دالين صلاحية
الدكتور أوليفر ديكر: "إننا نرصد زيادة كبيرة في موقف الناس ضد المسلمين"
اختلفت آراء الشباب في ألمانيا وتنوعت حول أسباب تزايد "الخوف من الإسلام"، فبينما يرى البعض أن للمسلمين دور كبير في تشويه صورة الإسلام، يلقي آخرون اللوم على وسائل الإعلام وما تنشره من صورة سلبية عن الإسلام.

أعلنت القناة الأولى للتلفزيون الألماني- آه .ار.دي ARD الإعلامية مؤخراً عن نتائج مقلقة للدارسة التي أجراها معهد استطلاع الرأي العام "انفراتست ديماب" بتكليف منها. إذ أظهرت الدارسة ارتفاع نسبة الخوف من الإسلام في ألمانيا. ووفقا للدارسة عبر 37 بالمائة ممن شاركوا فيها عن موافقتهم على أن "ألمانيا ستصبح أفضل بدون الإسلام"، مقابل ذلك عبر 35 بالمائة من المشاركين عن خوفهم من تزايد انتشار الدين الإسلامي في المجتمع الألماني. وتعد نتائج الدارسة بمثابة ناقوس خطر يشير إلى اهتزاز السلم الاجتماعي في ألمانيا. نتائج الدراسة التي أثارت قلق الكثير من السياسيين، لم تكن الأولى من نوعها، إذ أظهرت الدراسة التي أجرتها مؤسسة "فريدريش أيربرت" بعنوان "الوسط في أزمة" مؤشرات مشابهة. وبموجب هذه الدراسة عبر 34 بالمائة عن موافقتهم على التصريحات المعادية للإسلام. وعلق الدكتور أوليفر ديكر من جامعة لايبزيغ والمسؤول عن إجراء هذه الدراسة، والذي يجري أبحاثاً حول هذه الظاهر منذ عام 2002 بالقول: "إننا نرصد زيادة كبيرة في موقف الناس ضد المسلمين". وهو ما أكده يان شتوس عمدة أحد الأحياء في مدينة برلين، و التي تكثر فيها نسبة الأجانب.  إذ يشير شتوس إلى أن الجو العام السائد بين المهاجرين والألمان في تلك المنطقة أخذ يشهد تغيراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة "يجب علينا أن نحذر جيدا من مثل هذه الظواهر"، بحسب المسؤول الألماني.
"تعايش رغم الخوف"
وفي حواره مع دويتشه فيله يعزو الشاب الألماني كريستوف، الذي يدرس العلوم الإسلامية في مدينة هالة بشرق ألمانيا، يعزو سبب ظاهرة خوف الألمان من الإسلام إلى "رؤيتهم السطحية له من خلال الحجاب فقط". ويشير كريستوف إلى أن ألمانيا تضم حوالي 4 ملايين مسلم، "فلابد من الاعتراف به كأحد الديانات الموجودة فيها". أما الطالبة العراقية ريما من مدينة لايبزيغ فتؤكد أن "المسلمين المنغلقين على أنفسهم هم من يشوه صورة الإسلام في ألمانيا، إذ يجهل الكثير من الألمان حقيقة الدين الإسلامي، وخوفهم من المجهول هو ما يقلقهم".
كريستوف: الإسلام يعني لدى غالبية الألمان الحجاب فقط
وتوافق الشابة أنصار الألمانية، وهي من أصل عراقي، ريم في رأيها وتصف المجتمع الألماني كلوحة فنية ذات ديانات متعددة وثقافات مختلفة. وتشير أنصار إلى أن ظاهرة الخوف من الإسلام في ألمانيا تنتشر بكثرة في المناطق التي لا يوجد فيها مسلمين. وتضيف أنصار في هذا السياق قائلة: "هناك بعض المدن الألمانية التي تشهد تعايشاً ايجابياً بين المسلمين والألمان، ففي مدينتي هالة تقوم بعض المدارس التي تضم تلاميذ مسلمين في شهر رمضان بإجراء إفطاراً جماعياً يتيح للتلاميذ الألمان فرصة التعرف على الديانة الإسلامية".
"الحكومة الألمانية هي المسؤولة"
"ألمانيا هي لوحة فينة متعددة الثقافات والأديان"وفي السياق نفسه يحمّل الطيبي، وهو شاب مغربي متخصص في علم الاقتصاد، السياسة الألمانية سبب تزايد ظاهرة الخوف من الإسلام، إذ يرى أن الحكومة الألمانية تحاول احتواء المسلمين فقط، دون إعطائهم فرصة للاندماج. ويستطرد الطيبي قائلاً: "تسعى الحكومة الألمانية إلى التلاعب بقضايا المسلمين في إطار الانتخابات وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالضغط على اليمين المتطرف.
ويشير الطيبي إلى الكتاب المثير للجدل الذي نشر مؤخراً في ألمانيا لتيلو زاراتسين، العضو السابق في مجلس إدارة البنك المركزي الألماني، والذي اتهم فيه المهاجرين برفضهم الاندماج، إلى جانب تصريحات رئيس حكومة ولاية بفاريا هورست زيهوفر، الذي طالب بوقف استقدام المهاجرين الأتراك والعرب بسبب صعوبة اندماجهم في المجتمع الألماني. ويقول الطيبي مضيفاً: "هذه المواقف لا تساعد على حل المشاكل، وإنما تصب الزيت على النار".
"على المستشرقين العمل من أجل حل الأزمة"
"المسلمين المنغلقين على أنفسهم هم من يشوه صورة الإسلام في ألمانيا"ومن جانب أخر يرى بعض المراقبين أن لوسائل الإعلام دور كبير في تشويه صورة المسلمين في ألمانيا، إذ غالباً ما يُربط الإسلام بالجرائم والإرهاب، وهو ما تنتقده أنصار قائلة: "صورة المسلمين لدى الكثير من الألمان تشكلت عبر ما تنشره وسائل الإعلام، فهي مرتبطة  بأحداث 11 من سبتمبر والعمليات الانتحارية التي يقوم بها بعض المتطرفين، إلى جانب بعض الأمثلة السلبية عن بعض المسلمين غير المثقفين".
أما الطيبي فيرى أن "نواقص الاندماج لدى المسلمين كالزواج القسري وتعدد الزوجات هو ما يغذي  الخوف من الإسلام"، ويؤكد بدوره على دور المستشرقين المهم  في تحسين صورة المسلمين لدى الألمان.

مراجعة: عماد مبارك غانم

JoomShaper