أنت كشاب تربطك بالمجتمع من حولك شبكة من العلاقات: علاقة مع الوالدين والأسرة والأقرباء، وعلاقة مع الإخوان والأصدقاء والزملاء، وعلاقة مع عامّة الناس.
في العلاقة مع الوالدين والأسرة وبما يتصل بها من أرحامك.. أنت مسؤول عن الإحسان للوالدين والبرّ بهما (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) (الإسراء/ 23)، وذلك بأن تتجنّب قول (أُف) لهما ولا تنهرهما ولا تسيء إليهما بأيّة لفظة أو فعلة (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) (لقمان/ 15)، وأن تعمل ما في وسعك لإشعارهما بحبّك الكبير لهما، وبتقديرك لفضلهما عليك، وامتنانك للطفهما بك، وبحاجتك إليهما في المواقف الصعبة، وإلى دعائهما لك، وذلك بإشاعة الجوّ الأبوي – البنوي الحميم الذي يشعرهما ويشعرك أنّك مهما كبرت ومهما كبرا فإنّ التواصل معهما يسد حاجة نفسية لك ولهما. وفي العلاقة مع أفراد الأسرة فأنت مسؤول عن إحترام الكبير والعطف على الصغير مما يحقق الراحة النفسية للجميع، ويزيد الألفة والمحبّة بينهم، مثلما أنّك مسؤول – في نطاق توزيع الأعمال المنزلية – بأخذ قسطك منها بقدر ما يسمح به وقتك وإمكاناتك، وخير الأعمال ما كان تطوعاً.
إنّ انتسابك لأسرة ذات سمعة حسنة بين الناس يحمّلك أيضاً مسؤولية الحفاظ على سمعتها نقية زاهية، وذلك بأنّ لا تجلب لها ما يسيء ويخدش فيها.
وأمّا العلاقة مع الأخوان والأصحاب والأصدقاء فأنت مسؤول بأن تبنيها على أساس (الإيمان): (إنّما المؤمِنُون إخوة) (الحجرات/ 10)، حتى تنتفع بصحبتهم وينتفعوا بصحبتك في الدنيا والآخرة.. ومسؤول أيضاً عن إصلاح الخلل فيما يقع بين إخوانك المقرّبين (فأصلحوا ذات بينكم) (الأنفال/ 1)، وأن تكون مرآتهم التي يرون فيها جمال تصرّفاتهم وقبحها، فلقد ورد في الحديث أنّ الأخ الذي يمكنك أن تثق به هو الذي يعرّفك عيوبك، وإنّ "المؤمن مرآة أخيه المؤمن".
إنّنا يمكن أن نوسِّع فهمنا للقول المأثور "سل عن الرفيق قبل الطريق" على أنّه ليس في حال السفر فقط بل حتى في الرفقة في طريق الحياة، ذلك أنّ كل صديق مقرون بصديقه، وقد أشار أحد الشعراء إلى ذلك بقوله:
صاحب أخاً ثقة تحظى بصحبته **** فالطبع مكتسب من كلّ مصحوب
كالرِّيح آخذة ممّا تمرّ به **** نتناً من النتن أو طيباً من الطيب
وهو ترجمة للحديث "إيّاك ومصاحبة الفسّاق فإنّ الشرّ بالشرّ ملحق".
وكما أنت مسؤول عن الأسرة والأصدقاء فإنّك مسؤول عن الناس من حولك في تعاملك معهم والسعي لخدمتهم، والتخفيف من معاناتهم، والتعاون في أعمال الخير والبرّ والصلاح التي تدر على النفع العام و"الأقربون أولى بالمعروف" وكلّما امتدّت روحية الشاب المتفاعل إجتماعياً على نطاق أوسع دلل ذلك على عميق إيمانه ورحابة فكره ونبل عواطفه الإنسانية.
إنّك قد تجد لذّة في خدمة (قريب) لكنّ اللذة سوف تتضاعف أكثر حينما تقدم خدمتك لـ(بعيد) أو (غريب) لأنّك تشعر حينئذٍ بأنّك تخرج من إطار محدد إلى ساحة مفتوحة على الخير كلّه، وقد جاء الحديث: "خير الناس مَن نفع الناس".
إنّ الطريق إلى بناء علاقات إجتماعية أمتن يتطلب منّا كشبان أن نعرف ما هي العوامل التي تقوِّي هذه العلاقات؟ وما هي الأمور التي تضر بها وتضعفها؟ والآثار الإيجابية المترتبة على هذا وذاك؟
إنّ معرفة حق الآخر وإحترام هذا الحق – سواء كان الآخر أباً أو أُمّاً أو صديقاً أو قريباً أو غريباً – يجعلك موضع تقديره واعتزازه وشكره ودعائه لك بالخير.. وما يدريك فلعل لطفك به ينزل لطفاً من الله بك فـ"الخلق كلّهم عيال الله وأحبّهم إليه أحبّهم لعياله".
www.balagh.com