيويورك الأميركية، ومؤلفة كتاب "تخفيف القلق لدى المراهقين"، مصطلح "تدنيس العش" بأنه يشير إلى مرحلة يصبح فيها المراهقون صعبي المراس داخل المنزل، وذلك خلال انتقالهم واستعدادهم للذهاب إلى الجامعة.
وشرحت غالانتي "أن الأمر قد يبدو وكأنه افتعال شجار مع الوالدين، والرد عليهما، وإثارة الفوضى، واتباع سلوك الشدة عموما في علاقاتهم الشخصية مع والديهم"، لافتة إلى أنها مرحلة طبيعية تماما من النمو، وفق ما نشر على موقع "سي إن إن. عربية".
وأوضحت غالانتي أنه بالنسبة للمراهقين المتخرجين في المدرسة الثانوية، فإن الهدف النفسي الرئيسي يتمثل بـ"تطوير وتعزيز هوياتهم الخاصة". وبما أن القيام بذلك قد يكون صعبا تحت جناح الوالدين والأسرة، فقد يدافع بعض المراهقين عن استقلاليتهم ويبتعدون عن عائلاتهم في هذا الوقت.
وقالت غالانتي إن خلق هذه المساحة بينهم وبين والديهم يجعل الانتقال إلى مرحلة الاستقلال الجديدة أسهل لبعض المراهقين. يمكن أن يكون ذلك مفيدا إذا توقع الأهل ذلك، رغم أنه لن يحدث دائما.
ولفتت إلى أنها تدرك "أنه بصفتك أحد الوالدين، فإن هذا لا يتعلق بك، بل بصعوبة طفلك في معرفة كيفية إدارة المرحلة التالية من حياته. وقد يجعله الابتعاد عنك أسهل للاستعداد نحو الاستقلالية".
وتنصح عالمة النفس ليزا دامور، مؤلفة كتاب "الحياة العاطفية للمراهقين"، الأهل، بعدم أخذ الأمر على محمل شخصي إذا اختار طفلهم المراهق الابتعاد عنهم. وعلقت قائلة: "ثق أن هذا سيكون فصلاً واحداً في كتاب طويل حول تربية هذا الطفل".
وقالت إن الأشهر التي تسبق مغادرة الطفل إلى الجامعة تكون مشحونة عاطفياً لجميع أفراد الأسرة، وغالباً ما يكون الأهل والمراهقون في مستويات عاطفية مختلفة.
في حين أنه ليس من غير المعتاد أن يرغب الأهل بالاستمتاع في كل لحظة قريبة في هذا الوقت، ونقل الحكمة وتعليم دروس الحياة التي لم يتم مشاركتها بعد، والتواصل بجميع أنواع الطرق، ولكن غالبا ما سيحاول المراهقون قضاء كل دقيقة أخيرة مع أصدقائهم في المدرسة الثانوية الذين سيفتقدونهم قريبا، بحسب دامور، ما قد يؤدي إلى عدم تطابق الأولويات.
وتابعت: "أعتقد أنه من المفيد أن نتذكر أن الأمر ليس شخصيا، بل جزء طبيعي من التطور، وأن العكس قد يكون غريبا في بعض النواحي. إذا كان المراهق الذي يستعد للمغادرة إلى الكلية قد استقر فجأة في حضن الحياة الأسرية، فسيكون ذلك غريبا".
وأوصت دامور بالأخذ في الاعتبار أيضا، أنه ليس كل ما يفعله المراهقون يكون واعيا تماما. وقالت: "إنهم لا يختارون دوما التسبب بالمشاكل عن عمد. نحن بحاجة إلى تقدير أن مغادرة المنزل بالنسبة لغالبية المراهقين أمر صعب حقا، بصرف النظر عن مدى حماسهم لما ينتظرهم".
وقالت إن المراهقين سيكونون صعبين في بعض الأحيان، لأنه من الأسهل قول وداعا إذا كان الجميع منزعجين من بعضهم بعضا.
قد تجد أيضا أنه فجأة، لم يعد في إمكانك إيجاد طفلك المراهق في أي مكان. وأعطت دامور مثلا أنه "حتى عندما تلتقي بهم أخيرا في المطبخ، لا يكون لديهم الوقت للمحادثة، حتى في شؤون اللوجستيات الحاسمة لإرسالهم إلى الكلية". قد يكون من المفيد أن تقول شيئا مثل: "سأحتاج إلى 10 دقائق للتحدث معك بشأن حزم أمتعتك. متى يكون الوقت المناسب.. غدا؟".
ولفتت دامور إلى أن على الأهل ملاحظة مدى حزن الأشقاء الأصغر سنا، لأنه قد يكون صعبا بالنسبة إليهم أن يغادرهم شقيقهم الأكبر سنا.
وأوضحت: "اعتن بنفسك جيدا واعمل على تلبية احتياجاتك العاطفية في مكان آخر، لذلك إذا كان لديك أطفال أصغر سنا، فيمكنك الاهتمام بمشاعرهم بشأن انتقال شقيقهم أيضا".
وما إن تترسخ استقلاليتهم، تجد دامور أن المرحلة الجديدة غالبا ما تبشر بعلاقة أكثر دفئا.
وقالت: "قد يستغرق الأمر عاماً كاملاً في الجامعة، لكن يميل المراهقون إلى أن يكونوا أكثر دفئاً وودية في مرحلة البلوغ المستمرة".