العرب أونلاين- يمينة حمدي: من الثابت أن جميع البشر يمرون في حياتهم بتجارب عاطفية تختلف من شخص إلى آخر، ولكن جميعنا لا يعلم متى وكيف ومن يحب؟. البعض يدعي أنه يحب بعقله، وآخرون يحبون ينساقون وراء قلوبهم، وفريق ثالثيقرون بالحب من أول نظرة.
وقديماً قال الشاعر العربي "ملكت فؤادي عند أول نظرة، كما صاد عذريا أغن ربيب"، تلك الكلمات وغيرها مما حوته أبيات الشعر العربي، عبرت عن الحب من النظرة الأولى وقدرته على امتلاك القلوب من أول لحظة دون تحكم أو سيطرة من المحب الذي يقع صريعها.
وقد فسر البعض حالة العشق من النظرة الأولى لدى العرب الذين امتلأت أشعارهم بوصفه وتحليل جمال نظرات الحبيب، بالمناخ العام الذي كان يعيش فيه هؤلاء، صحراء شاسعة الاتساع، نجوم تملأ السماء، وهدوء لن تجد له مثيلاً، وهو ما يحدو بالشعراء الى الوقوع في الحب حتى من قبل النظرة الأولى، ولكن لكل انسان رأيه الخاص في مسألة الحب من أول نظرة.
فمن وجهة نظر فاتن محمد "32 سنة" الحب كلمة جميلة لها دلالات ومعاني انسانية نبيلة ولكن للأسف اليوم الشبان والفتيات قد استغلوا هذه القيمة الكبيرة ونزلوا بها الى الحضيض.
فعديد الفتيات يقلن انهن أحببن حبا جنونيا في فترة ما من عمرهن خاصة في مرحلة الجامعة وينبهرن بالشاب انطلاقا من مظهره الخارجي ولكن عندما يتعرفن عليه ويعرفن عن كثب شخصيته فإنهن يتراجعن في حبهن ويدركن أخطاءهن، والعديد من الشبان يخرجن مع فتيات ويوهمنهن بالحب وفي النهاية اذا فكرن في الزواج فإنهم يختفون من أمامهن في لمح البصر بالرغم من أن البداية كانت غير ذلك ومعظمهم يدعي أنه أحب الطرف الثاني من النظرة الأولى ولا يستطيع أن يعيش دونه، فأين ذهب الحب؟ هل تبخر؟!.
أما ثامر عبد المجيد "28سنة" فيقول "لا لست مقتنعا بالحب من النظرة الأولى فهو مجرد اعجاب لا غير والحب عامة شيء جميل ومهم في الحياة اذا كان حبا حقيقيا ولا تختفي وراءه أي مآرب ذاتية ولكن ما نراه اليوم من الشباب، يؤكد العكس، فكلمات الحب توزع هنا وهناك لمجرد التسلية بالآخرين.
كما أن هناك الحب المصلحي الذي أصبح يسيطر على حياة الشباب بصفة كبيرة، فالمادة أصبحت هي المحرك الرئيسي للمشاعر، ووكأننا أصبحنا في عصر كل شيء فيه يقدر بثمن " قل كم تملك أقول لك كم أحبك".
على خلاف ذلك تقول نهى الشابي "22سنة" "بالنسبة الي أنا من الذين يؤمنون بالحب من النظرة الأولى وتستدل على ذلك بتجارب سابقة عاشها اسلافنا وتناقلتها مدونات الشعر العربي كجميل بن معمر وقيس بن الملوح "مجنون ليلى" قائلة قد عاش أسلافنا قصص حب عذري حقيقي بكل جوارحهم ومنهم من أودى بحياته الحب، ولكني شخصيا لم أتعرض لهذا الموقف وربما لو كنت عشت التجربة لكان رأيي أكثر موضوعية".
ويشاطرها الرأي سمير جابر "40 سنة" الذي يستشهد بتجربته الخاصة معللا بقوله "ربما اليوم تتداخل المفاهيم وتختلف الآراء بشأن الحب ولكن هذا لايعني أن الحب الحقيقي قد ولا زمانه وانقضى، فأنا شخصيا قد عشت تجربة حب من النظرة الأولى وكللت بالنجاح وتزوجت بالفتاة التي أحببتها ونعيش الآن في كنف السعادة ولكن حالتي قد تكون نادرة ولكنها تؤكد أنه من الممكن ان يحب الانسان من النظرة الأولى وتكون مشاعره حقيقية ومتبادلة من كلا الطرفين"
أما من وجهة نظر العلم فقد أكد فريق من الباحثين في جامعة فلوريدا الأمريكية أن هناك أشخاصاً يتمتعون بجاذبية الوجوه والأشكال، يسحرون ويشدون أنظار الناس إليهم، بغض النظر عن المقومات التي تمنحهم تلك الجاذبية والسحر النفاذ إلى عيون وقلوب الآخرين، والتي تشبه إلى حد كبير قوة المغناطيس في جذب الأشياء إليه.
وأشار الباحثون إلى أن الإعجاب بشخص ما لا يشترط الانجذاب لكل صفاته، فقد تلتقي شخصاً فتعجب بمظهره، أو نظرة عينيه، أو طريقته في الابتسام، أو الكلام، أو حتى بلون عينيه.
وأكدت الدراسة التي أجراها الدكتور "جون مينر" وتم نشرها في مجلة "جورنال أوف بيرسونالتي أند سوشيال سايكولوجي"، أن حب النظرة الأولى يتم على المستوى البصري وهو ما أكدته الاختبارات التي أجريت على عدد من الرجال والنساء الذين انجذبوا بأبصارهم نحو شخصيات تتمتع بالجاذبية خلال أول ونصف ثانية من رؤيتهم لهم.
ويقول خبراء علم النفس بأن الحب من أول نظرة يشكل إحساساً سريعاً لدى الفتاة بالانجذاب نحو شخص لم يسبق لها لقاؤه، لإعجابها بإحدى صفاته كمظهره وقوامه أو ملامح وجهه وابتسامته ونظرته أو بطريقة كلامه ونبرات صوته أو تصرفاته. وتعتقد الفتاة الصغيرة إنها عثرت على فتى الأحلام الذي طالما كانت تتمنى أن تلتقي به.
ويشير الكاتب الأمريكي "أريك جودمان" بعد إجراء بحدث ميداني على مجموعة كبيرة من الشباب من الجنسين في المدارس الثانوية وبداية المرحلة الجامعية في نيويورك إلى أن الانطباع القوي الناجم عن اللقاء الأول بين الفتاة والشاب والذي يطلق عليه الكثيرون اسم الحب من أول نظرة، يكون خداعاً في أغلب الأحوال.
فقد يكون هذا الإحساس ناجماً عن ولع أحدهما بفكرة الحب نفسها أو لأن أحدهما حاول تجسيد صورة أو صفات المحبوب الموجودة في الخيال عند الآخر، ثم يتكشف له في المستقبل أن الخيال مخالف للواقع كما أن الإعجاب القائم على الشكل الخارجي وليس الجوهر الداخلي سرعان ما يتلاشى.
وعندما يكتشف المحب أن الواقع اختلف عن الخيال، وأن الحب من أول نظرة لم يسفر عن عاطفة مثمرة وأن المحبوب ليس الفتى أو فتاة الأحلام أو ذلك الملاك المرسوم في الخيال يعتريه إحساس بالإحباط والحزن والغضب ويشعر بأنه المسؤول الأول عن خداع نفسه.
فالحب الحقيقي لا يرتكز على النظرة الأولى للمحبوب وإنما يكون بالاقتناع الكامل بجوانب شخصية الشريك الآخر وطريقة تفكيره والعواطف المتبادلة، وأن تشعر الفتاة بأن الحب يغمرها وأنها وجدت شخصاً يشاركها أفكارها وأحاسيسها ويتعاطف معها ويهتم بها، وتشعر وهي بصحبته بالسعادة والراحة والطمأنينة فيكون لديها استعداد أن تقدم له قلبها دون أن تشعر بأنها تقدم أي تضحية.
ويضيف اتلدكتور الرخاوي: "على الرغم من اعتقادي في وهم الحب من النظرة الأولى، إلا أنه لكل قاعدة استثناءاتها، وأؤكد أنها مجرد استثناء لا يمكن التعويل عليه في نجاح الحياة الزوجية فيما بعد، لأن الزواج الناجح لابد ان يقوم على الحب الناضج الذي يدعم فيه كل طرف الطرف الآخر ويتقبل عيوبه وميزاته كما هي، ويعرف كيفية التأقلم والتعايش معها.
أما ما يسمى بالحب من النظرة الأولى، فإنه غالباً ما يحدث لدى المراهقين وهو سن البحث عن الحب وممارسة أي تجربة عاطفية بحكم تغير نسب الهورمونات في الجسم، وما يرافقها من تطلع إلى المرور بمثل تلك التجربة.
ولهذا فغالباً ما يشعر الفتى أو الفتاة في تلك السن بالصدمة التي قد تغير مجرى حياته عند فشل التجربة.
بين الوهم والحقيقة
- التفاصيل