مالك فيصل الدندشي
لقد مضت الإجازة، ونحن في بداية عام جديد؛ ولذلك أحب أن أقدم بعض النصائح إلى بناتنا الطالبات، وبعض التوجيهات لعلها تنفعهن في حياتهن، وأود - أولا – من الطالبة التي تقتنع بكلامي ألا تسوف في التنفيذ؛ لأن تطبيق الشيء في غير أوانه لا يجدي كمن يزرع شجرة من أشجار الصيف في وقت الشتاء، أو يؤدي مناسك الحج في غير أيامها .
ابنتي الطالبة، الوقت يمضي ولا تستطيعين أن توقفي عجلاته، فإذا فات، فلن تقدري على استرجاعه؛ ولذلك احرصي على الاستفادة منه في الحال، وهو عمرك، ورصيدك، ورأس مالك، فإن كنتِ ممن وفقه الله تعالى، وعزم على نيل الفوائد في العام الدراسي، فاتبعي ما سأمليه عليكِ، وهذه نصيحة مجرب خبر الحياة، وعمل في التعليم سنين طوالا؛ ثم عاش طالبا قبل ذلك، وصحب أشكالا متنوعة من طالبي العلم.

في بداية العام الدراسي، أخلصي نيتك في طلب العلم، وابتغي به وجه الله تعالى، فيصبح مسعاكِ مأجورا، وعملكِ مشكورا.

عند استلام كتبك ودفاترك، يجب أن تعتني بها من حيث نظافتها وحسنها، ويكون ذلك بتجليدها، وكتابة اسمك عليها، وحفظها في محفظة، وإبعادها عن عبث الأطفال، أو رميها على الثرى، فإن لم تفعلي، فهذا دليل على عدم جديتك، واستهتارك بأدوات العلم التي إن حسن مظهرها صارت أكثر جاذبية مما لو كانت متسخة مشوهة كأنها جذع شجرة يابس منخور يلعب فيه السوس، كما أن اهتمامك بالجدول الدراسي ووضعه أمام عينيك، آية من علامات العزيمة على التزود من ينابيع المعرفة

القدوم إلى المدرسة منشرحة الصدر راغبة في ملاقاة زميلاتك ومعلماتك مسلمة عليهن مبتسمة في وجوههن، وأنت تلبسين الثياب الجميلة النظيفة، مبدية للمسؤولات في المدرسة الرغبة في التعاون معهن، ثم تتعرفين على مكان جلوسك في فصلك باعثة في نفسك الأمل المشرق والتطلع إلى الحياة بروح إيجابية فاعلة، حريصة على استقبال الحياة الدراسية وأنت تنظرين أن تكوني في المستقبل عضوة نافعة نفسك وأمتك، ومرضية ربك قبل كل شيء.

ابنتي الطالبة، ومن عوامل نجاحك في دراستك أن ما تأخذينه يوم السبت لا تؤجلي تنفيذه إلى يوم الإثنين، حتى لا تتراكم عليك الأعمال فتسأمين، فإن تعسر عليك أمر، فلا تخرجي من المدرسة حتى تفهميه، وكوني مشاركة في الفصل ففي هذه المشاركة فائدة عظيمة؛ ولا سيما إذا كنت ممن يحضر دروسه في البيت قبل أن تشرحها المدرسة لها في المدرسة.

اهتمي بتنفيذ ما يطلب منك تنفيذه في البيت؛ لأنه متصل بالعملية التعليمية ومغذٍ لها وداعم وسند، فإن طلبت المدرسة منك اختبارا على دروس معينة، فذاكريها جيدا، ولا تعتمدي على حفظ سابق، فذاكرة الطالبة يصيبها الكلل والنسيان، فتحتاج إلى أن تتعهدها صاحبتها بالمذاكرة والمعاودة والحوار والنقاش مع مدرستها وزميلاتها؛ فلا شيء أحسن من المدارسة لتثبيت المعلومات،

حاولي ما استطعت النوم مبكرة؛ إذ من بادر الصيد مع الفجر قنص، وبورك لهذه الأمة في بكورها،ولا ترهقي جسدك بالسهر، فتأتي إلى المدرسة وأنت تترنحين ذات اليمين وذات الشمال.

لقد تركت لك نصيحة لم أقلها ( هي جماع ما سبق )  أي: التي تساعدك على السير سيرا موفقا وهي: أن تبني حياتك على التخطيط ثم التنفيذ مراعية فيه قدراتك وظروفك حياتك ؛ لذلك منذ بداية العام ضعي جدولا لكل حركة من حركة حياتك، فعلى سبيل المثال: خصصي فيه أوقات الدراسة، والزيارة، والنشاط، والراحة، والنوم، والمطالعة الحرة، وقضاء حاجات المنزل ومطالبه، والجلوس مع الوالدين والإخوة والأخوات للمؤانسة والملاطفة.وحاولي إن فاتك شيء ممن مخططك أن تستدركيه في وقت آخر، فإن تعذر عليك، فراجعي مخططك فلعل فيه ما يصعب تنفيذه، المهم في الأمر ألا تتركي حياتك تسير هملا بغير هدى ولا بصيرة، فبرمجة الحياة على مشروع حياتك يعلمك النظام في العمل، والدقة في التنفيذ، وتقدير الوقت، ونبذ السلبية من حياتك، وهي من الآفات التي أصابت مجتمعاتنا وخاصة مجتمع طالبات العلم ، ولا مانع من مراجعة برنامجك بعد كل مرحلة من حياتك، وقد تضطرين إلى التعديل، أو الزيادة، أو الإضافة.

إن حياتنا موقوتة ، وإننا لم نخلق عبثا، وسوف نحاسب على كل صغيرة وكبيرة، فإن وجدنا خيرا، فلنحمد الله، وإن وجدنا غير ذلك، فلنتهم أنفسنا، ومن وراء كل فساد في مسيرتنا، وعلينا أن نستغفر الله مما ألممنا، ويا حبذا أن تكون محاسبتنا لأنفسنا كل يوم في آخر الليل ، ونطلب من الله تعالى السداد والتوفيق.

 

لها أون لاين

JoomShaper