الدستور - اسراء خليفات
يمر بعض الرجال والسيدات في مرحلة معينة من الحياة تعد مرحلة انتقالية بين القوة والضعف ويقف فيها الشخص مع نفسه وذاته ليبدأ في اعادة ترتيب حساباته من جديد. ومن الطبيعي ان يمر معظم الرجال والنساء خلال هذه المرحلة الحرجة من دون خسائر او تغيير في شكل الحياة. ولكن وجود الضغوط النفسية قد يحدث بعض التغيير عند البعض للخروج من ازمتهم. فعندما يلاحظ الرجل او المرأة ان العمر زاد ولم يعد لديهم اهدافا جديدة ومحددة لتحقيقها وخاصة عندما تقل قدراته من الناحية الجسدية والعقلية عندها يشعر بالخوف والعجز مما سيحمله المستقبل له .
لكن لاتزال لديه طاقة يريد ان يظهرها ، فاذا كانت غريزية فانه سيندفع للزواج ثانية ، اما لو كانت مالية فانه يحاول اقتناء وشراء اشياء ترضي طاقته .
تصرف
يعتبر هايل 34 عامآ أن ما يدفع الرجل او المرأة الى التصرف بطرق لا تليق مع اعمارهم هو أن شريك حياته لا يعطيه الاهتمام الكافي من ناحية الرجل بسبب انشغالها (زوجته) طوال الوقت بالأولاد والأحفاد وعمل المنزل ، فيضطر إلى اللجوء إلى طرق يشعر من خلالها بالتعويض عما يفتقده فالرجل في هذه السن يعاني كثرة أوقات الفراغ خاصة ان كان لا يعمل .
ويذكر هايل ان ليس الرجل فقط من يمر بهذه الحالة فالمرأة ايضآ تأتيها مثل هذه المرحلة فذات مرة قام صديق والده الذي بلغ من العمر ستين عاما ، وقام بالزواج ثلاث مرات متتالية لكي يشعر بأنه مازال (في عز شبابه) ولأن زوجته لم تطق زيجاته بأخريات وفي ظل غياب أولادها المسافرين كانت تخرج إلى الحديقة وتعاكس الشبان صغار السن ، فهذه مرحلة دقيقة في حياة كبار السن وينبغي الاهتمام بها ، ومعرفة كيفية التأقلم معها .
مراهقة متأخرة
ويقول عادل خالد 26 عامآ : إنه من الممكن أن يكون السبب الأساسي وراء مرور الرجل وحتى النساء بمرحلة المراهقة المتأخرة رغبتهم في لفت انتباه الآخرين لهم ، يضيف حيث انهم يحاولون أن يفعلوا أشياء كالتغيير في انفسهم او طريقة حديثهم لتجعلهم وتشعرهم انهم في حالة من الشباب الدائم .
وعبرت نهلة التي تجاوز عمرها الخمسين عاماً ، أنها اصبحت تجدد نشاطها اليومي من خلال الذهاب الى كوافير النساء كل اسبوع لتغيير لون شعرها وطلاء اظافرها بالالوان التي يستخدمها الفتيات اليافعات وذلك للخروج من حالة العزلة والفراغ التي تعيشها وخصوصاً بعد تقاعدها من عملها.
وتذكر انه بذلك أصبحت تجدد نشاطها اليومي التي تنعكس - حسب إعتقادها - على شخصيتها وتعزز من روح الشباب لديها ، ضاربة بذلك ما يتردد على ألسنة المجتمع من ثقافة العيب عرض الحائط ، موضحة ان عمرها لا يمنعها من ذلك حيث ان تفكير البعض من ان الأعمار لها وزنها وكيانها الخاص بها ، متسائلةً في الوقت ذاته بأن الجميع يحتاج للتغيير في مرحلة معينة ولا تعتقد نهلة ان هناك اي حواجز في هذا الجانب .
مقتبل العمر
وأبدت نوال رأفت التي تجاوز عمرها 40 عاماً ، عن شغفها الكبير بشراء تشكيلة من الإكسسوارات من "الأسوار والعقد والحلق وارتدائها"مع كل مرة تذهب فيها للسوق للشراء لبناتها الصبايا لا سيما عند مشاهدتها لتشكيلات جديدة تزخر بها تلك الأسواق قائلة ان التوجه لشراء تلك الاشياء لاتزين بها امر يجعلني اشعر وكأنني في عمر الصبايا وانني ما زلت في مقتبل العمر .
ويبين أحمد أن السبب الأساسي لهذه المراهقة في سن متأخرة يكمن في عدم اهتمام ممن حوله به فيفعل شيئا لجذب انتباههم كأن يعلن رغبته في التمرد على الوضع ، فيقوم بتطليق زوجته وصبغ شعره وحلق شاربه ، وشراء ملابس الموضة و الجري وراء فتاة في عمر أحفاده ، وأحيانا يكون ذلك من دون وعي منه لما يحصل فمعظم كبار السن يعانون من فقدان الذاكرة أو الارتداد إلى أيام الطفولة والشباب لذلك فهذه المرحلة تحتاج إلى اهتمام جميع أفراد الأسرة به .
رعونة
وتشتكي محاسن 45 عامآ من ان زوجها البالغ من العمر الستين عامآ انه قد تغيير مشيرة الى انه يتصرف برعونة ويظن نفسه شابا صغيراً، إنه يلبس ملابس جميلة كما انها لا تليق بعمره فيرتدي الالوان الشبابية كالاحمر ويهتم بنفسه حيث يقوم بصبغ شعره وعمل ذقن وتضيف لقد أصبح الشك يراودني أنه على علاقة غرامية أو ما شابه ذلك.
ومن جهة اخرى يدافع ابو منصور عن نفسه ذاكرآ ان طبيعة الجنس البشري هو الدفاع عن نفسه في وجه اي خطر يعتقد انه سوف يواجهه وان الشيخوخة اشد خطر على الرجل حيث ينظر عما حوله فيجد الاطفال الذين رباهم قد كبروا واصبحوا رجالا وهم ليس بحاجته ، معبرآ انه عندما ينظر الرجل الى نفسه ويجد انه بدأ في الشيخوخة فانه لا يحارب هذا الامر الا بطريقة التصرف عكسيآ عما كان يتصرف قبل قائلآ ان هذا يعتبره البعض انها مراهقة او رعونة ولكن غير صحيح هذا الامر وما هو الا اثبات نفسه امام نفسه.
غيظ
وتشير لبنى فايز 19 عامآ الى انها كرهت المسير في الشارع بسبب معاكسات كبار السن وليس الشباب ، موضحة ان الأمر الذي يصيبها بحالة من الغيظ المكتوم امتناعها عن إهانتهم احتراما لشيبة الشعر ولكبر عمرهم.
اما رندة علي 23 عامآ فقد بدأت بالبكاء وهي تقول عن مأساتها مع والدها الذي أدمن معاكسة صغيرات السن برغم أن عمره خمسين عاما مضيفة انها امتنعت من استضافة زميلاتها عندها لانه يحرجها بمغازلتهن معبرة انه موقف لا تحسد عليه وليس فقط مغازلة الفتيات وانما ارتداء الملابس الشبابية وعمل تسريحات الشعر التي لا تناسب عمره مبينة انه ليس لديها الجرأة في مواجهة والدها وتوضيح الامر لديه .
أم وزوجة وجدة
وبينت الدكتورة فاطمة الرقاد أستاذة علم الاجتماع في جامعة البلقاء عن سلوكيات الرجل او المرأة في هذه المراحل العمرية انه لها عدة اسباب منها عدم عيش مرحلة المراهقة بطريقة سليمة حسب تطورات الطبيعية لذا تأتي مرحلة ما يسمى بالجنون الثاني في هذا السن المتأخر حيث يقومون بفعل اشياء خاطئة لا تتناسب معه.
وينصح الدكتور عبد الهادي الزوجة التي تكتشف أن زوجها يقوم بمثل هذه الأفعال بأن عليها أن تلعب دورها كزوجة وأم وجدة أيضاً بشكل غير متعارض مع التحلي بالعقل والمنطق ، ثم عليها باستشارة الطبيب النفسي لأخذ المشورة الصحيحة بدلاً من اعتبار ذلك إهانة لها فتدمر حياتها الأسرية في لحظة غضب وانفعال.
المراهقة المتأخرة .. عدوى تصيب رجالا فوق الاربعين
- التفاصيل