منال القطاونه
لا شك أن للأهل دورا فاعلا في توجيه الأبناء وارشادهم في رسم معالم مستقبلهم ، من واقع تجربة عاشوها أثناء عملية التحاقهم بالدراسة والجامعات.
ولكن اختيار الآباء التخصص الجامعي او المهني للأبناء ". وإرغامهم على ما يريدون من تخصص دراسي دون النظر الى ان هذا التخصص يتناسب او لا يتناسب مع قدرات ابنائهم وميولهم ، وأحلامهم ، وطموحاتهم. "مشكلة يواجهها كثير من بيوتنا وأسرنا".. ويعاني منها شبابنا الجامعي او المهني ، فهي تجعل الأبناء في حيرة من أمرهم ويصبحون ممزقين ومشتتين بين رغبات الأهل ، وميولهم الشخصية ، وما يناسب سوق العمل ومتطلباته.. مما يسّبب فشل وتّعثر بعض الأبناء في مهنهم وتخصصاتهم.. وتدني تحصيلهم الدراسي ، وضعف الثقة بالنفس ، وشعورهم بالاحباط ، وفقدان الرضا عن الذات ويلفت الى ان هناك أكثر من 300 تخصص في الجامعات وهذا أدى الى تشعب الاختيارات وتعددها وأعطى مجالا للانتقائية وأخذ وتبادل الاراء والمشورة من قبل للابناء. ان تدخل الاهل في عملية التوجيه واختيار التخصص الجامعي بصورة قسرية تشنجية ، قد يوقع الطالب في حيرة تجعله عاجزاً عن الاختيار الصحيح ، "خصوصا إذا كانت رغباته الشخصية تتعارض مع رغبات الاهل".

من الضروري جدا ان يتحاور الأبناء مع الآباء في المواضيع التي تتعلق في شؤون مستقبلهم الدراسي والعملي.. فيكون دور الأهل توجيهيا من خلال النقاش لا فرض الرأي. ومن خلال التوجيه الهادىء بعيدا عن التشنجات في الرأي ، واستثمار طاقاتهم في النجاح في المواضيع التي يبدعون بها. وهذا ينطبق على الأبناء في مختلف المراحل الدراسية.. بدءا من المدرسة واختيار التخصص (أدبي ، علمي ، معلوماتي..) او التخصصات الجامعية في مرحلة الجامعة.

اعتقد ان كل أسرة تعرف مستوى أبنائها من خلال نتائجهم المدرسية وعلاماتهم لذا يجب على الأهل عدم فرض رغباتهم وميولهم على ابنائهم.. وخصوصا اذا كان الاهل يعلمون ان ميولهم تختلف عن رغبات وميول الابناء وعدم قدرتهم على التحصيل الدراسي وبالتالي الإخفاق في الدراسة وتحميل الآباء مسؤولية سوء الاختيار.

من الضروري البعد عن التقليد الأعمى في اختيار التخصصات الدراسية للأبناء وذلك مجاراة للأقارب والأصدقاء والجيران.. والبعد عن المظاهر الاجتماعية.

من المعروف أن كثيرا من التخصصات العلمية في كافة فروعها ومجالاتها لها مكانتها الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع. فيرغب كثير من الاهالي التحاق ابنائهم بها دون ان تتناسب مع ميولهم وقدراتهم من باب المباهاة.

يجب ان يكون الأهل شركاء في إنجاح أبنائهم من خلال تسهيل وتذليل كافة العقبات التي قد تواجه تحصيلهم الدراسي سواء كانت عقبات مادية او نفسية واجتماعية.

رفقاً بالابناء أيها الآباء.. لا ضرورة للحوارات الساخنة الحادة التي يفرض فيها الآباء رأيهم على الابناء في اختيار التخصص الجامعي او حتى في اختيار شريكة العمر لاحقاً.. كثير من الطلبة في المرحلة الجامعية حولّوا الى تخصصات اخرى دون علم الآباء والاهل فعاشوا فترة تخبط دراسي ، تعثر اكاديمي ، وتدني معدلاتهم التراكمية.. في المحصلة تقلصت قدراتهم تحت وطأة ضغوط الاهل وتدخلهم اللامحدود في عملية رسم مستقبل ابنائهم.

والبعض منهم لتدني تحصيله ومعدله كان مصيره خارج الجامعات والانضمام لطوابير العاطلين عن العمل.

وختاماً: يجب ان نعرف جميعاً انه في الوقت الحاضر اصبح الأبناء اكثر وعياً وفهماً نتيجة ظهور التكنولوجيا.. فالشاب اليوم قادرعلى اختيار مستقبله العلمي او المهني وقادر على التعرف على متطلبات سوق العمل. ما نريد تأكيده للطلبة الخريجين ومن هم على مقاعد الدراسة بأن هناك وظائف عامة يمكن العمل بها بدلا من انتظار الوظيفة الحكومية.

في نهاية هذا المطاف أؤكد أنه ليس من الصحيح فرض الآباء اختيارهم على الابناء من دون ارادتهم او رغباتهم. فدور الاسرة والآباء يكون من خلال المراقبة والمتابعة المدروسة في مرحلة الطفولة من اجل اكتشاف ميول الابناء الفطرية وأوجه التميز لديهم في المجالات العديدة من الرسم والموسيقا والرياضة واللغة وغير ذلك. بعد ذلك تأتي خطوة تشجيع وحث وحفز هذه القدرات ، وصقل هذه المواهب في كل المراحل من قبل الآباء.. بما يحقق للابناء في المستقبل الرضا عن الذات ، والكفاءة في العمل.. والنجاح الباهر.. والاختيار الامثل لمستقبلهم بما يعود بالفائدة على الابناء والاهل والمجتمع وعلى الوطن بأكمله.

JoomShaper