د. سميح خوري
يعتبر التدخين عادة سيئة, اعتاد عليها المدخنون وهم في سن المراهقة. ولا شك فيه, ان له علاقة بالامراض التي اطلق عليها «امراض التبغ» مثل امراض الرئة والقلب والشرايين.
وعند دراسة ملفات الذين ماتوا بسرطان الرئة, وجد ان غالبيتهم العظمى من المدخنين, ومن المعروف ان هناك علاقة بين التدخين والذبحة القلبية وتصلب الشرايين والشلل النصفي, اضافة الى دور عوامل اخرى كالوراثة والسمنة وارتفاع ضغط الدم.
والنساء الحوامل اللواتي يدخن تكثر لديهن الولادات المبكرة ويتعرضن الى الاجهاض والى وضع مولود ميت او وضع طفل يموت عقب الولادة. والسؤال هنا لماذا يدخن الناس؟
اولا: الذين يبدأون التدخين في سني المراهقة معظمهم يدخنون لاسباب اجتماعية ونفسية. فالحافز الرئيسي هو ضغط الاصحاب والحاجة لمسايرتهم والمدلولات الرمزية التي يحملها التدخين كالرجولة والنضج.
ثانيا: الذين يدخنون للاستمتاع بلذة حسية ترافق ملذات اخرى كتناول الطعام والكحول والقهوة وحضور الحفلات ومشاهدة التلفاز والقراءة والاستماع الى الموسيقى. والبعض يطلب النيكوتين كمنبه او كمهدئ وهذا التأثير الاخير قد يضاف الى تأثير السيجارة في إلهاء الفم واليدين في حالات التوتر والاضطراب.
ثالثا: الذين يدخنون لارضاء حاجة عضوية تقوم على تنشق النيكوتين, فيشعر المدخن باعراض عضوية مرضية اذا انقطع عن التدخين, كالاضطربات والارق والامساك, وهذا النوع من التدخين يقرب من الادمان الحقيقي.
هناك دراسات عديدة تؤكد على ان تدخين السجائر والارجيلة يؤثر تأثيرا سيئا في خصوبة المرأة والرجل, كما انه يغير من الصفات الطبيعية للكروموسومات في كليهما مما يترتب عليه حدوث تشوهات في الاجنة.
ويعتبر التدخين الايجابي والسلبي من العوامل التي تشكل خطورة على الحمل والجنين, فالنيكوتين المتصاعد مع دخان السيجارة يساعد افراز هرمون الادرينالين الذي يسبب زيادة في ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم عند الحامل, كما يسبب انقباض الاوعية الدموية للمشيمة, مما يؤدي الى عرقلة وصول دم الام الى الجنين, كما يسبب النيكوتين زيادة ضربات قلب الجنين.
ويسبب غاز اول اكسيد الكربون الذي ترتفع نسبته في دخان السجائر والارجيلة نقصا واضحا في كمية الاكسجين المتنقل من دم الام الى الجنين مما يؤدي الى تأخر نمو الجنين ونقص الوزن والمولود نقصا يتناسب مع عدد السجائر التي تدخنها المرأة اثناء الحمل, فلقد تبين ان تدخين اكثر من خمس سجائر يوميا يؤثر في نمو الجنين.
وتدل الدراسات التي اجريت على النساء اللواتي يدخن اثناء الحمل انهن يلدن اطفالا تقل اوازنهم عن 5ر2 كغم (متوسط وزن المولود 3 – 5ر3 كغم) مع احتمال ولادة اطفال قصيري القامة او صغيري الرأس, وتشير نتائج بعض الدراسات الى ان معدل نمو الجنين في الفترة من الستة الى ثمانية اسابيع الاخيرة من الحمل يكون اقل من معدل النمو الطبيعي اذا كانت الام تدخن خلال الحمل وبخاصة في حالة سوء التغذية.
وهناك دلائل على وجود علاقة بين تدخين الحامل والاصابة بامراض القلب وتدني مستوى الذكاء عند الاطفال. ويعتبر التدخين من اسباب التزيف الرحمي اثناء الحمل, كما يعد من اسباب ارتفاع نسبة الاجهاض.
ولقد اثبتت بعض البحوث ان التدخين يؤدي الى تثبيط الحركة الذاتية للحيوانات المنوية, حيث يعتبر هذا التأثير من اهم اسباب الاصابة بالعقم عند المدخنين, كما اظهرت الفحوصات المجهرية الدقيقة ان التدخين يسبب حدوث تشوهات في الحيوانات المنوية اذا كان الرجل قد مارس التدخين لمدة طويلة وبافراط. وبعد الاقلاع عن التدخين تعود الحيوانات المنوية لحركتها الطبيعية, ومما يؤكد هذا ان بعض الرجال الذين كانوا غير قادرين على الانجاب بسبب الافراط في التدخين قد انجبوا اطفالا بعد الاقلاع عن التدخين.
ان قرار التوقف عن التدخين هو شخصي وقوة ارادة, ينبع عن اقتناع وتصميم اكيدين. ومن المؤسف ان اكثر الذين ينجحون في ترك التدخين يفعلون ذلك أثر صدمة ما, او اصابتهم بذبحة صدرية قلبية وبارتفاع الضغط ومرض الشرايين.
مستشار الامراض النسائية والتوليد والعقم