إدارة الندوة: د . بهجت اليوسف - أعد الورقة: علاء علاونة - أعدها للنشر: هاني عوكل
شهدت السنوات الماضية طفرات متلاحقة في تكنولوجيا وسائل الاتصال، وتغيرت معها قدرات الأفراد على التعامل مع هذه التكنولوجيا نحو المزيد من السهولة واليسر، بحيث لم يعد استخدام هذه التكنولوجيا حكراً على المختصين بل أصبح متاحاً لمعظم الأشخاص على اختلاف مهاراتهم ومستوياتهم العلمية، وشكل الشباب النسبة الكبرى في سهولة التعامل مع التكنولوجيا الحديثة والأكثر تفاعلاً معها، بحكم القدر الأكبر الذي يتقبل فيه الشباب تجربة أي شيء جديد مقارنة مع الأجيال الأكبر سناً، فضلاً عما قدمته وسائل الاتصال الحديثة من سهولة في التواصل مع أقرانهم في مختلف بقاع العالم بفضل توفر هذه الوسائل بين أيدي نسبة كبيرة من الشباب بسبب رخص أسعارها النسبي، فأصبح من الطبيعي أن يحظى الشاب في مقتبل عمره بهاتف نقال وجهاز حاسوب، وغيرها من وسائل التكنولوجيا الحديثة التي كانت حكراً فيما مضى على فئات اجتماعية معينة . توفر وسائل التكنولوجيا الحديثة بين أيدي الشباب دفع الكثير من المختصين إلى دراسة مستويات تأثر الجيل الشاب بهذه الوسائل وطرق تعاطيهم معها سلباً أو إيجاباً، وظهرت العديد من الأصوات التي تحذر من خطورة التكنولوجيا الحديثة على الشباب من خلال تغيير سلوكهم الاجتماعي، وتأثرهم بأفكار قادمة من الخارج تتعارض مع طبيعة مجتمعاتنا لتخلق فجوة بين الشباب ومجتمعاتهم . المحذرون من هذه المخاطر دعوا إلى فرض أنواع من الرقابة على التكنولوجيا حتى يتم تجنب آثارها السلبية على الشباب، في حين يرى البعض الآخر أن عصر الرقابة على التكنولوجيا قد ولى وأنه لا فائدة ترجى منها، وأنه بدلاً من الحديث عن رقابة لا بد من الحديث عن وضع الآليات المناسبة لتمكين الشباب من تحقيق أقصى فائدة ممكنة من ثورة التكنولوجيا، ودمجهم فيها لكي يكونوا في المستقبل مساهمين في تطوير هذه التكنولوجيا بدل الاكتفاء بكونهم متلقين لها، مستندين إلى أن التكنولوجيا الحديثة وفرت للشباب فرصاً لتعلم واكتساب مهارات لم تكن متاحة بدونها، وأنها تسهم في توسيع مداركهم وتعزز لديهم القدرة للتواصل مع الآخر .

وبين من يرى في التكنولوجيا الحديثة خطراً على جيل الشباب ومن يراها فائدة لهم، تأتي هذه الندوة للبحث في علاقة الشباب بالتكنولوجيا وكيفية استفادتهم منها ومدى الاستخدام السلبي لها، وتبحث الندوة التي ينظمها مركز الخليج للدراسات هذه القضية من خلال المحاور التالية:

- الشباب والتكنولوجيا الحديثة: أرقام ودلالات . (إعداد الشباب، التكنولوجيا المتاحة، معدل الاستخدام) .

- أوجه استفادة الشباب من التكنولوجيا الحديثة .

- سلبيات استخدام التكنولوجيا الحديثة بالنسبة للشباب .

- نحو ترشيد استخدام التكنولوجيا الحديثة .

د . بهجت اليوسف:
ندوتنا اليوم عن “الشباب والتكنولوجيا: أوجه الاستفادة وسوء الاستخدام”، وينبغي التركيز على استخدام التكنولوجيا بين الشباب في الإمارات . قبل الحديث عن الشباب والتكنولوجيا، علينا أن نعرّف ما هو المقصود بالتكنولوجيا، وما هي هذه التكنولوجيا التي نريد أن نبحثها وما دور الشباب فيها؟ الشائع أننا حينما نتحدث عن التكنولوجيا، فإننا نتحدث عن استعمال الكمبيوتر والأجهزة الحديثة مثل التلفونات الذكية . . إلخ، وهذه النظرة محدودة، وفي الأساس التكنولوجيا المقصود بها هي الأفكار والأدوات والأجهزة والآلات التي يبتكرها الإنسان لتحسن من مستوى حياته، ويلخص الأستاذ حسين كامل بهاء الدين رؤيته للتكنولوجيا، بأنها فكر وأداة وحلول للمشكلات، قبل أن تكون اقتناء معدات، ولو نظرنا إلى استخداماتها فهي كثيرة، إذ أنها موجودة في المواصلات، والتعليم، والصحة، والتجارة، والبحث العلمي، لكن علينا أن نركز اليوم على استخدام الشباب للتكنولوجيا في مجالات الحاسب المحمول والتلفونات الذكية والانترنت .

في السنوات القليلة الماضية في الدولة، شاهدنا طفرة في الاستخدامات التقنية، والإحصائيات الأخيرة تقول إن نسبة استخدام التكنولوجيا في الإمارات هي من أعلى النسب في الوطن العربي، وشركة “موتورولا” قامت بمسح ميداني عام ،2008 حول تحليل الخيارات الرقمية على أكثر من 1200 شاب في دولة الإمارات ودول أوروبية وغربية متنوعة مثل فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا وأسبانيا، وخلصت إلى نتائج تفيد بأن الشباب الإماراتي يملك أجهزة أكبر وأكثر من نظرائهم الموجودين في أوروبا، وعلى مستوى الكمبيوتر أشارت الدراسة إلى أن 80% من الشباب الإماراتي يملكون أجهزة الكمبيوتر، مقارنةً ب 65% من الشباب الأوروبي، و76% من الشباب الإماراتي يملكون التلفزيون سواءً داخل المنزل أو في أجهزتهم المحمولة، مقارنةً ب39% من نظرائهم الأوروبيين .

أما بالنسبة لامتلاك الهواتف الذكية، فهي 31% لدى الشباب الإماراتي مقارنةً ب21% لدى الشباب الأوروبي . أيضاً الدراسة تناولت تأثير الشباب على أهاليهم في استخدامات واختيارات التقنية نفسها، وقاموا بعمل دراسة على اختيار أولياء الأمور لشبكة الانترنت و(DSL) وعلى أي سرعة، وخلصت إلى أن تأثير الشباب على الآباء كان 42% على مستوى الإمارات .

معدل انتشار الانترنت في الإمارات 54% من إجمالي عدد السكان عام ،2008 وهذه إحصائية (Business monitor international)، وبالتالي فإن الشباب الإماراتي يملك أكثر من غيره هنا في الإمارات، ويستخدم الانترنت أكثر من غيره في الدول الأوروبية، فضلاً عن أن الاستخدام أكثر في المجالات الترفيهية والاجتماعية . سنتحدث في المحور الأول، وهو هل هذه الأرقام والدلالات أعدت شبابنا جيداً نحو الاستخدام الصحيح للكمبيوتر؟

د . ريما الصبان:

إضافة إلى المقدمة التي تحدثت فيها الدكتورة بهجت، قمت بإجراء دراسة على مدينة دبي، من خلال إحصاءات ،2005 ووجدت فيها تأكيداً لحديث الدكتورة بهجت، أن الأسرة الإماراتية في مدينة دبي -وهذا قد يشمل الإمارات ككل- تمتلك أعلى أرقام حواسيب في العالم، والأسرة الإماراتية تمتلك أعلى خطوط انترنت في العالم، وهذا جيد ولافت للنظر، ومن المهم التركيز عليه باعتباره مصدراً للقوة نحو امتلاكنا للتكنولوجيا .

التكنولوجيا هي أساس كل تطور اقتصادي واجتماعي، وكل عصر يعرف بتكنولوجيته، ونتحدث الآن عن تكنولوجيا العصر، ويمكن أن تكون التكنولوجيا مستخدمة منذ العصر الحجري، أي منذ استخدام النار في ذلك الزمن، لكن تكنولوجيتنا اليوم هي تكنولوجيا معرفية، والشعوب التي تمتلك تصنيع وإنتاج التكنولوجيا هي التي تحكم العالم، بينما نحن لدينا استهلاك واستخدام كبير لهذه التكنولوجيا، وحبذا لو ننتقل إلى مرحلة التصنيع والتصدير .

د . سامح خميس:

التكنولوجيا ليست مستحدثة ولا مصطلحاً جديداً علينا، وإنما هي برزت مع بداية البشر، فمثلاً بناء الأهرام فيه تكنولوجيا، والطباعة وما استحدثته من مطبوعات هي تكنولوجيا، لكن الآن لدينا تكنولوجيا رقمية وهي بدأت تغزو الأسواق . التكنولوجيا متطورة وهناك استخدام كبير لها في دولة الإمارات، وكنت قد أجريت بحثاً على طلاب الجامعة عام ،2003 حول اتجاهات الطلاب نحو استخدام الانترنت، وخلصت النتائج إلى التالي: أعلى نسبة للمحادثة والتعارف، ثاني نسبة جاءت لتجميع المعلومات عن الرياضة، والغريب أن الجنسين تساويا في تجميع المعلومات عن الرياضة، وأما النسبة الثالثة فجاءت للمنتديات العامة، والنسبة الرابعة جاءت لعمليات الشراء والتجارة الالكترونية، والنسبة التي تليها جاءت للبحوث الجامعية والتكليفات عن طريق الأساتذة، ثم المنتديات الخاصة (العملية)، وأخيراً المكتبات الالكترونية، وهذا يعطيني توجهات الطلبة لاستخدام الانترنت، وكنت أعتقد أن المكتبات الالكترونية ستكون في المرتبة الأولى، وأن الرياضة ستكون لصالح الذكور في البحث .

الجامعات في دولة الإمارات تهيئ للطالب مختبرات مفتوحة لاستخدام الانترنت، بالإضافة إلى ذلك فإن ساعة (الكافي انترنت) في دولة الإمارات ضئيلة مقارنةً بالدول العربية الأخرى، وهذه من المؤشرات التي تدل على انتشار الانترنت في الإمارات، هذا عدا عن انخفاض أسعار الأجهزة الالكترونية .

د . نصر الدين لعياضي:

إضافةً إلى الإحصائيات، وتأكيداً على أهمية التكنولوجيا في حياة الجميع في هذه الدولة، أعتقد أن متوسط الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات في دولة الإمارات متميز مقارنةً بالدول العربية، وحتى في دول العالم المختلفة . في عام ،2009 الإنفاق 850 دولاراً في الإمارات، مقابل 516 دولاراً في الكويت، و452 دولاراً في قطر، و253 دولاراً في السعودية، وأعتقد أن هذه الإحصائيات متفق عليها رغم التضارب في الكثير من الإحصائيات المتوفرة .

السؤال الذي يجب أن يطرح: ما هو الاستخدام؟ وحتى نتحدث عن الاستخدام فلا بد أن نتحدث حول كيف نتصور التكنولوجيا؟ القوة التكنولوجية تأتي من خلال تصورنا لها واستخدامنا لها، وحسب البحوث التي تحدثت عن الاستخدامات التكنولوجية بين السكان والمواطنين في هذه الدولة، هي تقريباً ما هو موجود في العالم، فنحن نستعمل شبكة الانترنت بصفة عامة لقضاء وقت ممتع مع الغير، من خلال “الماسنجر” والدردشة والمنتديات الالكترونية، ونستعمل الانترنت أيضاً للبحث المعمق وإنجاز البحوث والبحث عن سلع، ونستخدم الانترنت أيضاً بشكل غير مخطط، وهذا يقودني إلى الحديث عن مجموعة من المتغيرات، والسؤال لا يطرح حول استخدام الانترنت بحد ذاته، وإنما ما هي التطبيقات التي يهتم بها الشباب؟

لو تساءلنا هل نستخدم “الفيسبوك” بنفس الطريقة التي نستخدم فيها “التويتر”، وهل متغير السن يؤثر على استخدامنا للانترنت، وما هي الغاية من هذه التطبيقات المختلفة؟ إذ يمكن استخدام “الفيسبوك” بنفس الإيقاع والوتيرة لكن من أجل غايات مختلفة .

رشا مرتضى:

نحن في برنامج الحوكمة والابتكار في كلية دبي للإدارة الحكومية، نقوم بعمل بحث حول أدوات التشبيك الاجتماعي، وتأثيرها على الابتكار في القطاع الحكومي والمجتمع، وبالأخص قمنا بالتركيز على “الفيسبوك” ومن خلال إحصائيات جمعناها، توصلنا إلى أن 45% يستخدمون “الفيسبوك” في الإمارات، وهذه الأرقام تضاهي الأرقام في أمريكا وأوروبا، وثلث هؤلاء المستخدمين نساء، بينما الثلثان من الرجال، وهذه المؤشرات مثيرة للاهتمام، لكن هناك فرقاً بين الاستخدام وبين الانتفاع، وهذه بحاجة إلى بحث معمق، ثم إننا في أبحاثنا نحاول أن نحفز الشباب على استخدام الجوانب الثقافية والخلاقة والتعليمية من الانترنت، وليس فقط الدردشة .

معتصم الحمدان:

حينما نتناقش حول مساوئ استخدام الانترنت، فإن الجيل من 8 سنوات إلى ما قبل سن الرشد والبلوغ، يتأثرون كثيراً باستخدام الانترنت، وهذا الجيل غير مشمول حقيقةً في عنوان الندوة، ألا وهو “الشباب والانترنت”، ذلك أن الجيل الذي تحدثت عنه لا يصب في خانة الشباب، ومن الأهمية بمكان حينما نطرح قضية معينة أن تكون عامة وتشمل جميع الفئات التي تتأثر بهذا الموضوع . كنت أتمنى أن تكون هناك دراسات شبه سنوية، لموضوع التعامل مع التكنولوجيا التي تتطور بشكل متسارع .

د . السيد بخيت:

الشباب في دولة الإمارات لا يجد من يرعاه ويثقفه تكنولوجياً، بالرغم من وجود الإمكانيات، إلا أن الثقافة التكنولوجية ليست قوية ولا صحية، ولا تتناسب مع متطلبات مجتمع الإمارات، والدليل على ذلك أن مصدر التكنولوجيا الجامعة، التي تدرسها بطريقة جافة، لكنها لا تدرس ثقافة الانترنت ولا التعامل مع الانترنت والشبكات الاجتماعية وأخلاقيات التعامل معها، وبالتالي فإن الجامعة ليست مصدراً جيداً للتعليم .

ثم إن الشباب الإماراتي والعربي يتم تثقيفهم بالتكنولوجيا بعيداً عن الأسرة، فتجد الأب في جيل والأسرة في جيل، والشباب في جيل آخر، ونجد هناك انعزال كبير بين الشباب وبين أسرهم، في ظل رقابة الأسرة وفي ظل انفتاح غير محدود على الانترنت .

هناك رفقاء سوء وهم قادرون على تجهيل الشباب وتعريفهم بمصادر ملوثة وغير أمينة، والنظرة المجتمعية للتعامل مع ثقافة الشاب في التكنولوجيا، نجدها نظرة أمنية على الأغلب، مثل غلق بعض المواقع وبعض المعلومات، لكن لا يتم النظر والتعامل المجتمعي مع ثقافة التكنولوجيا بشكل يدرب الشاب على التعامل مع ثقافة التكنولوجيا بطريقة سوية .

المجتمع الإماراتي لا نختلف على أنه مجتمع استهلاكي، وهناك عشق لكل ما هو جديد، وهو ما يشغل الشاب الإماراتي الذي يركز على اقتناء الجديد أكثر من تركيزه على التكنولوجيا واستخداماتها . أما بخصوص الإعلام، فهناك قنوات فضائية إماراتية حينما تخصص برامج للتكنولوجيا، فإنها تركز على أحدث ما هو جديد، أكثر من التركيز على التكنولوجيا .

د . بهجت اليوسف:

طرحت مسألة الفجوة الرقمية، وبرأيي هي أساس الخلل، لأن الفجوة الموجودة بين صناع القرار، سواء أولياء الأمور، أو في قطاع التعليم أو حتى في فتح الشبكات أو غلق المواقع، هم بعيدين عن الشباب وطريقة تفكيرهم، فهناك شباب ولدوا والكمبيوتر بجانبهم، والأطفال يسألون آباءهم كيف يعيشون بدون استخدام الانترنت، ولذلك لا يوجد هناك تثقيف من جانب الآباء لأبنائهم تجاه هذه التكنولوجيا الحديثة ولكيفية الاستخدام الإيجابي والانتفاعي للكمبيوتر على سبيل المثال .

د . عبدالله التميمي:

الحديث حول التكنولوجيا هو مسلمة من مسلمات العصر، ولا يستطيع أحد أن يعيش بدون “موبايل” وبدون استخدام الانترنت، وبالتالي شئنا أم أبينا نحن مجبرون على استخدام هذه التكنولوجيا .

اليوم حالة الولع في استخدام التكنولوجيا هي ليست حالة إماراتية بل هي حالة عربية، وربما حينما نقارن الشعب العربي بالأوروبي، فإن حالنا أحسن من حالهم، إذ تقول الدراسات إن الشباب العربي ما بين 4 إلى 6 ساعات يقضيها يومياً على شبكة الانترنت، بينما الشباب الأوروبي يصل ما بين 10 إلى 16 ساعة في اليوم، وهو وصل إلى مرحلة الإدمان في مسألة الالتصاق بشبكة الانترنت .

من أجمل ما قرأت، أن شاباً أمريكياً حبس نفسه خمسة أيام داخل حمام، حتى يعالج نفسه من قضية الإدمان على شبكة الانترنت، وبالتالي نحن مطالبون في التركيز على كيفية استخدام هذه الشبكة، وتوجيه الشباب العربي في طريقة استخدام هذه الشبكة بالطريقة السلمية، بحيث أن لا تؤثر على مستقبله وحياته وصحته ونفسيته .

د . عبد الوهاب بو خنوفة:

أريد أن أركز على نقطتين، الأولى وهي التجهيز التي لا تعني الاستخدام، فقد نقتني أجهزة متعددة لكننا لا نستخدمها، والتجهيز مرتبط بمسألة القدرة الشرائية، ولأن المجتمع الإماراتي يمتلك قدرة شرائية عالية، فربما يكون داخل المنزل أكثر من جهاز كمبيوتر، لكن هذا لا يعني أن هناك استخداماً للتكنولوجيا .

النقطة الأخرى تتعلق بالشباب، لكن لم نحدد مع الأسف ما المقصود بالشباب، فهناك فئة تختلف عن فئة أخرى، مثل أن الفئة من 18 إلى 24 عاماً تختلف عن الفئة التي بعدها من حيث الاحتياجات، وهنا علينا أن نحدد ما هي الفئة من الشباب التي نتحدث عنها، ونحاول أن نرصد استخداماتها أو ممارساتها الثقافية في مجال استخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال . وهناك نقطة أخيرة، وهي مسألة الجدل الدائر اليوم بين ما يتعلق بعلاقة الشاب بالتكنولوجيا، كون أن شباب اليوم يستخدمون تكنولوجيا الإعلام والاتصال التي مكنتهم من النفاد إلى المعلومات والنفاد إلى العالم، خارج إطار مؤسستين، المدرسة والأسرة، ولذلك أرجو أن نناقش الدور الغائب للمدرسة فيما يتعلق بمسألة إرساء ثقافة استخدام الانترنت وتكنولجية الإعلام والاتصال بشكل عام .

د . سامح خميس:

إضافةً إلى النقطة التي أثارها الدكتور السيد بخيت بالنسبة لاستخدام الانترنت لدى الشباب، نجد أن دولة الإمارات لديها أكبر نسبة مبيعات لأجهزة “البلاك بيري”، وهناك انتشار كبير لاقتناء “الموبايلات”، وسنلاحظ أن الكثير من الشباب يوظفون قدراتهم في معرفة التكنولوجيا التي بين أيديهم، لكن هل هذا استخدام إيجابي أم سلبي للتكنولوجيا؟ الحقيقة أن هناك استخداماً وانتشاراً موجودين للتكنولوجيا، لكن علينا ترشيد استخدامها لتلافي السلبيات .

حمدة عتيق:

هناك الكثير من الأطفال يقتنون التكنولوجيا، وهذه الفئة غير منطبقة على جيل الشباب، ثم إننا نجد هؤلاء الأطفال يشعرون بالأمان عند امتلاكهم التكنولوجيا، في ظل وجود الأسرة، ولا أقول إنه لا توجد رقابة أسرية، لكن على الأسرة أن تزيد من رقابتها نحو ترشيد استخدام التكنولوجيا وتوظيفها في الإطار الصحيح والإيجابي لدى الأطفال والشباب بشكل عام .

لمياء المعلا:

كل جيل يختلف عن الجيل الذي قبله أو بعده، وبالتالي تختلف التكنولوجيا أيضاً، وتوظف هذه التكنولوجيا في إطار المدرسة على سبيل المثال استناداً إلى التطور الحاصل في المؤسسة المدرسية، ولذلك نجد بعض المدارس تحل الواجبات عن طريق الانترنت بدلاً من الواجبات باستخدام الورقة والقلم، وهذا يعني أن هناك تطوراً جيلياً يحصل بشكل مستمر .

د . ريما الصبان:

حينما نتحدث عن التكنولوجيا اليوم، فإننا نتحدث عن الشباب وعصرهم، وهذه أداتهم وبالتالي هم الأقوى، وهذه الأدوات ستقويهم، ومن خلالها يبنون المجتمعات، وأحد الأساتذة قال إن هناك غياباً للأسرة والمدرسة في عملية إعداد الشباب، لكن التكنولوجيا تعطي قوة للشباب وثقة بأنفسهم، وهناك نموذج شاب بنغلوري اسمه سهاد، عمره 14 عاماً، وشاب فقير ومن الانترنت كافي صنع اقتصاداً من خلال التكنولوجيا، وهو أسس شركة قوية، والآن نسمع بأنه يجلس ويتحدث في دافوس على المستوى العالمي، وبالتالي فإن التكنولوجيا تعطي قوة وقدرات للشباب، للوصول إلى أماكن لا يمكن أن يدركها الجيل الذي قبلهم .

د . نصر الدين لعياضي:

أريد أن أعطي مثالاً بسيطاً، حتى نصوب حديثنا . هناك مجلة رائدة في الوطن العربي صدرت في مارس ،2009 ورئيس تحريرها كتب افتتاحية جلد فيها الشبكات الاجتماعية في الانترنت، ووصفها بالمختصر المفيد، بأنها “رجس من عمل الشيطان، فاجتنبوه”، وحينما نفتح المجلة، نجد أن كاتباً تحدث عن أن “الفيسبوك” استحدث منتدى لتدعيم أصدقاء هذه المجلة، وحتى أن لا تتحول هذه الجلسة إلى جلد الشباب واستخدامهم للانترنت، ونجد أن الشابات مضطرات للدفاع عن استخدام الانترنت، أعتقد أنه يجب أن نتوقف طويلاً حول كيف يستخدم الشباب الانترنت ولماذا يستخدمونه في دولة الإمارات؟

استناداً إلى بعض الإحصائيات، نجد أن من عشرة شباب، هناك تسعة لديهم خلفية عن “اليوتيوب”، وثلاثة من هؤلاء التسعة لديهم اشتراك في هذه الصفحة الالكترونية، وحين سؤالهم عن اشتراكهم في “اليوتيوب”، أجابوا بأنهم مستخدمون، وفي سؤال آخر عن الاستفادة، أجابوا بأنهم اكتشفوا شعراء ومغنين، وأنهم اندمجوا داخل إطار مجموعة من الشباب .

نأتي إلى “الفيسبوك” الذي تَعرَّف في نسخته العربية عام ،2009 والذي زاد عدد مستخدميه، لكن لو قارنا بينه وبين “اليوتيوب”، فسنجد أن عدد الشباب داخل دولة الإمارات الذين يستخدمون الفيسبوك حوالي 49%، ولو بحثنا لماذا يستخدمون “الفيسبوك”، فإننا سنخلص بأنه مملكة النرجسية، ومحاولة الكشف عن الذات، ونجد أن الكثير يقولون إن “الفيسبوك” مختبر كبير للكشف عن الأنا وذاتي، وهنا نفتح قوسين وهو أن هناك فهماً ساذجاً لمن يجد شباباً يستخدمون الانترنت ويقول إنه مضيعة للوقت، فهؤلاء الشباب إما يصنعون صداقة فعلية مع الأشخاص أو صداقة افتراضية تأتي عن طريق الانترنت .

بالنسبة “للبلوغز”، نجد أن الشابات أكثر استخداماً “للبلوغز” من البنين، لكن لماذا؟، لأن عدد مستخدمي “البلوغز” في دولة الإمارات أقل من عدد مستخدمي “اليوتيوب” و”الفيسبوك”، لأن “البلوغز” يتطلب التعبير والكتابة . إذن “التويتر” هو أقل استخداماً من “البلوغز”، رغم أن “التويتر” هو التدوين المصغر، والمبدأ الأساسي الذي يقوم عليه “التويتر” هو 140 كلمة، والحديث لا يكفيه 140 كملة الموجودة في “تويتر” .

بناءً على هذه الممارسات، يمكننا التحدث عن توجهات استخدام التكنولوجيا دون أن ندين هذا الاستخدام .

د . بهجت اليوسف:

الملاحظات التي طرحها الدكتور نصر مهمة، ويفهم من حديثه أن أهم ما يمكن للشباب أن يستفيدوا منه هو التعبير عن النفس عبر استخدام التكنولوجيا، لكن سؤالي هنا للشابات: ما رأيكم في كيفية استفادة الشباب من التكنولوجيا؟

لمياء المعلا:

هناك برامج مختلفة عن الأخرى، ذلك أن “اليوتيوب” مثلاً نستطيع عن طريقه عرض أعمالنا صوتاً وصورة، و”الفيسبوك” نستطيع أن نتواصل اجتماعياً عن طريقه .

حمدة عتيق:

يمكن بناء صداقات والتواصل مع الناس بدون عناء الالتقاء بهم، ثم إن استخدام أدوات التكنولوجيا فيه إيجابيات وفيه سلبيات، ومثلاً يمكن أن تضع الناس إنجازاتها على “اليوتيوب”، وعلى سبيل المثال في الكلية التي أدرس فيها، نضع على “الفيسبوك” أخبار قسمنا وكليتنا، وهذه ميزة إيجابية .

د . عبد الوهاب بو خنوفة:

التمثل الذي نحمله عن التكنولوجيا هو الذي يحدد استخدامنا لها، ومنذ قليل أشار أحد الإخوة إلى تفاجئه بأنه ليس هناك اهتمام في البحث الالكتروني على المكتبات، وفي الواقع هناك تصادم في التمثلات، إذ لدى الكبار تصور عن الانترنت بأنها وسيلة نحصل من خلالها على المعلومات والمعرفة، بينما هناك تصور آخر للشباب عن الانترنت، وهو أنه وسيلة من وسائل الاتصال وتعبير عن الذات، ولذلك حينما نجد أن الشباب منغمس في المشاركة بالشبكات الاجتماعية، نعتقد أن الشاب بصدد إضاعة الوقت، وأن الأجدى له الاستفادة من الانترنت في بحوثه، والسؤال الذي طرحته على نفسي هو لماذا ينجذب هؤلاء الشباب إلى هذه الوسائط بهذا الشكل؟ وحاولت أن أجد بعض الإجابات، بأن الشيء الأساسي في هذه التكنولوجيات بأنها تسمح للشباب بإمكانية التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بشكل ربما لا يسمح مجتمعنا بذلك، ولذلك هو يشكل تجاوزاً لثقافة موجودة في مجتمعاتنا العربية، لا تسمح للشباب في التعبير عن أنفسهم، وهم وجدوا في هذه التكنولوجيات الفضاء الذي يسمح لهم بالتعبير عن أفكارهم . ثم إن استخدام هذه التكنولوجيات ربما يكون للتغلب على بعض الاكتئاب الذي يتعرض له الشباب، وخصوصاً التحولات التي تعيشها الأسرة العربية، الناتجة إما عن المشكلات الاقتصادية والاجتماعية أو عن الانفصال بين الأبوين . . إلخ، ولذلك تستخدم هذه الشبكات كوسيلة من وسائل التغلب على بعض المتاعب النفسية، وهناك شيء آخر وهو أن الأولياء لديهم تمثل إيجابي للانترنت، فهم الذين يشجعون أبناءهم لاقتناء هذه التكنولوجيات، لأنهم يعتقدون بأنها تمتلك مؤهلات تسمح لأبنائهم بتحسين مستواهم التعليمي والدراسي .

د . سامح خميس:

في السابق وحوالي في السبعينات كان يوجد ما يسمى هواة المراسلة وعن طريقها يتم التراسل والتعارف على أشخاص في دول مختلفة، لكن اليوم “الفيسبوك” و”اليوتيوب”، مع التقدم التكنولوجي هو تحديث لما كان يحصل في السابق . ثمة من تحدث بأنه يمكن من خلال التكنولوجيا أن نصل إلى أشخاص عبر الواقع الافتراضي، باعتبار أننا لا نستطيع الوصول إليهم عبر الواقع الفعلي، وهذا صحيح، ذلك أن “الفيسبوك” أو البريد الالكتروني فتح افتراضية حديثة أستطيع أن أستخدمها كمنبر للتعبير عن رأيي .

أذكر في معرض “جيتكس” الأخير، أن إحدى الشركات عرضت منتجاً لإحدى الدول العربية، ألغت فيه الكتاب الدراسي، ووضعت جهاز كمبيوتر عليه كافة المناهج، والطالب يستطيع أن يكتب ملاحظات عن طريق هذه التكنولوجيا . اليوم لا توجد مدرسة أو جامعة في الإمارات ليس لديها مواقع الكترونية، حتى أن وزارة التربية والتعليم تنشر مناهج الصف الثاني عشر على سبيل المثال على موقعها الالكتروني، والطلاب يستطيعون الوصول إلى هذه المناهج من خلال الانترنت .

رشا مرتضى:

أود التأكيد على نقطة ذكرت كثيراً، وهي أهمية تحول الشباب الإماراتي والعربي بشكل عام، من مستخدمين للتكنولوجيا إلى منتجين لها، ليس بطريقة التعبير عن الرأي أو وضع محتوى، لكن إضافةً إلى ذلك، يمكن تحفيز الشباب على الإبداع التكنولوجي عبر الاستخدام الأمثل والأصح للتكنولوجيا، وأعتقد أنه لتهيئة الشباب الإماراتي فإن علينا أن نوجههم منذ المرحلة الابتدائية وليس فقط من المرحلة الجامعية

د . عبدالله التميمي:

وسائل التكنولوجيا اليوم من وجهة نظري لا تحمل الخير أو الشر، ونحن الذين نزرع فيها الخير ونزرع فيها الشر، وبالتالي فإن التكنولوجيا ليست في طبيعتها شريرة، وعلى مدار العصور كنا نتصور بأن كل وسائل التكنولوجيا مدمرة، سواء الصحافة أو الإذاعة أو التلفزيون والسينما، واليوم نتحدث عن التكنولوجيا بأنها يمكن أن تكون وسيلة من وسائل التدمير، لكن في اعتقادي أن من الجوانب الإيجابية التي استطاعت التكنولوجيا أن تخلقها في جيل الشباب، أنها أنهت العزلة بين الشاب وبين القراءة، وكم تحدثنا بأن الشباب العربي لا يقرأ الكتاب ولا الصحيفة، لكن التكنولوجيا الحديثة استطاعت أن تقدم الكتاب المقروء بطريقة الكترونية، فقد أصبحت الصحيفة اليوم الكترونية، ويمكن للشباب أن يقرأوا الكتاب والصحيفة عبر الانترنت .

ثم إننا نستطيع أن ننشر الفضيلة ومبادئ الإسلام والقيم والعادات والتقاليد عبر الانترنت، وأؤكد على النقطة التي طرحها الدكتور السيد، بأن التعليم أصبح مقترناً بالتكنولوجيا، وأنه يمكن التحدث والتفاعل بين الطالب والدكتور عبر التكنولوجيا، وهذه ميزة مهمة ويمكن عن طريقها تحقيق إيجابيات .

د . السيد بخيت:

هناك بعض الإيجابيات أو الانعكاسات الإيجابية لاستخدام التكنولوجيا في مجتمع الإمارات، منها أن شباب الإمارات أصبح له لغة جديدة في التواصل، فضلاً عن ذلك يمكن القول إن الانترنت وسيلة تمكين للشباب، فهي مصدر فخر بالنسبة لهم، مثل الحصول على معلومة جديدة، أو اقتناء موبايل جديد أو جهاز كمبيوتر جديد، ثم إن الشاب أصبح قائد معلومة وقائد رأي، وبخصوص الفتيات أصبح لهن وجود على الانترنت الذي مكنهن من التفاعل الافتراضي والتفاعل مع الناس وكسر حاجز الرقابة الأسرية .

معتصم الحمدان:

استوقفني قليلاً موضوع “الفيسبوك” مع أبنائي، فلدي خمس أبناء أكبرهم عمره 14 عاماً، وقد جاءني واحد من أبنائي في الثاني الابتدائي، قال لي إنه يريد أن يفتح حساباً على “الفيسبوك”، فأجبته بأن هناك وقت ليفتح حساباً حتى يكبر قليلاً، وتفاجأت بأنه يعمل على “الفيسبوك” في اليوم التالي لحديثي معه، وسألته عن كيفية فتح الحساب، فأجاب بأنه استعان بأخيه الأكبر منه، والحقيقة أعلم أن المنتديات هذه تستهلك الكثير من الوقت، وعلى صعيدي الشخصي أخشى من فتح حساب في “الفيسبوك”، لأنني أعلم بأنه يستهلك الكثير من الوقت، وأذكر أنني كنت مشرفاً على منتدى في الانترنت قبل ثلاث سنوات، وكان يأخذ من وقتي أكثر من ست ساعات يومياً .

النقطة التي أود الإشارة لها، وهي أن أعظم إيجابية في التعامل مع الانترنت هي توفير الوقت عند الشباب، فهؤلاء لديهم وقت كبير يمكن أن يقضوه في التفاعل مع الانترنت، لكن لو تم توجيههم إلى الاستخدام الإيجابي للانترنت، فإن هذا يشكل مكسباً مهماً يضاف لكل شاب .

د . سامح خميس:

ميزة استخدام الانترنت، أنها خلقت التفاعل الاجتماعي الالكتروني، فعلى سبيل المثال هناك قضايا لا يمكن التعليق عليها عبر الصحافة التقليدية، ولذلك نجد أن هناك مساحة جيدة للصحافة الالكترونية التي تشكل امتداداً للصحافة التقليدية، تمكن الناس من التعبير عن وجهات نظرهم، وإبراز آرائهم في التفاعل الالكتروني على الصفحات الالكترونية .

الاستخدام الإيجابي للتكنولوجيا يتلخص في ملاحظات كثيرة، منها على سبيل المثال أنه يمكن الوصول إلى أماكن معينة عن طريق التواصل عبر الموبايل أو المسج، وفي نفس الوقت تصل المعلومات بشكل سريع، سواء في إلغاء موعد أو تحديد موعد .

د . نصر الدين لعياضي:

أزعم أن النظر إلى ظاهرة معقدة مثل تفاعل الشباب مع الانترنت، من زاوية السلبيات والإيجابيات، هو محاولة لاختزالها واختصارها، لماذا؟ لأنها أصلاً معقدة، وقمت ببحث وانطلقت من تصور بأن الانترنت عامل يشجع على العزلة والانعزال، وحينما التقيت بالشباب، قالوا إنهم مندمجون في مجتمعاتهم، وبالتالي فإن التفكير في القضية المعقدة هذه تحمل نوعاً من المفارقة، هي تدمج وتفتت في نفس الوقت، أي تفتت المجموعات المندمجة، وتدمج المجموعات المتناظرة، وهناك الكثير من الباحثين يؤكدون بأن ما هو افتراضي هو أكثر واقعية من الواقع، لماذا؟ لأن الافتراضي هو امتداد لما هو واقعي، ومن لا يؤمن بهذا الكلام يمكنه الاضطلاع على ما يدور في المنتديات، فهناك شوفينية وطنية أكثر من اللازم، خاصةً في مناسبة كرة القدم وهذا نراه في المنتديات، ونجد ولاءات دينية وولاءات عرقية وولاءات سياسية، وهذه افتراضية، لكن هي موجودة في الواقع .

لمياء المعلا:

هناك بحث أقيم في المناطق الفقيرة التي لا تملك تكنولوجيا، هم أرسلوا كمبيوترات إلى تلك المناطق، وبدأوا يتابعون مدى تقبل الناس لهذه التكنولوجيا، ولاحظوا فضول الناس في التعامل مع الكمبيوتر . التواصل في الإمارات كان منذ فترات طويلة عبر الحمام الزاجل، لكن مع التطور التكنولوجي بدأ هذا التواصل يأخذ أشكالاً مختلفة، وصولاً إلى التواصل عبر الانترنت، وما يمكن أن يستفيد من خلاله الناس، حتى أن الكتب يمكن الحصول عليها بسهولة ومن خلال الانترنت .

الإيجابية الجيدة في استخدام التكنولوجيا على سبيل المثال، أننا في التفاعل على صفحة “الفيسبوك”، نستطيع كطلبة إعلام توصيل رأينا وإيصال أفكارنا إلى أكبر شريحة ممكنة من القراء والمتفاعلين معنا على هذه الصفحة، ولو كنا بحاجة إلى ممثلين أو إلى من يساعدنا فإنه من خلال التفاعل الاجتماعي الالكتروني يمكننا الحصول على المساعدة عبر هذه الصفحة، ثم إنه يمكننا القيام بحملاتنا عبر الانترنت الذي يساعدنا في دراساتنا .

د . بهجت اليوسف:

هناك اتفاق عام على أن هناك إيجابيات في استخدام التكنولوجيا، التي يمكن توظيفها في أوقات مناسبة، بحيث إن الإنسان هو الذي يختار الوقت في التعامل مع التكنولوجيا، هذا بالإضافة إلى الخدمات التي تقدمها التكنولوجيا في مساعدة الإنسان ضمن نطاق عمله أو أبحاثه ومشاريعه الدراسية والخاصة . دعونا الآن ننتقل إلى سلبيات استخدام التكنولوجيا .

لمياء المعلا:

أول سلبية واضحة ومنتشرة في الإمارات، هي لغة الانترنت، إذ اندمجت اللغة العربية والإنجليزية ضمن لغة مختلفة نسميها بلغة الانترنت، فحينما نكتب بالعربي أو الإنجليزي فإننا ندخل أرقام ولغات هجينة، وهذه تؤثر على لغتنا الأم في الجانب الطباعي على سبيل المثال . ثم إن سلبية التكنولوجيا أنها أخرجت الأسرة من حميميتها، وجعلت التفاعل الأسري في أحايين كثيرة تقوم على التفاعل عبر “البلاك بيري” والموبايل .


حمدة عتيق:

من السلبيات التي خلقتها التكنولوجيا هي لغة الانترنت أو الماسنجر، وهذه اللغة تقرأ بالعربية وتكتب بالإنجليزية مع وجود الأرقام، وهناك سلبية تتصل بقلة اهتمام الناس بالكتب المطبوعة، وهذا لاحظته في معرض “اكسبو” الشارقة، وهناك أيضاً من يلجأ إلى فك شفرات مواقع محظورة، ونحتاج الحقيقة إلى وعي عام يدعونا للاستخدام الإيجابي للتكنولوجيا .

د . السيد بخيت:

من سلبيات استخدام التكنولوجيا، أن هناك عدم وعي في التفاعل معها، ويجري التعامل مع مواد ممنوعة على سبيل المثال عبر الانترنت، كما أن هنا ثقافة “الغوغليزم”، أي أن كل شخص يمكن أن يقوم ببحث عبر “غوغل” وهذا يجعل الشباب نمطيين . فضلاً عن ذلك فإن رفقاء السوء لم يعودوا متواجدين في الحارات والشوارع، بل هم موجدون في كل مكان، هم موجدون في المنتديات ومواقع الدردشة .

ثم إن الانترنت يعطينا معلومات كثيرة، لكنها معلومات سطحية ومعلومات نمطية، وهي لا تنمي الحس النقدي ولا تساعد في غربلة المعلومات التي قد تكون كثيرة ومحيرة ومربكة، وهناك العنف والانتقام الالكتروني، وهذه تخلق مشاكل مثل إرسال صور إلى الجميع .

د . ريما الصبان:

نحن كمجتمعات عربية نحتاج إلى امتلاك التقنية والإبداع والتقدم فيها، ولو انطلقنا خصوصاً كأولياء أمور، نحن لم نطور آليات سهلة للتعامل مع أبنائنا في أبعاد مختلفة، وتأتي التكنولوجيا لتفرض نفسها على أماكن خطرة جداً، ولا تزال في مجتمعاتنا الصور الصعبة، مجتمعات غير الآمنة، الدعوة إلى الانتحار والقسوة والعنف، من خلال استخدام الانترنت، والتهديد أيضاً، مثل استخدام الصورة وتهديد الشباب، فضلاً عن نشر الكراهية وانتهاك الحقوق . هذه سلة كبيرة من المخاطر، ومع ذلك أقول إن علينا أن ننتبه ولا ننطلق من التخويف، لكن أن ننطلق من محاولة الفهم، وأن نعزز بدايةً ثقة أبنائنا بأنفسهم، وأن نعلمهم كيفية الاستخدام ونركز ونشجع على الاستخدام الجيد .

د . نصر الدين لعياضي:

هناك الكثير من الملاحظات التي قيلت بأنها سلبية، خيل لي بأنني سمعت عنها حينما كنا نتحدث عن التلفزيون قبل سنوات . إذن السلبيات هذه لا تزال تطاردنا إلى الآن، وأتذكر حينما كنت في عمر الشباب، وكنت أشاهد مسلسلات مصرية في زمن انفتاح السادات، هم كانوا في المسلسلات يستخدمون بعض المصطلحات الأجنبية، للدلالة على المنبت الاجتماعي، وهذه اللغة الهجينة هي أصلاً موجودة قبل الانترنت، وربما أعطاها هذا الانترنت بعداً آخر . حتى في مجتمعي بالجزائر، كنا في السابق نستهزئ من الأغاني التي تستعمل لهجات فرنسية في اللغة العربية نفسها، لكن الآن نلاحظ الكثير من اللغات نصفها عربي ونصفها فرنسي .

حتى لا نكتفي بلعن الظلام ونشعل شمعة، نطرح مجموعة من الأسئلة: نحن ندفع أبناءنا نحو استخدام التكنولوجيا، لكن هل زودناهم بسلاح لاستخدام هذه التكنولوجيا؟ وهل هناك توعية ودراسة لما هو الفرق بين ما هي التكنولوجيا الرقمية والتكنولوجيا التماثلية؟ هل نجلس مع أبنائنا ونناقشهم في القضايا المتعلقة بالانترنت؟ ما هي الأسر العربية التي تقوم بنظام رقابي على أجهزة الكمبيوتر العائلي؟ من يعرف الأبعاد الأمنية داخل الكمبيوتر وفي مواقع مختلفة؟ هل نحن ككبار نستخدم معلومات لأشخاص ونضعها في شبكات دون أن نطلب الأذن من هؤلاء الأشخاص الذين استعملنا أسماءهم ومعلومات عنهم، وأدخلناها في شبكة الانترنت؟ هل علمنا آباؤنا معنى الحق في الصورة، وكافة المواثيق العربية تؤكد على الحق في الصورة، ولا يحق لأي شخص آخر أن يستخدمها غير صاحبها؟

د . بهجت اليوسف:

هذه الأخلاقيات التي تحدث عنها الدكتور لعياضي ضرورية سواء كانت في القضايا التقنية، أو خارجها . الدكتورة ريما طرحت موضوع مهم وهو الإرهاب الالكتروني، والظاهرة الموجودة بين الفتيات في مجتمع الإمارات، أنهن يتنكرن حينما يذهبن إلى “الفيسبوك”، ولا يذكرن أسماءهن الأصلية، لكن فقط يذكرون أسماء مستعارة، خوفاً من الإرهاب الالكتروني، ولا يمكن لهن نشر صورهن الشخصية، لأنهن ليس لديهن ثقة في من يستخدمها، وهذه يمكن أن تكون إيجابية أو سلبية، لكن كل فرد قادر على فرز الصواب من الخطأ .

د . عبدالله التميمي:

جيد أن نضع أيدينا على السلبيات وأن نقر بوجودها، ونطالب بإيجاد ثقافة لأبنائنا، وأن هذه وسيلة فيها الخير والشر، وتستخدم في هذين الإطارين . السلبيات التي يمكن أن نلاحظها اليوم، هي أن التكنولوجيا كرست العزلة بين الشعوب وبين الأفراد داخل الأسرة الواحدة، فاليوم كل شاب وكل فتاة داخل غرفة مع الكمبيوتر المحمول، وكشعوب عربية هاجمتنا هذه التقنية وأحدثت حالة من الذوبان الثقافي، فشعوبنا وشبابنا غير محصنين ثقافياً، وبالتالي دخلت علينا هذه التقنية وأحدثت ذوباناً في العادات والتقاليد، وقبل قليل كنا نتحدث عن بعض السلبيات الموجودة داخل مجتمعاتنا اليوم، وهي أتت من التقنية والتكنولوجيا وشبكات الانترنت التي نتعامل معها . موضوع اللغة الركيكة التي نستخدمها في شبكة الانترنت، لا أقول إنها ركيكة بل أقول بذيئة وهي تستخدم اليوم في الكثير من المواقع الالكترونية .

المشاركون

* د . السيد بخيت:

أستاذ الاتصال الجماهيري في جامعة الشارقة

* حمدة عتيق:

سنة أولى إعلام، كلية دبي التقنية للطالبات .

* رشا مرتضى:

باحث مشارك في كلية دبي للإدارة الحكومية .

* د . ريما الصبان:

أستاذ مساعد في جامعة زايد .

* د . سامح خميس:

تخصص علم نفس تربوي في جامعة عجمان .

* د . عبدالله التميمي:

أستاذ الإعلام في كلية المعلومات والإعلام بجامعة عجمان .

* د . عبد الوهاب بو خنوفة:

أستاذ الاتصال الجماهيري في جامعة الشارقة

* لمياء المعلا:

سنة ثالثة، كلية دبي التقنية للطالبات .

* معتصم الحمدان:

مدرس كمبيوتر- كلية المجتمع، جامعة الشارقة .

* د . نصر الدين لعياضي:

أستاذ الاتصال الجماهيري في جامعة الشارقة

التوصيات

1- التأكيد على دور الأسرة والمدرسة في عملية تمكين الشباب بالتكنولوجيا .

2- أهمية توفير الرقابة الأسرية، وفتح حوار جيلي في القضايا التكنولوجية بين الآباء والأبناء .

3- تعليم الشباب أخلاقيات استخدام التكنولوجيا .

4- تفعيل دور وسائل الإعلام وتبيان أضرار استخدام الكمبيوتر لساعات طويلة، والتركيز على المحتوى التكنولوجي، وليس تقديم كل ما هو جديد .

5- عدم حظر التكنولوجيا عن الشباب، وإنما تأهيلهم جيداً للتعامل الإيجابي مع التكنولوجيا، وتوظيفها في خدمة إمكاناتهم وطموحاتهم .

6- توعية جيل الشباب وجعله قادراً على التعبير عن وجهات نظره، وقادراً أيضاً على فرز الصواب من الخطأ .

7- محو الأمية الالكترونية، عبر تخصيص دورات تنشئة لكافة الأجيال، بما في ذلك الكبار، لضمان التواصل الجيلي والتفاعل مع التكنولوجيا، في سبيل ترشيدها لدى الشباب، وتبيان المخاطر الناتجة عن الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا .

JoomShaper