لها أون لاين
الشباب هم أكثر فئات المجتمع اعتدادا بآرائهم، وأكثرهم دفاعا عما يعتقدون أنه الصواب، كما أنهم أكثر الشرائح الاجتماعية أنفة من الوصم بالتبعية أو الذوبان في الآخر وغياب ملامح الشخصية!
و على الرغم من صدق الصفات السابقة على جل الشباب، إلا أن الواقع الثقافي بمعناه الواسع ـ الذي يقصد به سلوكيات الحياة وأساليبها ـ يجعل شريحة عريضة من شباب المسلمين بعيدين كل البعد عن الاعتداد بآرائهم، ويجعلهم غارقين حتى آذانهم في التبعية وتقليد الثقافات الأخرى، ويتأكد ذلك من واقع سلوكياتهم ومعاملاتهم أنهم استهلكوا ثقافات الشرق والغرب، ولم يفكروا مرة واحدة في تذوق ثقافتهم وحضارتهم العريقة، التي تنطلق من قيم الإسلام وأخلاقياته وسلوكياته.
هؤلاء الشباب قد تعرفهم أنت، وقد تكون أحدهم دون أن تدري! فالاستهلاك الثقافي من أخطر أنواع الاستهلاك الذي يؤثر على الشخصية، ويصمها بالتبعية والانعزال عن التفرد والخصوصية الذي هو من أهم خصائص شبابنا كما ذكرنا.
إن تلبس الشباب بالاستهلاك الثقافي ليس بمعزل عن واقع المجتمع المسلم ككل، الذي فقد اتزانه بمرور الزمن وغابت عنه الكثير من سماته وخصوصيته المرتبطه بالإسلام سلوكا وقيما وأخلاقا.
وإذا كان هناك شريحة يتوجب عليها العودة بقيم المجتمع المسلم، والكف عن استهلاك ثقافات وعادات المجتمعات الغربية؛ فإن الشباب هم أول من يقود هذه العودة للذات للتمسك بقيمنا، والكف عن استهلاك أنماط كثيرة نمارسها في حياتنا اليومية أكثر من أن تحصى؛ وكلها ليست من ثقافتنا ولا من أخلاقنا كأمة مسلمة.
وكما كان الشباب هم طليعة التغيير المدهش في الواقع السياسي العربي، بما أثر على الخريطة السياسية للعالم، فإن عليهم أن يكونوا في طليعة العائدين لقيمنا وأخلاقنا؛ ليأخذوا مجتمعاتهم نحو الحياة الرحبة في ظلال الإسلام. ولكي يتمكنوا من العودة بمجتمعاتهم لقيم الإسلام وسلوكياته، عليهم أن يبذلوا الجهد الواسع لمعرفة حقيقة الإسلام من الوجهة الاجتماعية والحضارية والثقافية، وأن يزاحموا العلماء ليتعلموا منهم فنون الحياة الصحيحة، ومن ثم نقلها إلى سائر المجتمع
الشباب والاستهلاك الثقافي!
- التفاصيل