أحمد يوسف المالكي
بداية لنرسم هذه الصورة في خيالنا ونعيش كالأطفال.. تخيلوا شخصاً ضخماً يمشي أمامكم، ويأتي إليكم بكل جبروته، لينفذ عليكم ما يحلو له من الضرب والشتم والنظرة الحادة، وبها يقتحم حياتكم الخاصة، ويحرمكم من كل شيء، لأجل خطأ أو تصرف، ربما صدر منكم عن جهل أو عمد.. يا ترى كيف ستكون رحلة التخيل معك عزيزي القارئ؟! بالطبع مأساوية.
ما صورته لكم في الفقرة السابقة لحظات يعيشها معظم الأطفال الذين يواجهون قسوة الآباء في إرسال التوجيهات الكلامية، والتي في الغالب يهرب منها الصغير ويغادر إلى عالم اللعب والجلوس الفردي، حتى لا يتعرض لأي أسلوب سلبي يفقده أعصابه ويدمر نفسيته، ومن ثم ينتهي هذا الأسلوب برحلة أخرى وهي ظهور عواقب نفسية يعاني منها الطفل طيلة حياته .
السؤال هنا ما الذي ينتظره الطفل من الرسالة الكلامية المرسلة من الآباء، هل التوبيخ والتجريح أو الإيجابية؟ للإجابة عن هذا السؤال علينا أن نتعرف على عقلية الطفل التي لا تستوعب جميع أنماط الرسائل، فهناك من الأطفال من هو شخص بصري وآخر حسي، والبعض سمعي، فالبصري لا تستهويه الرسالة الكلامية إلا بمزجها مع الصور والتفاصيل، والحسي يحتاج إلى اللمس.
إن الآباء يلجؤون للرسالة الكلامية نظراً لسهولة استخدامها، وظناً منهم أن مفعولها يأتي بنتيجة فورية، ويتغير معها سلوك الطفل في الحال، ولكن نحن بحاجة إلى التنويع في ترسيخ الرسالة التي نريدها، بحيث تكون واضحة، وتأجيل الكلام القائم على التوبيخ، واستخدام أساليب تحاكي عقليته ونضجه الفكري، دون استعجال في الإرسال.
لنعالج قوة الرسالة التي نريد أن يستقبلها الطفل فما دام أن الكلام هو أسرعها، لنحسن استخدام اللفظ، وذلك بترك التجريح المفرط وإسقاط اللوم، واستبدال ذلك بأسلوب الكلمة الإيجابية، واللجوء إلى العلاج الكلامي بالقصة وأسلوب المقارنة الإيجابي، والتمثيل، والأخذ بالرأي، والتفكير الممتع.
وأخيراً فإن الرسالة الكلامية هي بوابة الدخول إلى عقل وسلوك أطفالنا، لنجرب نظام الحكمة في الإرسال، وندخل عليها تحسينات، حتى يستقبلها الطفل بوعي يناسب عقله وعمره.;